#جريدة_الآن يوسف عبدالرحمن: يا ناس من أعطاكم الحق في تصنيف الناس؟
زاوية الكتابكتب يوسف عبد الرحمن يونيو 16, 2019, 10:51 م 775 مشاهدات 0
الأنباء
أنتَ، أنتِ، أنتما، أنتم، أنتن، يا ناس من أعطاكم الحق في تصنيف الناس؟
اليوم سأطرح موضوعا غاية في الأهمية والحساسية، وهو قضية (تصنيف الناس بين الظن واليقين أو اللامبالاة أو القصد السيئ أو.. أو.. أو)!
هناك أصوات بغيضة لا أعرف تصنيفها (جاهلة - قاصدة - متعمدة) تصنف الناس وأراها جناية عظيمة في قضية أصول الاعتقاد؟
قال تعالى: (إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هيّناً وهو عند الله عظيم) النور 15.
مهمة المصلحين والمعلمين والإعلاميين والتربويين ونُشَّاد الإصلاح أن يسعوا اليوم ليتعلم الناس أهمية التزام الحكمة وعدم تصنيف الناس حسب أهوائهم المريضة، يقول الشاعر أحمد شوقي:
وقد يموت كثير لا تحسهم
كأنهم من هوان الخطب ما وجدوا
على الدعاة من منابرهم والمعلمين من قاعات الدرس والمصلحين كل في مكانه أن يبدأوا بتعليم الناس أهمية البعد عن ظاهرة تصنيف الناس!
والبعد عن الثرثرة والأهواء ونقد الناس من منطلقاتهم وأجندتهم دون مراعاة لشرطي النقد وهما: العلم وسلامة المقصد!
دائما العلم يحتاج منا الى ثبوت بنيانه وأدلته الشرعية اليقينية على المدعي به في مواجهة أهل البدعة والهوى ودعاة الضلالة والفتنة وإلا كان مقصده ومقاله هباء وإثماً!
أما إذا كان القصد لله عز وجل وكان النقد بمنزلة من يقاتل حمية ورياء وهو ما نسميه (مدارك الشرك في القصد) باختصار تلبس، والمقصد تشهير وتنفير وصد عن سواء السبيل.
ما أحوج هذه الأمة والمجتمع الكويتي على وجه الخصوص الى التوقف عن التشهير والصياح بلا وكس ولا شطط، ونقول جميعا كلمة الحق بميزان الرشد والعدل وبعيدا عن الأهواء والأجندات والإقصاء والأوهام والآثام!
نسمع رمي هذا بمتطرف ومتعصب ورجعي وأصولي وماسوني وعميل و.. و.. و..!
تصيد للعثرات وتتبع للزلات ولا يسلم أحد من هذه التصنيفات أو إذا أفلسوا قالوا: حكومي (وكأنها تهمة)،هامتستر أي متخفّ أو محايد.. إلخ!
هكذا هي (اتهامات متجنية) تطرح بصبغة خبيثة عن فلان أو علان أو فلانة!
وإذا ما وجدوا شيئا دخلوا في (النيات) والنوايا لا يعلمها إلا الله قد أغفر للجاهل فعلته، ولكن إن كان المحدث في هذا الأمر شيخ دين أو إمام منبر فلا عذر له، خاصة إن كان قاصدا الديانة والصلاح.
ذات مرة قال أحد الدعاة أنا لا أذكر أحدا إلا بخير ولا أحب الغيبة ولا النميمة ولا الكذب ولا الادعاء، ثم بدأ (فلان مسكين فعل كذا وكذا) وفي القضية الفلانية (كيت وكيت).. فقلت يا شيخ ليتك سكت؟
لقد اغتبته بما فيه الكفاية وهذا لا يجوز وانسحبت، وعلمت أن صاحبنا به أعظم مرض وهو (المرض القلبي)!
لقد أظهر الغيبة في أقبح صورة بزخارف قوله وفي غياب (الطرف الآخر).
٭ ومضة: أنا لا أحب (الشناعة) والفجر في الخصومة والشهوة الجامحة في الوقيعة والتجريح وتحقير الناس وعكس هذا كله في حال (منح الألقاب) بقصد الغرور والكبر والطاووسية والاستعلاء!
كلنا لا نحب (المتربص) المتوثب الذي يبني اتهاماته من الأوهام!
وهناك (النصرة الجميلة) القائمة على محاسن الدين والأخلاق في حالة الاختلاف والشقاق، قال تعالى: (فشرد بهم من خلفهم لعلهم يذكرون) الأنفال 57.
ولهذا كله نقولها صريحة: تصنيف الناس اعتداء وتجريح بغيا وعدوانا، ولهذا تبرز اليوم (الشريعة الإسلامية) الغراء في بيان الترهيب من مغبة النميمة والكذب وآفات اللسان والقلم وكل أدوات (الميديا) والتواصل الاجتماعي!
٭ آخر الكلام: الرقابة الذاتية تبدأ من فهم الرقابة الشرعية لكف الأذى عن الناس في أعراضهم ودينهم ونسبهم ومالهم وعقلهم!
أتوقف عند خطبة الرسول صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع يوم قال: «إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ألا هل بلغت»!
إن علينا دائما إطفاء مثل هذه الفتن بعيدا عن التربص والتصيد والترصد! قال الشاعر:
مـــن ذا الــــذي مـــا ســــاء قـــط
ومـــن لـــه الحســـنى فــقــــط
٭ زبدة الحچي: مجتمعاتنا العربية والإسلامية مازالت تتصيد وتعمل بسوء الظن وتحمل كل التصرفات (قولا وعملا) على محامل الشكوك والسوء والظن والتناوش والتربص والترصد!
داء خبيث هذا (التصيد) يعمل وفق الشهوات والأهواء وبطاريته (التصنيف) ظنا ويقينا والأكثر دون دليل والدافع هو (العداوة)، إما للتوجهات الفكرية أو العقدية وبعيدا عن الشريعة باتباع الهوى، قال تعالى: (ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله) القصص 50.
٭ النصيحة: إلى كل من يمارس التصنيف أهديه:
قدر لرجلك قبل الخطو موضعها
فمن علا زلقا عن غرة زلجا
أقول لكل من ناله (التصنيف الظالم) الجزاء من جنس العمل، فكم واحد أُهين وظلم وقذف ابرأه الله عز وجل، وعليك بالصبر فإن الصبر مفتاح الفرج.
واستمسك بما أنت عليه من الحق ولا تبتئس ولا تحزن ولا يثنيك هذا الإرجاف عن موقفك متوكلا على مولاك، واعلم أن الأمور مرهونة بحقائقها، أما الزبد فيذهب جفاء.
تعليقات