#جريدة_الآن د. غانم النجار يكتب: هل هناك حقاً قضية شهادات مزورة؟
زاوية الكتابكتب غانم النجار مارس 31, 2019, 11:28 م 720 مشاهدات 0
الجريدة:
هل هناك حقاً قضية شهادات مزورة؟ أم أن الأمر لا يعدو كونه مبالغات وادعاءات؟ أو هل هي بهذا الحجم المتداول؟ وما الإجراء المتوقع للتعامل مع مشكلة بهذا الحجم؟ إن لم تكن تلك المعلومات صحيحة فتلك مصيبة، وإن كانت صحيحة فالمصيبة أعظم.
عدم صحتها يعني أن هناك إساءات واتهامات طالت أشخاصاً لا ذنب لهم، أو أنهم تم دمجهم مع مذنبين، فمن يعوضهم عن تلك الإساءة. أما إن كانت صحيحة فالمصيبة أعظم وأكبر، وهي مجرد مؤشر لأسباب التدهور والتراجع في البلد.
للحصول على شهادة دكتوراه، لا حاجة حتى لشقة في أثينا، بل تستطيع الحصول عليها بقيمة ١٠٠ دولار أونلاين، فإن كانت ببرواز خشبي مذهب فقد تصل إلى ١٥٠ دولاراً. العديد ممن يحصل على تلك الشهادات يهدف إلى تعليقها في المكتب، لزوم الكشخة، أو قد يستخدمها كأداة تحايل لمشاريع، أو كأداة للتوظيف والترقي في بلاد الريع والبيع.
روى لي صديق كيف استخرج شهادة دكتوراه أونلاين لشخصية معروفة بـ١٢٠ دولاراً فقط، خلال أقل من خمس دقائق، كان الموضوع على سبيل السخرية، ولكي يثبت لتلك الشخصية أن المسألة أسهل مما تتخيل. يكمل الصديق: فوجئت بأن تلك الشخصية العامة صارت تطرح نفسها في مجال الخبرة الدولية، بتلك الدكتوراه أمّ ١٢٠ دولاراً.
حكاية تزوير الشهادات تطفو وتخبو بين حين وآخر، فمنذ عدة سنوات طفت على السطح أنباء عن قيام مسؤول كويتي عن اعتماد الشهادات، حتى لا نلقي اللوم على وافد، بتزوير أختام الاعتمادات بمقابل مالي. قيل حينها إن الموضوع أحيل للنيابة، وإنه أدين، وما إلى ذلك من العبارات، ولم نسمع بعدها شيئاً آخر، الموضوع تبدد كزبدة تحت أشعة شمسنا الحارقة.
إلا أن المسألة سابقة على ذلك، ففي سنوات مضت أثيرت قضية الشهادات الثانوية المزورة الصادرة من بلد عربي، فكان أن فتحت وزارة التربية تحقيقاً في الموضوع. وتواترت الأخبار بأنه تم اكتشاف عدد من الأسماء المهمة وبعضهم مسؤولون على رأس عملهم. وشيئاً فشيئاً بدأت أخبار "لحمة الضب" تلك تتلاشى وتختفي وتتبدد. التقيت مصادفة، بعد مدة، الشخص المعني بالأمر، سألته: هل كانت هناك فعلاً شهادات ثانوية مزورة؟ أم أن الأمر لا يعدو كونه مبالغات وظلم أشخاص؟ أجاب مؤكداً أن الحقيقة أسوأ مما قيل، أسماء لها وزنها. تساءلت عن الإجراءات التي سيتم اتخاذها؟ رد مبتسماً: طلبوا منا أن نوقف التحقيق ونغلق الملف حفاظاً على سمعة البلد ونسيجه الاجتماعي وللمصلحة العامة أو للمصلحة الوطنية، أو شيء من هذا القبيل. وهكذا كان. فهمت حينها معنى "المصلحة العامة"، والأهم أنني فهمت حينها معنى "سمعة البلد"، وكيف يتم الحفاظ عليها.
تعليقات