الجاسم : علاقة مجلس الأمة ومجلس الوزراء مضطربة

زاوية الكتاب

كتب 490 مشاهدات 0


يمكن القول بلا تردد ان العلاقة بين مجلس الأمة ومجلس الوزراء في الكويت علاقة مضطربة في إطارها السياسي وفي إطارها الدستوري كذلك، وهي في حاجة شديدة لعملية إعادة ترتيب جذرية. كما إن العلاقة بين مجلس الأمة والقضاء أيضا مصابة بالكثير من الخلل. ولو حاولنا إعادة ترتيب العلاقة بين سلطات الدولة، فإنه لابد من وجود 'مرجعية' تستند إليها عملية إعادة الترتيب. وإذا كان الدستور هو المرجعية المناسبة للتحكم في تلك العلاقة بين في الإطار الدستوري، فإن الأمر يتطلب فهم واستيعاب المبادئ والأفكار والنصوص التي وردت في الدستور وفي مقدمتها مبدأ التعاون بين السلطات، وكذلك فهم واستيعاب حدود اختصاص كل سلطة من السلطات العامة الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية. وقبل إن نستعرض المفهوم الدستوري لمبدأ التعاون بين السلطات، يجب الإقرار بان 'أصل المشكلة' لا يكمن في غياب الفهم الصحيح وإنما جوهر المشكلة هو 'الفكر السياسي' السائد سواء في عقل مؤسسة الحكم أو في عقل البرلمان أو في ضمير السلطة القضائية. فهذا الفكر السياسي يتفوق على كل المفاهيم الدستورية بل انه يلغيها تماما. فالفكر السياسي، إن جاز استخدام هذا الوصف، الذي يؤمن بضرورة 'شراء' ذمم أعضاء في البرلمان ويدعم 'نواب الفساد' ويدفع نحو التخلص من وجود مجلس الأمة، لا يمكن تذكيره بالدستور وأحكامه، ولا جدوى من 'تعليمه' المبادئ الدستورية. كما إن الفكر الذي يعتمد أصحابه في وجودهم السياسي على دغدغة عاطفة الجمهور وعلى الغوغائية لا يمكن أيضا إقناعه بأهمية الالتزام بنصوص الدستور ولا جدوى أيضا حتى من مناقشته في أصول العمل البرلماني. كما إن الفكر الذي يعتبر القضاء 'جهاز مقدس' لا يجوز انتقاد قراراته أو إخضاعها للرقابة هو أيضا فكر لا ينتمي إلى الواقع ولا يفقه أصل الوظيفة القضائية. وفي الكويت، وكما يظهر واقع العلاقة بين سلطات الدولة الثلاث، لدينا من يؤمن بالأفكار السابقة. فالحكومة والمؤسسة الحاكمة تريد برلمانا مهادنا طائعا على الدوام، والبرلمان يريد حكومة تابعة له تستأذنه قبل اتخاذ قراراتها، والقضاء يريد حصانة مطلقة تخرج أعماله من نطاق الرقابة. ولو كان أصل هذا الخلل 'الثلاثي' يتصل بالفهم الدستوري لهانت المشكلة، لكننا ندرك أن للخلل أسباب أخرى بعضها له صلة بالتطور السياسي والاجتماعي، وبعضها الآخر له صلة بتدني مستوى الكفاءة العامة في الدولة، وبعضها الآخر له صلة بالفهم الخاطئ! على أي حال، فإن وجود أسباب عدة للخلل في الجذري الذي نشهده في العلاقة بين سلطات الدولة لا يمنعنا من محاولة تقديم 'وصفة' دستورية يمكن من خلالها حل بعض الإشكالات التي تعاني منها العلاقة بين السلطات. وللحديث بقية. محمد عبدالقادر الجاسم
عالم اليوم

تعليقات

اكتب تعليقك