حسن عباس:ابن طفله وجماعته متحاملون على الانظمة الاسلامية
زاوية الكتابكتب أغسطس 16, 2007, 1:35 م 577 مشاهدات 0
بن طفلة ودولة الإسلام
الدكتور سعد بن طفلة، الوزير السابق، ومعه مجموعة الليبراليين يشنعون دائماً على
النظرية الإسلامية في الحكم ويتهمونها بالفشل وعدم أهليتها للإدارة السياسية.
يستشهد هذا الفريق لدعم موقفهم بأمثلة عدة كالجمهورية الإسلامية في ايران،
و«طالبان»، والسودان، و«حماس» وغيرها من الانظمة، بعضها مازال قائماً وبعضها ذهب
أدراج رياح التاريخ، وحجتهم الرئيسية في الفشل أنها أنظمة استفرادية تحجب الرأي.
بداية، من الظلم أن نضع كل الأنظمة السياسية الإسلامية في سلة واحدة ونحكم عليها
سواءً بسواء. فالعمق الفكري للإسلام يجعل النظر إلى التجارب الإسلامية كلها بمنظار
واحد يقزم الحقيقة إلى حدود غير موضوعية. نعم نتفق مع الليبراليين بأنه توجد أنظمة
متطرفة قامت بدعوى إسلاميتها، ولكنها اجتهادات ضعيفة لم تحظ بالقبول الفكري للمدارس
الإسلامية الكُبرى، ولا يمكن التعويل عليها كنموذج إسلامي قادر على إدارة الأمة
كالحركة الطالبانية أو «القاعدة» أو «المحاكم الإسلامية». فليست كل الاجتهادات
الفكرية الإسلامية تنتهي إلى هذه النتيجة، وهذا موضع الخلل الفكري في الهجوم على
النظرية الإسلامية.
الأمر المهم في الحكم على فشل النظرية الإسلامية يأتي من زاوية محددة يستعملها
خصومهم دوماً كمبدأ و«ترمومتر» سياسي لقياس درجة نجاح أو فشل أي نظرية ألا وهي حرية
التعبير. المشكلة الكُبرى في هذه الزاوية أن الحرية لا تكون على إطلاقها، فليست كل
حرية محترمة. فالحرية مرهونة بالكرامة ومقيدة بقيودها، وهذا ما يجعل للحرية قيمة
سلبية في ما لو تضاربت مع الكرامة. ولهذا فالحرية تكون محترمة لأنها لا تحمل قيمة
في ذاتها، ولكنها وسيطة تُثمّن بالكرامة البشرية والمجتمعية. من هنا يمكن أن نتوسع
في النقاش الفكري لنتساءل ما هو الغرض من قيام الدولة؟ أو بصورة مقلوبة، من الخطأ
أن نعتمد «فقط» على حرية التعبير كأصل لصحة نظرية الحكم، لأن الحكومة لها مهام
متعددة، والحقوق السياسية هي أحدها وليست خاتمتها.
الآن لو أخذنا الأمثلة التي يستفيد منها الدكتور في هذا التحامل لرأيتها أمثلة إما
أنها نظريات إسلامية فاشلة واجتهادات منحرفة كالحركات السلفية الجهادية المتطرفة كـ
«القاعدة» و«طالبان» و«المحاكم الإسلامية»، أو أنظمة سياسية قامت، ولكنها لم تُعط
القدر الكافي من الإنصاف في العمل السياسي، لأنها حوصرت وحوربت ولم يتح لها الفرصة
حتى تضع نظريتها موضع التطبيق بصورة متزنة.
لست هنا في معرض الدفاع عن النظريات أو الأمثلة الإسلامية، لأن الحديث عنها سيطول،
ولا أخفيكم سراً ومع غياب الخيارات والبدائل، فلا مفر من البديل الديموقراطي، لأنه
أفضل المتاح وخصوصاً لميزة الحرية. ولكن جُل اهتمامي هنا إبراز ظُلامة النظرية
الإسلامية، لأنها لم تأخذ كفايتها سواءً في التنظير أو الممارسة. في الختام وعود
إلى البدء، هل يجوز لي أن أستشهد بالعراق ولبنان كأمثلة على فشل النظرية
الديموقراطية في الحكم من باب المناظرة بالمثل؟
حسن عبدالله عباس
الراي
تعليقات