#رأينا_الآن من يوقف سيل التزوير بعد أن وصل للمستشفيات والعيادات ؟

محليات وبرلمان

الآن 904 مشاهدات 0



لو سألنا أي مواطن كويتي اليوم عن القضية التي تشغل باله ويعدها أولوية من أولوياته لوجدنا أنها قضية اسقاط القروض بلا شك، لأنها تتعلق بجيب المواطن ودخله ومصدر رزقه ,الذي تلتهم أقساط القروض نصفه إن لم تكن تلتهم جلّه.

 ولو سألناه عن ثاني أهم قضية يراها لأجاب دون تردد بأنها قضية تزوير الشهادات الجامعية وقيام مجموعات معينة من الناس بشراء  شهادات من جامعات وهمية غير موجودة، والحصول عبرها على مناصب تخولهم التحكم في مصائر البلد، ونيل مكافآت ضخمة، ونجاحات إعلامية بل وحتى سياسية بناء على هذه الشهادات المزورة.

لكن فضائح التزوير التي ضاق بها المواطنون ذرعاً حتى باتت حديثهم الذي لا ينتهي في شبكات التواصل الاجتماعي وفي الأماكن التي يلتقون بها، لم تنتهي بعد، بل ازداد الطين بلة حين كشفت أحد الصحف المحلية أن النيابة العامة تحقق هذه الأيام في قضية تزوير ١٥٠ ترخيص لعيادات ومؤسسات صحية أهلية!

وبحسب الصحيفة فإن النيابة العامة تحقق مع عدد من مسؤولي إدارة التراخيص إضافة إلى أطباء ومعاونين إداريين لوجود شبهة قيامهم بتسهيل إدخال بيانات غير صحيحة وتراخيص مزورة لاستخراج بقية التصاريح بافتتاح العيادات الطبية.

ولم يتوقف الأمر عند تزوير تراخيص العيادات، بل تعداه إلى استدعاء طبيب أسنان عربي تبين أنه زوّر تصريحه الطبي عبر إدلائه ببيانات غير صحيحة، وقيامه بتحويل تخصصه من تجميل الأسنان إلى جراحات التجميل، وقيامه بعمليات تجميل خطرة وفق ترخيصه المزور الجديد!

لقد بات من حق المواطن اليوم أن يخاف من كل شيء في هذا البلد بسبب التهاون الحكومي والتخبط وفشل سياسات الإدارة، واكتشاف أن قضية الشهادات المزورة في البداية لم تكن سوى قمة جبل الجليد التي تخفي تحتها مئات المصائب.

لقد بات من حق المواطن الكويتي أن يخاف حينما يذهب بابنه إلى المدرسة وذلك لأن المعلم الموجود قد يكون مزوراً لشهادته، فيفشل في أداء رسالته التعليمية لأنه لا يفقه في تخصصه، ويفشل في أداء رسالته الأخلاقية كمعلم وذلك لأن من اشترى شهادة مزورة فإنه لن يستطيع تعليم غيره الأخلاق.

لقد بات من حق المواطن الكويتي أن يخاف على صحته حين ذهابه للعلاج في العيادات الخاصة أو المستوصفات وذلك لأن ١٥٠ ترخيص من هذه التراخيص قد استخرج بطريقة مشبوهة ومن دون مطابقة للشروط، والله أعلم كم من التراخيص المزورة التي لم تكتشف بعد .

وما حوادث الموت بسبب الأخطاء الطبية، والتي كان أحد أشهر ضحاياها النائب الراحل فلاح الصواغ، إلا دلالة على وجود كثير من العيادات والمستشفيات والأطباء الذين لا يفقهون في تخصصهم، بل إن جل اهتماماتهم وغاية مناهم الحصول على أكبر قدر من الأموال، حتى باتت العيادات الطبية أشبه بالدكاكين التي لا تهتم بصحة الناس بل تهتم بجيوبهم وتدفع مئات الآلاف إن لم يكن الملايين للفاشينستات في سبيل جذب أكبر عدد من الزبائن لها.

وأدى الإهمال الحكومي، إضافة إلى وجود بعض الموظفين المرتشين، وعدم قسوة الحكومة عليهم، وعدم تطبيق كافة القوانين بحقهم بسبب تدخل بعض ذوي النفوذ , إلى جعل ثقافة التزوير شائعة في البلد، فالشركات التي تحصل على المناقصات تغش في تنفيذها للمناقصة من دون محاسبة، والأستاذ الجامعي الذي تعينه الجامعة يسرق البحوث من دون محاسبة، والموظف العادي يزور شهادته الجامعية أيضا من دون محاسبة، وأخيراً فإن الطبيب يعمل بترخيص مزور، وبشهادة لا نعلم من أين أتى بها من دون محاسبة، بل إن بعض الأطباء المزورين وبسبب التهاون الحكومي يخرج كل يوم عبر برامج التواصل الاجتماعي لينصح الناس في أدويتهم وأغذيتهم!


بعد كل هذه المآسي والكوارث  ألا يحق للمواطن الكويتي أن يتساءل عن الإجراءات التي تنوي الحكومة القيام بها  تجاه هذه العيادات المزورة؟ وعن الإجراءات التي تنوي اتخاذها تجاه الموظفين الفاسدين الذين سهلوا لهؤلاء استخراج هذه الرخص؟.

إن طرحت الحلول منذ مدة طويلة في افتتاحياتها، ولا زالت تطرحها في كل مرة تسنح لها الفرصة، وهذه الحلول لا تخرج عن تشديد محاسبة من سهل عمليات التزوير ,والقيام بفضحهم بطرق قانونية، وكذلك تشديد محاسبة المزورين أنفسهم، ووضع نظم أكثر صرامة في التدقيق على استخراج التراخيص الطبية تحديداً، من دون إخلال بتسهيل إجراءات الاستخراج حتى لا تصبح الكويت بيئة طاردة لمجتمع ريادة الأعمال، وتشديد مراقبة عملية معادلة الشهادات التي أنتج التهاون فيها هذه الفوضى الكبيرة التي ندفع ثمنها اليوم.

الحكومة أمام مسؤولية كبيرة فتواصل هذا النهج يعني تعرض كثير من المواطنين والوافدين للموت البطىء وللأمراض المزمنة , وإلى تعلم مناهجاً تعليمية متخلفة . 

تعليقات

اكتب تعليقك