#جريدة_الآن د. غازي العتيبي: الجهل يعمي القلوب والأبصار ويجعلنا أتباعاً للظلام

زاوية الكتاب

كتب د. غازي العتيبي 635 مشاهدات 0


الأنباء:

لن تجد أحدا اليوم يبدي رأيه بشخص سواء كان عاديا أو مسؤولا إلا وكانت له تطلعات وبحسب تلك التطلعات يبدأ النقاش هل أصبحنا ننظر لمن هو معنا أو ضدنا لنحدد مقدرته من عدمها؟!

باختلاف مصادر المعرفة في وقتنا الحالي وقد تكون مصادر تبعية أو حقانية لكن لا فرق بينهما لأنك حين تحتكر المعرفة على أحد ستظلم البقية وحين تنظر لابن قبيلتك أو دائرتك انه أحق ستفقد المصداقية.

يحضرني في السابق كيف كان للكتاب أثر فعال في نشر ثقافة ارتباط الإنسان بما حوله وما يراوده من تساؤلات وكيف كان للفصل الواحد تدوينات تدخل في مناقشات حتى يصبح للمعلومة وجود يثري العقول. وكيف كان الفهرس يحدد انتقالاتنا بين صفحة وأخرى نقرأ بنهم متعطشين للمعرفة دون حكم مسبق ونشعر بنهاية كل كتاب أن بحوزتنا ثروة فعلية ومسؤولية تجاه الوعي الذي أسهبنا بشكل أو بآخر في تكوينه.

تطور الوقت وأصبحت طرق أخذ المعلومة كثيرة يتناقلها هذا ويزيد عليها ذاك بهاراته الخاصة، ولكن يبقى الكتاب أصدق مصدر للنقل لأنه يتيح للخيال المشاركة في صنع الوعي الخاص بالإنسان وبناء قيمه وقناعاته بعيدا عما هو دارج.

أيضا للراديو أثر لا يُستهان به في إثراء الخيال وتحقيق هذا الانسجام بين العقل والواقع، فحين يسمع كل إنسان المعلومة سيصورها بخياله الخصب وستكون في النهاية حقلاً من الحقائق الذي يحيطها سياج من النور اسمه المفهوم.

ونظراً لأن الوسائل الاجتماعية قربت بين الجميع إلا أنها سلبتنا أهم شيء وهو النظر دون أحكام ودون تصنيفات ومسميات تعوق مرحلة المعرفة وتجعلها تعرج نحو الحقيقة بجهل.

في وقتنا الحالي الجميع فهمه واحد ينحدر نحو السيئ قبل الجيد لذلك أصبح الظن والشك والتسابق بين البعض في إظهار من الغلطان هو الحد الأقصى من معرفتنا.

كيفية التساؤل دون محسوبيات أن تكون الغاية تخلو من المردود ليكون الجواب واضحا ومفهوما والقدرة على الاستفادة من الأخطاء تفوق أي سجال فيه نضرب هذا ونطرح الثقة من ذاك.

دعونا نتفق أن مجريات الأحداث ومواقع التواصل تجعلنا أوضح وأقرب إلى التحليل منا إلى التبين، وذلك جعلنا للأسف لا نراعي حق الآخر في الدفاع عن نفسه فنبدأ بإصدار أقسى الأحكام دون رحمة.

لا داعي لان نمسك للواحد على الزلة دون أن نعطيه فرصة، فالمثالية أحيانا سببها تستر دفين خلفه أخطاء من الشخص نفسه بالملايين.

الجهل ليس أن تكون أميا لا تعرف تقرأ أو تكتب بل أن تكون عنيدا متعصبا دون اعتراف بالأخطاء، فمجرد مقاومتك لذلك تصنع منك شخصا بنقده لاذع وبحكمه قاسٍ وبتعامله غير منصف.

فبلوغ المراد بعد البعاد يجعل منا أناساً نقتني فرص الإقدام ونعرف كيف يكون لنا مرسال يصيب كبد الحقيقة دون سجال.

أن تقرأ صفحات الواقع دون أن تكون فيها حاضرا ذلك هو سبب التراجع الذي يشهده العالم. إياك أن تقرأ بصيغة ماضٍ أو أن تكون قراءتك مجرد أن تجاري غيرك في تحليل ما نحن فيه. وإلباسه ثوبا معتما بعيدا كل البعد عن صيغة واقعية حالية تجعلنا نشير إلى الأسباب الخفية ونعالجها بنظرة إيجابية.

الجهل يعمي القلوب والأبصار ويجعلنا أتباعاً للظلام ومشاهدة الواقع من مسرح واحد والتراشق بالألفاظ وتخوين فلان وعلان لن تجعلك تعرف بل على العكس ستكون أكثر جهلا وظلاما. أقرأ دون مصلحة لتعزيز ما تتبناه: فمن المؤكد ستجد الكثير مما يستحق أن تنشغل فيه وقد تجد نفسك وإجابات تغنيك وفهما ينجيك وعملا يكون حجة لك لا عليك.

تعليقات

اكتب تعليقك