#جريدة_الآن زايد الزيد: بعثرة أموالنا في صندوق التنمية

زاوية الكتاب

كتب زايد الزيد 750 مشاهدات 0


النهار

مما لا شك فيه أن القروض والمنح التي تعطيها الكويت للدول الأخرى لها وقع إيجابي كبير من النواحي السياسية والاقتصادية والشعبية في الدول العربية والدول النامية حيث إنها تسهم في إعمار هذه البلدان وتجني للكويت منها المكاسب والأرباح على جميع الأصعدة.

لكن تقارير ديوان المحاسبة حول آلية منح هذه القروض المليارية و«بعثرتها» تبعث على القلق وتجعلنا نتساءل عن الغايات التي تصرف بها بعض القروض لبعض الدول النامية وهل هناك من شبهات تنفيع وإهمال متعمد خلفها؟

وتقول تقارير ديوان المحاسبة إن الصندوق الكويتي للتنمية العربية وهو الجهة التي تشرف على إعطاء القروض والمنح للدول العربية والنامية قد أحجم عن افتتاح مكاتب إشرافية في البلدان التي قام بمنحها قروضاً تصل إلى مليارات الدولارات دون تقديم سبب واضح يبرر عدم قيامه بهذه الخطوة التي تعد من أبجديات العمل المالي.

كما أن هناك لجاناً ومنها لجنة التدقيق والتفتيش التي تتبع بشكل مباشر مجلس الإدارة قد همشت وأوقف عملها تقريباً بحسب ما يقول ديوان المحاسبة علاوة على أن باب التوظيف فيها مغلق منذ 10 سنوات، وفوق كل هذا فإن ديوان المحاسبة سجّل وجود تجاوزات بتعيين أشخاص من تخصصات غير مالية رغم أن عملهم يتطلب التخصص المالي كونه متعلقا بالتدقيق، أي أن الصندوق شبيه بالمستشفى الذي يقوم بتوظيف خريج الحقوق كممرض!

هذه التجاوزات الكبيرة وهذا الإهمال الفاضح في القروض المليارية كشف عنها ديوان المحاسبة، وهو الجهة التي مازالت تمارس عملها الدؤوب والمخلص في مراقبة كل دينار يخرج ويدخل من أجهزة الدولة في عمل أقل ما يقال عنه أنه تاريخي ويجب أن يُشكروا عليه، فرغم الوهن الذي أصاب بعض أجهزة الدولة وتغلغل الفساد والمحسوبية فيها، لا تزال تقارير ديوان المحاسبة خارجة عن سياق المجاملات والمحسوبيات غير مفرقة بين إدارة معينة داخل الدولة وإدارة أخرى، فالكل سواسية أمام مشط الرقابة.

والواجب اليوم على أعضاء مجلس الأمة الذين انتخبهم الشعب أن يلتفتوا التفاتة حقيقية للوقوف على تقارير ديوان المحاسبة حول هذه القروض المليارية التي يتم إهمالها والتسيب في تحصيلها وإدارتها بسبب شبهات الفساد والكسل وعدم الكفاءة في العمل، وعليهم ألا يكتفوا بتوجيه التحذيرات عبر لجنة الميزانيات بل يكونوا أكثر حزماً وشدة للحفاظ على أموال الدولة.

إن من العجيب المضحك أن الحكومة التي ترفض حتى مناقشة ملف القروض المصرفية التي يرزح تحتها المواطنون، وتحاول الترويج لمشاريع رفع الدعم عن السلع الأساسية وزيادة أسعار الوقود وفرض ضريبة القيمة المضافة، هي ذات الحكومة التي تهمل أموال الدولة وتبعثرها في الخارج دون حسيب ورقيب في مشهد يكاد المواطن الكويتي أن يمزق ثيابه من فرط تناقضاته.

تعليقات

اكتب تعليقك