#جريدة_الآن يوسف العنيزي: أين شعوب المنطقة مما يجرى؟

زاوية الكتاب

كتب يوسف عبدالله العنيزي 953 مشاهدات 0


الجريدة

حرب لا حرب، مفاوضات لا مفاوضات، صواريخ سفن حربية، نيران تشتعل، تصريحات نارية، وتصريحات تهدئة، ولكن أين شعوب المنطقة مما يجرى؟ هل هم على اطلاع على ما يجري في منطقتهم وأوطانهم؟ وهل لهم من الأمر شيء، إن كانوا يريدون حرباً أم سلماً خصوصا أن الأمر يعنيهم وعائلاتهم، وهم بالتأكيد من سيعاني ويلات تلك الحروب إن اشتعلت "لا سمح الله"؟ 

ماذا سيحدث غداً أو بعد غد أو حتى ما سيحدث اليوم؟ وهل شعوب المنطقة مغيبة، ولا تعلم ماذا يدور خلف الأبواب المغلقة، وكل ما تعرفه هو من خلال وسائل إعلام مسيرة وموجهة؟

الواقع أن هذا ليس غريبا على منطقتنا، فالحروب التي شهدتها على مدى أكثر من ستة عقود كانت تتم بقرار فردي، وتستمر على مدى عقود، وتكون الشعوب والأوطان ضحايا تلك الحروب، والرابح الوحيد هي مصانع الأسلحة التي لن تتوقف أجهزتها عن الدوران على مدى ساعات اليوم. 

ونحن نعيش هذه الأوضاع المتوترة خطر على البال تلك الرحلة الرائعة إلى جمهورية "غوايانا الفرنسية"، ففي أثناء عملي في مدينة كراكاس عاصمة جمهورية فنزويلا الصديقة تلقيت دعوة كريمة من "وكالة الفضاء الأوروبية" لحضور حفل إطلاق القمر الصناعي "عرب سات"، وقد رافقني في هذه الرحلة الأخ والصديق د. ريمون قبشة، المستشار السياسي للرئيس الفنزويلي الراحل هيوغو تشافيز، كان خط سير الرحلة يبدأ من مدينة كراكاس إلى جزيرة مارغريتا، ثم مدينة جورج تاون ومنها إلى مدينة مارايبو عاصمة جمهورية سورنام، حيث قضينا يومين.

يبلغ عدد سكان سورنام حوالي نصف مليون، تتراوح نسبة المسلمين بين 25 و30%، وتتميز الحياة الاجتماعية بالتسامح، حيث تشاهد في الساحة الرئيسة لمدينة ماريبو العاصمة المسجد الكبير، وبجانبه كنيس نيفين شالوم، وعلى بعد أمتار تقع كاتدرائية القديسين بطرس وبولس، وينتمي المسلمون إلى المذهبين السني والشيعي في تعايش ومحبة وتعاون بديع.

في اليوم التالي استقللنا العبارة النهرية لمواصلة الرحلة إلى "غوايانا"، حيث كان في استقبالنا السيد فرنسوا فرنجية الذي استضافنا في سكنه الرائع الذي يقع على ربوة وسط بعض الأدغال، وفي المساء وعند جلوسنا في شرفة المنزل أبديت للسيد فرنسوا تساؤلاً، حيث إننا طوال الطريق من نقطة الدخول حتى الوصول إلى المنزل لم نشاهد أي مظهر من المظاهر العسكرية، ما عدا شرطة تنظيم المرور، فأجابني بفخر وثقة بأننا في هذا الوطن ليس لدينا وقت نضيعه في الصراعات والحروب، فالله خلق سيدنا "آدم" ليكون خليفة له في الأرض لتعميرها لا تدميرها.

في اليوم التالي ذهبنا إلى قاعدة "كوروا" الفرنسية، حيث سيتم إطلاق القمر الصناعي العربي "عرب سات"، جلسنا في الصف الثاني خلف الصف الأول المخصص للعلماء والمشرفين على عملية الإطلاق، وبدأ العد التنازلي وأخذ الصاروخ يخترق بعض الغيوم التي تحولت إلى كتل من اللهب، وعند نقطة معينة انفصل القمر "عرب سات"، وبعد دقائق أخرى انفصل القمر "ماليزيا سات"، ثم تلاشى الصاروخ في الفضاء، وألحت على خاطري في تلك اللحظات الآية الكريمة "وما أوتيتم من العلم إلا قليلا". 

والآن في ظل ما نشهد في منطقتنا من توتر وحشد وتهديدات بالحرب ومليارات تهدر، لماذا لا يتم بناء مراكز علمية للأبحاث الفضائية والصحية، وكل ما فيه تقدم وتنمية للإنسان والأوطان وتعاون بين كل دول المنطقة، فتكفي هذه السنون التي شهدنا فيها حروباً ما زالت المنطقة تعانيها.

ودعاء من القلب أن يمنّ الله على قادتنا في دول المنطقة بالحكمة للمحافظة على شعوبهم بعيدا عن الحروب.

وحفظ الله الكويت وقيادتها وأهلها من كل سوء ومكروه.

تعليقات

اكتب تعليقك