#جريدة_الآن غانم النجار: تاريخ الأزمات السياسية في الكويت

زاوية الكتاب

كتب غانم النجار 969 مشاهدات 0


الجريدة

تعرضت الكويت منذ نشأتها لأنواع مختلفة من الأزمات، بعضها خارجي، استهدف كيانها ووجودها، وبعضها داخلي، معبراً عن تفاعلات تكويناته الداخلية. إلا أن "حالة الأزمة" داخلياً صارت ملازمة للحالة السياسية ومساراتها، وبالذات في الحقب الأخيرة، حتى صار صعباً التمييز بين أيهما أزمة، وأيهما سياسة، وكأنهما شيء واحد، حتى كاد يصح وصف الإدارة السياسية بالكويت بمصطلح "الإدارة بالأزمات". الشاهد، أن مظاهر تلك الحالة لا تظهر على السطح بشكل واحد، فهي أحياناً صراع علني بين بعض أفراد الأسرة الحاكمة. وأحياناً بين فئات اجتماعية أو سياسية والسلطة، وأحياناً بين فئات اجتماعية واقتصادية أو سياسية حول النفوذ والثروة، وأحياناً بين أفراد طامحين للنفوذ، وغير ذلك. يحدث ذلك في تداخل وتشابك يكاد لا ينتهي، متفرعاً لتفريعات أصغر، تختلط فيها الصورة، وينقطع البث المبرمج. الملاحظ أيضاً طغيان ظاهرة الفردية في الحلبة السياسية الكويتية، حيث نجد أحياناً تأثيراً أكبر للأفراد من الجماعات السياسية أو حتى المؤسسات. فيخرج للملأ فرد هنا أو فرد هناك، دون سابق إنذار، ودون ماض سياسي، مستفيداً من حالة التوتر والقلق في المجتمع، وتفاعل مراكز القوى، وربما دعمها له، فيصبح عنصر استقطاب اجتماعي، وربما يؤدي إلى شق المجتمع، وخلال فترة وجيزة، يختفي ذلك الفرد، وكأنه كان سراباً، والأمثلة على ذلك كثيرة. حكاية الأفراد غير المنتمين في الصراع، ظاهرة ملحوظة في السياق والتطور السياسي، ليس فقط على التقسيم الثنائي للصراع، كسلطة مقابل شعب فحسب، ولكنها تنطبق على القوى السياسية ذاتها، كما هي على الفئات الاجتماعية، قبلية أو مذهبية أو عائلية أو فئوية، وبالطبع أسرة حاكمة.

بعد بناء الدولة الحديثة، والتي لا تستمد قوتها فقط من الثروة واحتكارها لأدوات الأمن، ولكنها تتكئ بشكل كبير على جهاز حكومي بيروقراطي ضخم، كالفيل الكبير البطيء الحركة، يضم في داخله ٩٠٪ أو يزيد من المواطنين العاملين. فمع انخفاض الإنتاجية، والصلاحيات الواسعة، تحولت تلك الأجهزة بالضرورة إلى حلبة للصراع، على المناصب وعلى الأدوار، وعلى تعزيز دور مراكز القوى. أما الحلبة الأخرى للصراع فهي مغلقة على نادي الكبار ومن تسمح لهم السلطة بدخوله في مجال المناقصات الكبرى والمتوسطة، ويكون من ضمنها أحياناً بعض أفراد الأسرة الحاكمة، وهو صراع بطبيعته لا ترصده "الرادارات" بسهولة. ومن المتوقع أن تشهد طبيعة ذلك الصراع مزيداً من التعقيد، والتشابك، والتداخل، خاصة مع ازدياد الحديث عن فكرة ترتيب بيت الحكم. كان ذلك موضوع دراسة نشرناها ضمن كتاب بالإنجليزية في محاولة لفهم طبيعة "حالة الأزمة" تلك، وستجد طريقها للترجمة للعربية قريباً. وكالعادة في رمضان، اخترنا موضوع الأزمات السياسية السابقة، حيث ستحاول سلسلة المقالات هذه عرض بعض جوانبها بدءاً من مجلس الشورى سنة ١٩٢١، وتستمر بقدر ما يسمح به الوقت والمساحة.

تعليقات

اكتب تعليقك