#جريدة_الآن زايد الزيد: إذا كان التجار الصغار قد نجحوا بالتلاعب بالمواطنين فما الحال مع التجار الكبار في حربهم على المواطن؟
زاوية الكتابكتب زايد الزيد أغسطس 14, 2019, 11:53 م 763 مشاهدات 0
النهار
أصيبت الكويت خلال الأسبوع الماضي بأزمة كبيرة في أسعار السمك بسبب ما وصف بأنه تلاعب من قبل بعض التجار بالأسعار عبر تقليل المعروض في المزادات لرفع سعرها وبيعها على المواطنين والمقيمين بأضعاف أسعارها الحقيقية لتحقيق ربح أكبر.
وحاولت وزارة التجارة الضرب بيد من حديد على المتلاعبين عبر التهديد بسحب رخص الصيادين الذين حاولوا القيام بإضراب لرفع الأسعار، ونشر رجال الوزارة في أرجاء سوق السمك لمراقبة آليات البيع ووقف التلاعبات، ونجحت هذه الإجراءات إلى حد ما في ضبط السوق في بعض المرات، لكن في الكثير من الحالات كان التجار أقوى من قرارات الحكومة واستطاعوا الالتفاف عليها والبيع بالأسعار التي يريدونها هم.
ما يعنينا من خلال هذه الحادثة التي صارت «أزمة» والأزمات الأخرى المتعلقة بأسعار البيض والطماطم وغيرها من المنتجات المهمة للمائدة الكويتية، هو طريقة تحوّل إجراء إداري بسيط ومهمة تافهة مثل تحديد سعر سلعة ما، يستطيع موظف عادي في وزارة التجارة القيام بها إلى أزمة كبيرة تتصدر عناوين الصحف ويتناقل الناس الأخبار ومقاطع الفيديو الخاصة بها، وتصبح حديث الشارع الكويتي خلال أيام، وتتداخل فيها تصريحات نواب مجلس الأمة مع تبريرات الحكومة ليصبح المشهد مضحكاً مبكياً بشكل كبير.
وغالباً ما تكشف هذه «الأزمات» العادية والمتعلقة بجوانب بسيطة في الدولة، عن عوامل الفشل الكبيرة التي نعانيها، أما عن «أزمة» أسعار السمك فإنها كشفت لنا عن شيئين رئيسيين الأول هو فشل الحكومة في إدارة الأزمات العادية وتسيير شؤون الدولة بما يخص السلع الاستهلاكية والأعمال اليومية في الأسواق، وهو فشل قد يبدو مبرراً لدولة من النظام القديم في القرون الوسطى، فلو قلنا إن حكومة المدينة الفلانية عام 1300 من الميلاد فشلت في السيطرة على أسعار سوق السمك في الميناء لقلنا إن هذا يبدو أمراً طبيعياً بسبب آلية وشكل الدولة القديمة آنذاك، لكن أن يحدث هذا في ظل حكومة تدير مئات المليارات من أموالنا في الخارج، وتضطلع بمسؤوليات ضخمة جداً فهو أمر يدعو للسخرية وللخوف، السخرية من فشلها الذريع والخوف من أن أزمة حقيقية تصيبنا في المستقبل ولا تستطيع هذه الحكومة التي فشلت بالسيطرة على البيض والسمك أن تتدبر أمورها وبالتالي تتدبر أمورنا.
الأمر الثاني الذي كشفته هذه الأزمة هو مقدار تغول التجار في السيطرة على الأسواق الاستهلاكية وسهولة تحكمهم فيها، فتجار الأسماك هم من طبقة التجار المتوسطين الذين لا يملكون موارد ضخمة ولا أرصدة مليارية يستطيعون بها الضغط على الحكومة ومع ذلك فإنهم استطاعوا التلاعب بالأسعار ورفعها وفق ما يريدون، والسؤال الساخر الذي يطرح نفسه الآن بقوة، إذا كان التجار الصغار قد نجحوا بالتلاعب بالمواطنين فما الحال مع التجار الكبار في حربهم على المواطن؟
تعليقات