#جريدة_الآن محمد السبتي: معايرة دول الخليج بالحماية الغربية
زاوية الكتابكتب محمد السبتي مايو 19, 2019, 11:23 م 884 مشاهدات 0
الراي
ترتفع - في مثل هذه الأيام عادة - وتيرة معايرة دول الخليج بالحماية الغربية لها وبتلك الاتفاقيات الأمنية التي تُبرم مع الدول الكبرى، وما يتبعها من تكاليف مالية تنفقها دولنا من أجل حماية بقائها واستقرارها وأمنها، ويكرر إخواننا العرب هذه الإسطوانة دائماً ويرفعون صوتها في مثل هذه الظروف التي تمر بها المنطقة الآن، ويتندرون على هذه الدول بتلك الحماية وهذه التكاليف.
وأظن أن علينا أن نكون صادقين مع أنفسنا وأن نواجه هذه الأصوات المعايرة بالحقائق الدامغة، نعم نحن دول صغيرة وبعضنا صغير نسبياً، شعوبنا مترفة لم تعتد الحروب ولا تميل إليها لطبيعتها المسالمة، دولنا كذلك لا تميل إلى الحروب، وتنحى مناحي السلام وتعرف قدر قوتها تماماً، ولا تعيش أوهام القوة أبداً كما يفعل الغير.
في الإقليم دول لها رغبة في التوسع وهي تؤمن بضرورة «ضم» الدول الأخرى، لفلكها السياسي والفكري على أقل تقدير إن لم يكن الجغرافي أيضاً، لها خطة واضحة في التدخل في شؤون الغير وخلق مساحات للتوتر، من أجل تنفيذ تلك الخطط، وأصبحت - كما العادة - مهددا حقيقيا لاستقرار دول الإقليم.
ماذا على دول الخليج أن تفعل؟ هل تسمح بإنشاء وتمدد تلك الأحزاب والجماعات التي تعلن من ضمن أهدافها ضم دولها لمشروع وسيطرة دول أخرى، بما يهدد قيام الكيان السياسي في هذه الدول التي نشأت بها تلك الأحزاب؟ هل علينا السماح بإنشاء وتمدد هذه الأحزاب في دولنا؟ هل علينا أن نسمح بإنشاء وضع «الكماشة» علينا وحوالينا ليحيط بنا التابعون لإيران، المؤمنون بضرورة ضم دولنا لها، وهي المؤمنة بالتمدد في كل صوب ومن جميع الجهات ؟هل نسمح بالتغلغل السياسي في دول المنطقة المهدد بتغيير الأنظمة؟
إيران تضع دول المنطقة بين ثلاثة خيارات لا رابع لها، إما حرب طائفية مقيتة تأكل استقرار الدول وأمنها، وإما حرب عسكرية لعدم الإيمان بفكر وسياسة «الدولة» الذي استبدلوه وما زالوا بفكر وسياسة الثورة، والخيار الثالث هو فرض الأمر الواقع لتمرير خطة التمدد!
قد لا يكون هناك توافق كامل مع السياسة الأميركية، قد تكون لغة خطاب الساسة هناك في هذه المرحلة تستخدم أسلوباً وعبارات لا تقبلها اللباقة السياسية، من المؤكد أن هناك مصالح غربية يراد تحقيقها، كل هذا ممكن وبعضه مؤكد، لكن... ماذا علينا نحن أن نفعل؟ ومن وضع الغرب في هذا الوضع المتقدم لولا أطماع البعض في التمدد ؟
تعيش دول الخليج في هذا المأزق السياسي فهي لا تنحو للحرب ولا ترضى بالطبع بالتمدد والتدخل الذي يؤثر على أمنها واستقرارها، بل ووجودها من قبل الطامعين، كما أنها رغم كل تحالفاتها مع الغرب تعي تلك الخسائر التي تتكبدها جراء الخروج من هذا المأزق بأقل الخسائر، لكن لا ينبغي لأحد أن يعايرها باتفاقياتها مع الغرب لأنه الواجب عليها نحو حماية استقرارها ووجودها.
أصحاب هذه الإسطوانة المشروخة بمعايرة دول الخليج باتفاقياتها مع الغرب، يرون الدفاع عن الأوطان بالغالي والنفيس وبالروح والمال واجباً، وذلك بالنسبة للكل إلا دول الخليج فإن الدفاع عن بقاء واستقرار وأمن الأوطان بالمال عيب في حقهم!
تعليقات