#رأينا_الآن هكذا نخفف آثار حرارة الصيف ونشجر الكويت بالعلم والفكر ومن دون تعيينات الواسطة
محليات وبرلمانالآن يوليو 7, 2019, 2:03 م 568 مشاهدات 0
افتتاحية الآن
درجات حرارة تاريخية تعيشها الكويت هذه الأيام وصلت إلى ٦٠ درجة مئوية في بعض نواحي البلاد، كل هذا بسبب جغرافية ربانية حتمت علينا أن نعيش في مكان مثل هذا، إضافة إلى عوامل إنسانية ساهمت في زيادة درجات الحر حول العالم منها ثقب الأوزون والاحتباس الحراري وزحف التصحر نحو المناطق الحضرية والزراعية.
ومع إيماننا بأنها مشكلة عالمية، حلها يحتم وجود مئات العلماء في قاعات البحث والمختبرات والمؤتمرات، إلا أن بعض الحلول العاجلة لتخفيف درجات الحرارة في بعض مناطق البلاد وإيقاف عوامل التصحر التي تزحف علينا بفعل العواصف الترابية التي باتت سمة ظاهرة من سماتنا في فصول الصيف، فإن هناك حلولاً بسيطة يعرفها طلاب المدارس المتوسطة والثانوية قبل العلماء، ويعرفها الصغار قبل الكبار، وأهم هذه الحلول هو التشجير وتوسيع المساحات الخضراء في البلاد لأكبر رقعة ممكنة.
وبما أن الله حبانا نعمة لم يعطها لكثير من الناس، وهي نعمة النفط، وبما أننا نملك هيئة للثروة الزراعية والسمكية تُصرف عليها ملايين الدنانير سنوياً، فإن للمواطنين الحق في التساؤل، ماهي الخطة التي تملكها الجهات المسؤولة عن الزراعة لتشجير البلاد؟ أو دعونا نصيغها بطريقة أكثر دقة ومهنية، هل تملك الجهات المسؤولة خطة لتشجير البلاد؟ وهل هناك أي أحد لديه فكرة عن التشجير أصلاً وفوائده وأهميته وضرورته الملحة في هذه الفترة بالذات؟
في حقيقة الأمر فإن اهتمامات الكويتيين بالتشجير بدأت في منذ فترة ما قبل تأسيس الدولة، لكنها مرت بمنعرجات كثيرة بسبب بدائية العمل وعدم وجود تطور كبير في تقنيات الزراعة، وسمعنا منذ عقود عن خطط قدمتها شركات يابانية وغربية للكويت في سبعينيات القرن الماضي لتشجير البلاد وتحويلها لجنة خضراء لإيقاف التصحر الذي كان قليلاً في ذلك الوقت، لكن المشروع كغيره من مشاريع الدولة التنموية الأخرى، غرق في بحر البيوقراطية القاتلة والروتين الحكومي الذي لم يترك بذرة طموحة إلا ووأدها.
ومنذ ذلك العهد ظلت مشاريع التشجير مجرد واجهة وشعارات حكومية تُقال في التلفاز بين الفينة والأخرى ، وتنظم من أجلها حملات إعلامية تُصرف عليها الملايين في التلفاز والصحف وإعلانات الشوارع، ورغم اهتمام القيادة السياسية بمشاريع التخضير، فإن الجهات التي أُسند إليها الأمر لم تكن بقدر المسؤولية في يوم من الأيام.
وللأسف الشديد فإن هناك خلطاً عجيباً تقع الكثير من الجهات المسؤولة في الدولة فيه، وهو الخلط بين الزراعة التجميلية وبين التشجير والتخضير الذي يستهدف صد التصحر الذي يزحف نحونا.
ولا نبالغ إن قلنا أننا فشلنا في الاثنين، فشلنا في التجميل وفشلنا في التخضير.
ففي مشاريع التجميل، بدلاً من أن تصرف الحكومة المزيد من المبالغ والميزانيات على الهيئة العامة للثروة الزراعية، نجدها تأمر بتقليص ميزانيات "الزراعات التجميلية" بواقع ٦٠٪ دون تقديم أسباب واقعية وحقيقية.
أما لو ناقشنا تطبيق هيئة الزراعة لمشاريع الزراعة التجميلية، فإننا سنجد العجب العجاب، أولها عدم العدالة في الزراعات التجميلية في المناطق فكثيراً ما نجد قيام هيئة الزراعة بتجميل وتشجير مناطق محددة ومعينة داخل الكويت حتى يتراءى للداخل إليها أنه في بلدة أوروبية أو من بلدات دول ساحل الأبيض المتوسط، ولا يقتصر التجميل على الورد بألوانه في فصل الصيف بل يمتد إلى الأشكال الهندسية على الجميلة على الدوارات وبين الشوارع .
أما المناطق الأخرى من البلد والتي نعبر عنها بالمناطق الخارجية فإنها تبدو مقفرة مثل صحراء قاحلة كأن "ميزانية التجميل" لا تعلم عنها أي شيء.
وليت أن هناك تخطيطاً بسيطاً يسبق مشروعاتنا الخاصة بالتشجير والتخضير، ليت أن هناك تخطيطاً بسيطاً على الأقل قبل كل هذا، فبدلاً من زراعة أشجار صحراوية تتحمل درجات الحرارة القاسية وتصد الغبار ولا تستهلك الكثير من المياه مثل الإثل والعرفج والسدر، نجد أن الجهات المسؤولة – سامحها الله – تزرع نباتات تستهلك الكثير من المياه مثل النخيل (تم إطلاق مشروع لزراعة ربع مليون نخلة برعاية حكومية دون دراسة فوائد أو أضرار هذه المشاريع!) أو نبتة الكوناكابرس القاتلة، التي تبين بعد ٢٠ عاماً من دعم الدولة لها وزراعتها في كل مكان، أنها نبتة تدمر التربة وتزحف جذورها نحو البنايات وتلتف عليها وتقوم بتخريب الأنانبيب والأبراج، لكن المسؤولين رأوا في السابق أنها الأقل كلفة والأسرع نمواً فغلّبوا النتيجة السريعة على الآثار البعيدة.
ولو جمعنا الميزانيات المخصصة للتجميل في السنوات العشر الماضية، قبل أن تتعرض للتخفيض. فإننا نزعم أنها ستكفي لتشجير دولة كاملة، لا مجرد تزيين عدة شوارع بأشجار رخيصة وغير صحية وتستهلك الكثير من المياه.
هذا بالنسبة للتجميل، أما الحديث عن التشجير الذي يهدف إلى خفض درجات الحرارة، فإن مجلدات لن تكفينا لتوضيح التخبط الحكومي في هذا الملف، تخبطٌ بلغ مداه إلى درجة جعلت منظمات المجتمع المدني والأفراد هم من يقوم بالتشجير على حسابهم الخاص، بل إن بعضهم يقوم بشراء الشتلات الزراعية وتوزيعها بنفسه على المناطق وزراعتها في البراري وبناء الأحزمة الشجرية لدرء الغبار وعوامل التصحر القاتلة.
ما الذي نحتاجه للتشجير اليوم؟
نحتاج اليوم للتشجير تشكيل جهاز وطني بسيط، بعدد أعضاء بسيط جداً (حتى نبعتد عن تعيينات الوساطات والترضيات التي حدثت في الهيئات الحكومية الجديدة) ويتولى هذا الجهاز المكون من مجموعة من الخبراء التخطيط لتشجير الكويت تشجيراً تاماً وتحويلها إلى أدغال غابة خضراء لوقف التصحر وتخفيف درجات الحرارة ووقف زحف حبيبات الرمل المتطايرة نحو الطرق السريعة والرئيسية .
ومن وجهة نظر فلا يشترط أن يكون هذا الجهاز ممولاً من الحكومة في عمليات التشجير، بل تتولى الشركات الخاصة الكبرى، التي تستفيد من التسهيلات المالية التي تقدمها لها الدولة وتُقدر بمليارات المليارات، وتقوم بالتبرع بمبالغ مالية بسيطة لتمويل أبحاث وأعمال هذا الجهاز، وفي غضون ٥ سنوات فقط سنرى نتائج مذهلة تتعلق بانخفاض مستويات التلوث وحتى درجات الحرارة والغبار والتقلبات الجوية.
لكن المسؤولين الذين يجلسون على مكاتبهم وعلى كراسيهم ويرفضون التحرك قيد أنملة لفائدة الشعب، سيعيقون هذا المشروع، لذلك فإن الحل السحري لأي مشكلة في العالم يكمن في تنظيم الناس لأنفسهم والدعوة بكافة الوسائل المتاحة لعملية تخضير وتشجير واسعة.
تعليقات