#جريدة_الآن زايد الزيد: فلنؤازر ديوان المحاسبة ونحمه.. ومن المهم حماية مشروع الرقابة الداخلية والمشاريع الأخرى من عبث العابثين

زاوية الكتاب

كتب زايد الزيد 835 مشاهدات 0


النهار

كتبت قبل يومين مقالاً أشيد فيه بقيام ديوان المحاسبة بتعزيز اجراءاته الرقابية عبر اقرار مشروع «نظام الرقابة الداخلية»، والذي رأيت فيه مشروعاً يهدف الى المراقبة المشددة على أعمال الدولة ومؤسساتها، وهو أمر كلما زاد زادت معه قوة الدولة ومتانة مؤسساتها كما نعتقد ونرى.

ووردتني في حقيقة الأمر الكثير من الاستفسارات عن ماهية «مشروع نظام الرقابة الداخلي» وآليته وسبب الاحتفاء به، لذلك وجدت لزاماً علي أن أوضح في هذا المقال بعض النقاط المتعلقة بالجانب الرقابي في أي دولة في العالم تملك مؤسسات وادارات تسيّر عمل الدولة وتقوم على مصالح الناس.

ان كل دولة في العالم تملك مؤسسات حكومية متعددة تعنى بمصالح مواطنيها في التعليم والعلاج والأمن وترتيب السياسة الخارجية والداخلية والاسكان والزراعة والطرق والبنية التحتية وغيرها، وتسمى هذه الجهات بالوزارات، وتبدأ هذه الوزارات عادة بنواة صغيرة من الموظفين حيث يسير العمل فيها بسلاسة ويُسر، لكن مع زيادة أعداد المواطنين وزيادة مسؤوليات الوزارة تتحول هذه المؤسسة الى «شبح بيروقراطي» كبير تضيع فيه المعاملات وتتوه فيه المسؤوليات، وكلما ازداد عدد الادارات والموظفين واللجان المشكلة فيها قلت الانتاجية والكفاءة وهو أمر نراه رأي العين في كل وزارات الدولة في الكويت تقريباً.

لكن هذه الوزارات فوقها جهاز رقابي مسلّط على رقبتها وهو ممثل بديوان المحاسبة في الكويت الذي يراقب أعمالها ومصاريفها وايراداتها وآليات توظيفها وغيرها، ما يعني أنها محكومة بجهة رقابية تدقق في كل تفاصيلها.

ودأب ديوان المحاسبة في تقاريره الرقابية السنوية على التأكيد على نقطة مهمة وهي «قصور نظام الرقابة الداخلي في الجهات الحكومية»، ما يعني تشتت العمل وقلة الانتاجية وعدم كشف الأخطاء بشكل سريع اضافة الى وجود عراقيل كبيرة في عملية نقل الأوراق والملفات وحتى الموظفين.

حتى ان تقرير دراسة أجراها مجلس الأمة عام 2001 حول الدور الرقابي لديوان المحاسبة ذكرت صراحة بأن الحاجة باتت ماسة الى وجود نظام الرقابة الداخلي لانهاء حالة الفوضى التي يستغلها بعض الفاسدين داخل الأجهزة الحكومية، حيث تمت مراسلة مسؤولي ديوان المحاسبة آنذاك من قبل القائمين على الدراسة في مجلس الأمة دون ردود تذكر بحسب ما ذكروا، وأوصت الدراسة باقرار عاجل لنظم الرقابة الداخلية لكن الاستجابة لم تأت الا للتو في العهد الجديد للادارة الحالية.

وبحسب المشروع الطموح فان ديوان المحاسبة سيقوم بدراسة الجهات الحكومية المشمولة برقابته، ومن ثم وضع نقاط الضعف والخلل فيها والعمل على تلافيها، لكن النقطة التي لفتتني في المشروع هو وضع منهجية كاملة ودليل للرقابة الداخلية لتقوم الجهات الحكومية باتباعه لتلافي وجود أخطاء كبيرة يكشفها ديوان المحاسبة نهاية العام، والأهم من ذلك كله أن المشروع يتضمن تدريب كوادر وطنية شابة على يد أعرق المؤسسات الأجنبية المتخصصة في هذا المجال الرقابي.

ان سبب احتفائنا بهذا المشروع والمشاريع الشبيهة هو ايماننا الراسخ بأن الدولة الناجحة عبارة عن مؤسسات تتم مراقبتها من قبل مؤسسات أخرى، وهو المعنى الحقيقي للكلمة الشهيرة التي نتمنى أن تحدث في واقعنا «دولة المؤسسات» التي لطالما نادينا بها طوال مشوارنا الكتابي والصحافي.

لكن المهم هو حماية هذا المشروع والمشاريع الأخرى من عبث العابثين والتأكيد على توظيف أكفأ الكفاءات الوطنية دون اعتبارات أخرى غير الكفاءة.

تعليقات

اكتب تعليقك