#جريدة_الآن إقبال الأحمد تكتب : ناس تكدّ.. وناس تعدّ
زاوية الكتابكتب الآن - القبس إبريل 13, 2019, 11:51 م 866 مشاهدات 0
القبس
ناس تكد وناس تعد، قول تراثي جميل اختزل معاني الاتكالية والكسل واللامسؤولية وإلقاء الادوار على الآخرين والتذمر والشكوى بحجة الخوف على ما يدور حوله الموضوع. عندما يتذمر أي شخص من واقع يعيشه، سواء من تعامل الناس معه أو نظرتهم له التي تسيئه جدا ولا تعجبه او انها محل ازعاج او حزن او تعاسة له من دون ان يبذل هذا الانسان اي مجهود لتعديل صورته عند الآخرين او التخفيف من الصورة السلبية التي يراها فيه الغير، هذا الانسان ينطبق عليه تماما قول: ناس تكد وناس تعد. الصورة بشكل اوسع.. نحن بالكويت متميزون وللاسف بكثرة التذمر ولوم الآخرين والتحلطم على الواقع الذي نعيشه في مجالات عدة، لان هناك اخطاء وهناك فسادا وهناك تسيبا وهناك لا مبالاة اصبحت اليوم محل الاشارة والقول والدليل ايضا. كثيرون يتذمرون ويشتكون من احوال البلد، واذا ما سألتهم ماذا فعلتم انتم شخصيا حسب ما تمتلكونه من قدرات محدودة لإصلاح جزء ولو بسيط جدا من هذا الوضع غير المرضي عليه.. يجيبونك فورا: ولا شيء لاننا لا نملك التعديل او التصليح. لا يخفى علينا ان حالات الفساد التي بدأت تطفو على السطح في الفترة الاخيرة، بدأت بمجهود اشخاص تحملوا مسؤولية ما يقدمونه من معلومات وحقائق أو صحيفة حملت لواء محاربة شيء من هذا الفساد وانا هنا لا اعني التشهير أو فضح من دون مستندات حقيقية ومعلومات مؤكدة تقدم للجهات المعنية لتقوم بالدور المطلوب. اعرف جيدا ان هناك الكثير ممن لا يثق بمصير مثل هذه المعلومات ولكن انا شخصيا ومن باب الامانة اقول ان هناك عملية تحريك لمستنقع الفساد الذي ادى ركوده سنوات طويلة (وبتواطؤ منا ايضا عندما نمنا عشرات السنين من دون مبادرات او تحرك شعبي جاد) الى أن تراكم الطين العفن وكثرة البعوض الناقل للامراض الذي وجد من هذا المستنقع الراكد بيئة لتكاثره، سواء من جهات رسمية او غير رسمية. ويجب الا ننكر ايضا ان هناك رغبة قد تقوى فترة وتخمد اخرى من الجانب الحكومي في التعاون مع كل هذه الجهود بدليل تحويل بعض القضايا الى الجهات القضائية للبت فيها وزيادة هذا التحرك في الآونة الاخيرة. علينا نحن الشعب الكويتي ان ننتهز هذه الفرصة في المبادرة كل حسب طاقته وقدرته ومكانه في المضي قدما ببوادر التنظيف وتعديل اي اعوجاج طال مفصلا من مفاصل الوطن، وألا نتمسك بسلبيتنا مرددين جملة الاصرار على السلبية «ماكو فايدة». لو كل واحد منا بادر بطريقته الخاصة حسب ما يستطيع لاصلاح اي وضع غير صحيح، تأكدوا اننا سننهض شيئا فشيئا.. وخطوة خطوة.. شرط ان تكون هذه المبادرات في اطار القانون والاخلاق والمقبول. اعطيكم مثالا.. قضية الاوساخ التي يخلفها وراءهم بعض الكويتيين وغير الكويتيين الذين يقضون اوقاتهم في الحدائق العامة او على الواجهة البحرية، تحصل امام وعلى مرأى الكثير ممن يتواجدون في تلك الاماكن يوميا.. هناك ثلاثة انواع من رد الفعل على هذا المشهد: الاول.. من يمر على هذه المشاهد من دون ادنى تفاعل، وهذا النوع هم من ينطبق عليهم وصف «قوم ما كارى».. وذلك انطلاقا من مبدأ ان ذلك ليس اختصاصه او انه قد يواجه برد عنيف او وقح في حال التنبيه الى ضرورة تنظيف المكان وعدم رمي مخلفات في المكان الذي هو فيه. الثاني.. من يتدخل ولكن بأسلوب فظ قد يصل الى الوقاحة لردع هؤلاء الاشخاص ومحاسبتهم على ما خلفوه وراءهم من اوساخ… وهذا اسلوب مرفوض بالتأكيد. الثالث وهو المشهد الصحي ان تبادر بتنبيه هؤلاء الناس بأسلوب محترم وفيه من النصيحة الودية الى ضرورة تنظيف المكان بعد الانتهاء من الرحلة وقبيل مغادرة المكان.. لان ذلك قد يعرضهم للمخالفة من الجهات المسؤولة بالدولة. جربت شخصيا اكثر من طريقة للتنبيه الى ضرورة المحافظة على المكان قبيل مغادرته، وثبت لي ان آخر طريقة هي الاكثر فاعلية ولها نتائج مبهرة. لو ان كل واحد يرى مشهدا غير مريح امامه، ويبادر بتعديله بطريقة راقية وخلوقة وقانونية وايضا لتعدلت كثير من المشاهد من دون ان ننتظر ان تقوم الحكومة بدورها المطلوب لتنظيف كل المشهد كاملا والا… لان كل واحد فينا ينظف جزءا بسيطا جدا من الصورة، وهذا بالتأكيد يسهم في تعديل الصورة بأكملها، مع الوقت بالطبع وليس بشكل مفاجئ. ما اريد قوله بالنهاية، ان الناس التي تكد هي التي تتعب وقد تتوقف بعد حين اذا ما استمرت بالكدّ طول الوقت لوحدها، اما الناس التي تعد فلن تتوقف ابدا، لانها ستستمر بالعد طالما هي متكئة على وسائد الخمول ومتلحفة بغطاء الكسل ولا شغل لها سوى العد.. مرتاحة وكسولة تربي كروشها.
تعليقات