#جريدة_الآن حسن فتحي يكتب: قنابل "غازية" موقوتة!

زاوية الكتاب

كتب حسن فتحي 688 مشاهدات 0


الأهرام المصرية:

احترس فإن "شرب المياه الغازية ضار جدًا بالصحة".. عبارة قد نجدها قريبًا على زجاجات المياه الغازية، كما نقرأها اليوم على علب السجائر!!

ومن الطريف أن البسطاء في أرياف مصر حتى عدة عقود مضت كانوا يصفون لبعض مرضاهم "حاجة ساقعة"، ظنًا منهم أنها شفاء، إضافة طبعًا إلى "الحلاوة الطحينية"، ولا غرابة في ذلك، فالنيكوتين الذي كان "لعنة أمريكية" جلبها الإسبان والبرتغاليون للعالم، أرسله "جان نيكوت" سفير فرنسا في البرتغال للملكة "كاثرين" تستعمله كدواء لعلاج الصداع، وروج له بين الناس على أنه علاج وشفاء، ووصفه بأنه "عشب الملكة"، حتى خلد عالم الدخان اسمه في لفظة "النيكوتين"!

ومثلما بدأت حملات التحذير من التدخين بالكتابة على علب السجائر أنه "ضار جدًا بالصحة"، وأصبحت اليوم بأنه سبب رئيسي لأمراض القلب والشرايين والسرطان وغيرها، فلن يكون غريبًا أن يأتي يوم وتجد فيه على زجاجة المياه الغازية أنها "خطر على الأسنان والعظام وتسبب السمنة"؛ مما يجب أن يدفعك للتفكير مرتين قبل تناولها.!

الأطفال والشباب أكثر الفئات تعرضًا لخطورة تناول المياه الغازية، والتي صارت إحدى لوازم تناولهم للوجبات السريعة، وكلاهما لا يقل خطورة عن الآخر؛ حيث يتم ترويجها بأنها لذيذة ومنعشة وترتبط بالشهرة والسحر والهدوء؛ لذا فإن 97% من هذه الإعلانات موجهة للمراهقين، والتي تكلف هذه الشركات سنويًا في أمريكا وحدها ما يقرب من مليار دولار!

هذه الأيام طالبت الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال ورابطة القلب الأمريكية الحكومة في بيان مشترك بالمساعدة في حماية الأطفال من المشروبات المحلاة بالسكر، مقدمةً أدلةً على الآثار السلبية للصودا، واتهمت شركات المياه الغازية بأنها تحذو حذو شركات التبغ في جذب الأطفال والمراهقين.

وعلى الأطباء والمستشفيات من الآن فصاعدا أن تكون قدوة في مهمة تغيير نظرة الناس إلى المشروبات الغازية وما تمثله من مخاطر، ففي الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي كانت بعض المستشفيات تبيع السجائر في محال بيع الهدايا، وهذا الشيء نفسه يحدث مع المشروبات الغازية حاليًا، وهو ما ينبغي أن يتغير.

وعلى الصعيد الغذائي المشروبات الغازية خالية من أية قيمة حقيقية، فهي خالية من الفيتامينات وغنية بالأصباغ والنكهات الصناعية، ولا تعطي سوى السكر الذي يزيد حظ الشخص من الطاقة من دون أن يشبعه، وهي تسبب مشكلتين في الفم، التآكل الكيميائي للسن بفعل المياه المكربنة، وتسوس الأسنان لاحتوائها على السكر، ومحتواها من الفوسفور يخل بتوازن الكالسيوم في العظام.

ولأنها فارغة غذائيا، فهذا يعني أن الشخص قد يشرب عشرة أكواب منها لكنه سيظل يشعر بالجوع، والنتيجة أنه سيأكل أيضًا ويضيف مزيدًا من السعرات الحرارية إلى جسمه التي ستُخزن وتتحول إلى شحوم وتسبب زيادة في الوزن؛ لذا لم يعد غريبًا أن هناك مرضًا اليوم اسمه مرض المشروبات الغازية!

وأضرارها لا تتوقف عند هذا الحد، فهناك دراسة أمريكية تقول إن الأشخاص الذين يشربون كميات كبيرة من المشروبات الغازية والعصائر والشاي التي تحلى بالسكر قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بأمراض مزمنة في الكلى، وبعد أن درس الباحثون المشروبات عن كثب توصلوا إلى أن المشروبات الغازية هي "الجاني" الرئيسي.

الدكتور كايسي ريبولز من معهد جونز هوبكنز بلومبيرج للصحة العامة في بالتيمور بأمريكا يقول إنه من المعروف على نطاق واسع ضرورة تجنب المشروبات المُحلاة بالسكر؛ من أجل الحد من خطر الإصابة بأمراض مزمنة، مثل السمنة وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والأوعية الدموية.

كما أن الإفراط في شرب المشروبات الغازية يؤثر على الخصوبة بشكل كبير؛ بسبب ارتفاع نسبة السكر فيها، وفقًا لما أكدته دراسة طبية حديثة أجريت بجامعة بوسطن الأمريكية، وأن ذلك من شأنه أن يقلل من فرص الحمل والإنجاب، بل تزيد أيضًا من خطر الإصابة بالعديد من الأمراض مثل السمنة وأمراض الكبد.

ولا ينبغي الترويج للمشروبات الغازية "الخالية من السكر" بوصفها جزءًا من نظام غذائي صحي، لأن ضررها أكثر من نفعها.

صحيفة لوفيجارو الفرنسية نشرت تقريرًا تقول فيه إنها اطلعت على الموقع الإلكتروني لمشروب غازي أمريكي شهير ذي لون داكن، تتبجح الشركة المصنعة له بأنه مختلف عن باقي المشروبات الغازية المحلاة، قبل أن تناقض نفسها في الجملة التالية بالقول "إن كلا المشروبين غنيين بالمحليات المكثفة".

مما يعني أنه لا فرق بين الاثنين، وكما يقول د. كريستوفر ميلت من الكلية الملكية في لندن إنه راجع عددًا من الدراسات المتعلقة بالمحليات الاصطناعية، وثبت له أن المشروبات التي توصف بأنها "خالية من السكر" لا يمكنها أن تثبت أي فائدة لها في مكافحة السمنة والأمراض الناتجة عنها.

فهل تكفينا كل هذه الأدلة والقرائن لاتخاذ قرار مبكر بالتوقف عن تناول هذه المشروبات الغازية، وأن نكف عن تقديمها في واجب الضيافة لزائرينا، ونحذر أبناءنا من تناولها هي والوجبات السريعة..

فما أحلى العودة إلى المشروبات الطبيعية من ينسون وقرفة وجنزبيل وغيرها، فجميعا مثل العرق سوس "شفا وخمير"!!.

تعليقات

اكتب تعليقك