#جريدة_الآن مشاري ملفي المطرقّة: لا نريد الاستجوابات طالما لا تحقق الأهداف التنموية ولا تحل مشاكل المواطنين

زاوية الكتاب

كتب مشاري المطرقة 898 مشاهدات 0


الجريدة

على مدى السنوات الماضية استخدم نواب مجلس الأمة الاستجوابات كوسيلة ضغط على رئيس الوزراء والوزراء لتحقيق أهداف تخدم المصلحة العامة أحيانا ورغبات المستجوبين الذين يبحثون عن التلميع والتكسب الانتخابي والشعبوي، وفي كلا الحالتين لم تحقق هذه الاستجوابات المراد منها ولم تقدم ما يفيد الوطن والمواطنين، وتحولت إلى صفقات تعقد بين النواب والحكومة، فإذا استطاعت الحكومة أن تضمن ولاء بعض النواب وتصويتهم لمصلحتها يقبل الوزراء الاستجوابات ويصعدون المنصة وقلوبهم مطمئنة ساكنة، وإذا شعرت الحكومة أن موقفها ضعيف دفعت الوزير المستجوب إلى الاستقالة، وتنتهي الحكاية دون إصلاح للخلل وعلاج للمحاور التي تضمنها الاستجواب. 

والملاحظ في دور الانعقاد الحالي أن وتيرة الاستجوابات ارتفعت، حيث تم تقديم استجوابين بحق وزير الدولة لشؤون مجلس الأمة السابق عادل الخرافي، ومثلهما لوزيرة الشؤون الاجتماعية السابقة هند الصبيح واستجوابين بحق سمو رئيس مجلس الوزارء واستجواب بحق وزير النفط والكهرباء والماء السابق بخيت الرشيدي، واستجواب لوزير التجارة خالد الروضان وآخر لوزير المالية أنس الصالح واستجواب لوزير الإعلام محمد الجبري، وهذا الأسبوع تم استجواب وزير المالية أنس الصالح، الذي انتهي بدون طرح للثقة إضافة إلى إعلان عدد من النواب عزمهم تقديم المزيد من الاستجوابات خلال الأيام المقبلة التي غالباً ما ستنتهي بتوصيات أو الاكتفاء بالمناقشة أو طلب طرح الثقة ثم عبور الوزير هذا الطلب وخروجه منتصراً.

وفي الوقت الذي يتنافس فيه النواب على تقديم الاستجوابات مع اقتراب نهاية الدورة الحالية للمجلس والاستعداد لانتخابات جديدة تبين أن هناك عدم التزام من الكثير من النواب في حضور الجلسات، وخصوصاً التكميلية، كما أنهم يتغيبون عن المشاركة في اللجان البرلمانية التي تتأخر في دراسة وإحالة المعروض عليها من قوانين واقتراحات، كما أن هذا الطوفان من الاستجوابات تسبب في إهمال القوانين الشعبية التي يحتاج المواطنون إلى إقرارها مثل قانون تخفيض نسبة الفوائد المستقطعة من قروض المتقاعدين مقابل استبدال جزء من الراتب التقاعدي وكذلك الحقوق المدنية والاجتماعية لفئة البدون والفحص قبل الزواج والعنف الأسري ومقترح إسقاط القروض المعروض على اللجنة المالية، وقوانين أخرى كان يفترض أنها تخرج للنور منذ سنوات بعيدة.

في مقابل ما يفعله النواب من تهافت على تقديم الاستجوابات أصبحت الحكومة تجيد لعبة التعامل مع هذه الاستجوابات والخروج منها بأقل الخسائر، وربما تدفع بعض النواب دفعاً لتقديم الاستجوابات لتظهرهم أمام الرأي العام أنهم يسعون إلى التأزيم وتعطيل إقرار القوانين التي تحقق مصالح الوطن والمواطنين، وكذلك لتحرقهم انتخابياً، خصوصاً إذا ما ألحقت بهم الهزيمة خلال مناقشة الاستجواب، وهذا ما حدث مع عدد من النواب المستجوبين خلال المجلس الحالي، حتى إن وجدت الحكومة موقفها ضعيفاً في أي استجواب مقدم تستقيل أو تطلب من الوزير المقدم في حقه الاستجواب الاستقالة، وبالتالي لا تخسر كثيراً حيث يعاد تشكيلها بالأسماء والوجوه نفسها، ولا نرى نتائج للاستجوابات على أرض الواقع، والدليل أن الأوضاع كما هي لم تتغير ومحاور الاستجوابات مكررة من النواب والحكومة لا تبذل جهوداً لحل المشاكل. لقد وضعت الاستجوابات في معظم دساتير وقوانين دول العالم لأهداف نبيلة، فالاستجواب يعتبر من أهم آليات الرقابة البرلمانية التي يستعملها أعضاء البرلمان لاستقاء المعلومات حول موضوع من المواضيع، وهو يتضمن نقدا واتهاما للحكومة أو أحد أعضائها من الوزراء بالخطأ والتقصير عن تصرف من التصرفات ويطالب بالتصحيح والمحاسبة وعلاج المشكلات، ولكن عندما يتحول هذا الاستجواب إلى إداة للتكسب سواء من قبل النواب أو الحكومة فنحن في غني عنه.

لا نريد الاستجوابات طالما لا تحقق الأهداف التنموية ولا تحل مشاكل المواطنين، ابحثوا لنا عن آلية جديدة نحاسب بها الحكومة ونلزمها باتخاذ إجراءات عاجلة وسريعة للكثير من المشاكل، نريد آلية واقعية لا تعتمد على الخطب الرنانة والوعود الكاذبة إنما على القرارات والتطبيق العملي لها من أجل النهوض بوطننا الحبيب الكويت، والله الموفق والمستعان.

تعليقات

اكتب تعليقك