#جريدة_الآن خالد الطراح : تحمل المسؤولية السياسية واستقالة الحكومة بأكملها، من الخيارات المستحيلة بسبب تجذر المرجعية لدى البعض في القبيلة والطائفة والمتنفذين

زاوية الكتاب

كتب الآن 750 مشاهدات 0


تشهد الكويت تطوراً خطيراً نتيجة غياب هيبة القانون منذ عقود، فقد بدا واضحاً توغل الفزعات القبلية والطائفية والمناطقية في مجتمع، يفترض أن تحكمه قوانين تستند إلى دستور الدولة. 

من المسؤول عما شهدته الكويت أخيراً من إطلاق أعيرة نارية عند سور إحدى الجامعات بين «ضابط وشرطي مباحث» من وزارة الداخلية؟ المسؤولية سياسية بالدرجة الأولى واجتماعية أيضاً، فالحكومة رعت بل وباركت على امتداد تاريخي مثل هذه الفزعات، حيث تنامت المرجعية القبلية والطائفية. 

فقد انتقلنا بفضل سياسة المحاصصة في تشكيل الحكومات، وتعزيز النزعات الفئوية والقبلية والطائفية، إلى استمراء بعض رجال الأمن كسر القوانين قبل غيرهم، واستغلال سلاح المؤسسة الأمنية لأغراض غير أمنية! نشر الرعب والفزع في المجتمع يحدث أحياناً على يد بعض أفراد المؤسسة الأمنية، بدلاً من ترسيخ الأمن والأمان في المجتمع! فالسجن أصبح ليس للمجرمين وحدهم وإنما لبعض رجال الأمن، منهم من حمل السلاح وقتل أبرياء وأثار الفزع بين الناس، ومنهم من استباح المال العام، وهذا برهان على التحدي السافر للقانون، من خلال ثقافة ترعرعت في أحضان حنونة للحكومة، التي تتنفس الصعداء في ظل فزعات تغتال قوانين الدولة، وانتشار لنزعات المرجعية فيها ليس للدولة والقانون. 

نحن لسنا بمأمن مما يجري حولنا، خصوصاً كأفراد شعب أعزل من السلاح، وينبذ القبلية والطائفية والمناطقية، فقد أصبحنا اليوم هدفاً محتملاً من رجل أمن متهور وآخرين في منافذ الدولة البرية والجوية، فلولاهم لما هرب من هرب من المطلوبين للعدالة، ولولاهم لما تفشت ظاهرة انتشار المخدرات بأشكال متنوعة حصدت أرواح الأطفال والشباب من الجنسين! ماذا يعني كل ذلك؟ يعني انهياراً تدريجياً لدولة المؤسسات، ويعني أيضاً إخفاق المؤسسة الأمنية في تطبيق القانون والانضباط العسكري، بينما الحكومة تنشغل بتشكيل لجان تحقيق، تكريساً لدور مفقود أساساً على الصعيد الأمني! أصبح النصب والاحتيال والقتل العمد وسوء استغلال المناصب الأمنية والرسمية عند البعض ممارسة مشروعة! الأمن لم يصبح من نصيب الشعب، بل من نصيب متنفذين ومسؤولين في الدولة، فالعقاب له تفسير آخر يناقض قواعد القانون والدستور أيضاً. 

فرئيس الحكومة الحالي نجا من استجواب تلو الآخر، وكذلك رئيس الحكومة السابق، وهو ما يؤكد تجذر المرجعية عند بعض للقبلية وللطائفة وللمتنفذين، وهو مؤشر نحو نجاح الحكومة في تقسيم الولاءات في المجتمع! أصبح مبدأ تحمل المسؤولية السياسية واستقالة الحكومة بأكملها، من الخيارات المستحيلة، طالما هناك جمع من نواب الأمة الذين يغضون الطرف عن حكومة غير قادرة على الإدارة.

 إن تشكيل لجان التحقيق لن يصلح اختلال ميزان تطبيق القانون وعودة هيبته، فنحن نشهد انحرافاً سياسياً وأمنياً ودستورياً، بسبب تغييب الحلول التي قد تنتشلنا من حالة الشلل في اتخاذ القرار الحكومي والتردي والتراجع على جميع المستويات.


تعليقات

اكتب تعليقك