#جريدة_الآن د. حسن جوهر: زارنا الشيطان في 2 أغسطس بلا موعد ولا دعوة حاملاً معه كل معاني الغدر والخيانة واستباحة أرضنا وشعبنا!

زاوية الكتاب

كتب د. حسن جوهر 801 مشاهدات 0


الجريدة

يتجدد يوم الثاني من أغسطس ليعيد أذهاننا وعقولنا وقلوبنا إلى ذلك الماضي الأسود، حيث زارنا الشيطان بلا موعد ولا دعوة، حاملاً معه كل معاني الغدر والخيانة واستباحة أرضنا وشعبنا تحت ذرائع لا يليق بها ولا تليق به، كالوحدة العربية وتحرير فلسطين ومواجهة الغرب المستكبر، ولم «يسترجل» على ذلك كله فانتقم من جار صغير وشعب مسالم، ولكن السحر انقلب على الساحر، فخرج صاغراً ذليلاً ليعيد الانتقام من شعبه الأعزل الذي لا يزال يدفع ثمن غطرسته وغروره.

ذكرى الغزو العراقي في الثاني من أغسطس لا تزال ساخنة كحالة الطقس في هذا الوقت من العام، وتبقى مثيرة للقلق كما الوضع الإقليمي المستمر في توتراته ومناوشاته السياسية والأمنية، وهي ذكرى تجدد الألم بعدما نكئت جراحنا إثر اكتشاف رفات كوكبة أخرى من شهدائنا في دليل آخر على دناءة الأخلاق والقيم في التعامل مع الموتى بلا غسل أو تكفين.

هذه الصور الحزينة تقابلها مشاهد جميلة قوامها حب الكويتيين لبلدهم وأرضهم وما سطروه من تلاحم وطني وترفع على الخلافات والانتماءات إحساساً بمصير واحد مشترك وإيماناً بأن الهوية الكويتية وحياة الكويتيين هي نسخة معيارية لا يستطيع أن يعيش أي مواطن مهما تباينت آراؤه واختلفت خلفياته الفكرية وأولوياته السياسية وجذوره العرقية إلا في ظلها.

لكننا نتساءل: أين مثل هذه المشاعر الآن بعد ثلاثة عقود من الزمان وقد شهدت تعاقب أجيال جديدة؟ وأين تبخرت تلك الصور الرائعة من صفاء النفوس ورقة القلوب والإحساس بكويتية كل كويتي وقيمة كل مواطن؟ وأين راحت الغيرة على البلد بثرواته واسمه ومكانته ورصيده من كل أنواع الإنجاز؟ فلا يعقل لتجربة الغزو والاحتلال، رغم ما حملته من صور الرعب والدمار، وهي قصيرة جداً في البانوراما البشرية، أن تظل شماعة نعلق عليها الفشل تلو الفشل والإخفاق بعد الإخفاق وضياع البوصلة والرؤية والأهداف المستقبلية.

مؤشرات بلدنا على مختلف الصُّعُد تدعو إلى القلق، بدءاً بالخدمات العامة كالتعليم والصحة، مروراً بقصص الفساد والهدر المالي، وانتهاء بغياب الخطط والبرامج المستقبلية، وهذا ما يتطلب تعليق جرس الإنذار، وهذا هو المطلوب من تجدّد ذكريات تاريخية مهمة، كالغزو عام 1990، لتكون منعطفاً جديداً للمسيرة القادمة.

إن إهمالنا بحق ديرتنا والاستمرار في هذا النهج العقيم وخواء الكثير من مؤسساتنا وفي مقدمتها السلطات الدستورية سوف تضرب لنا مرة أخرى موعداً مع الشيطان، ولكنه من نوع آخر وفصيل مختلف، وهو شيطان الذات الذي إن هزمك فلن تقوم لك قائمة!

تعليقات

اكتب تعليقك