#جريدة_الآن حسن فتحي يكتب : الخبر المفرح!
زاوية الكتاب
الأهرام
في سبتمبر 2008 عندما حصل العالم المصري الدكتور مصطفى السيد على قلادة العلوم الوطنية الأمريكية، أعلى وسام أمريكي في العلوم لإنجازاته في مجال النانو تكنولوجي وتطبيقه لهذه التكنولوجيا باستخدام مركبات الذهب الدقيقة في علاج مرض السرطان، أجريت اتصالًا معه في أمريكا وانفردت به "الأهرام" على صفحتها الأولى.
تم دفع مليون دولار حتى يتم حذف هذا الفيديو لكي لا يعلم أحد عنه أي شيء
ففوجئت في اليوم التالي بمقال الكاتب الكبير إبراهيم سعدة في جريدة الأخبار تحت عنوان "الخبر المُفرح" تعليقًا على ما نشرته في جريدة الأهرام، فاتصلت به شاكرًا له إشادته ومثنيًا على روح الأستاذية التي تحلى بها، طال الحوار بيننا فوجد فيه تفاصيل لم يتسع المجال لذكرها في جريدة الأهرام، فتمنى علىّ كتابتها وإرسالها، ففوجئت للمرة الثانية أنه نشر رسالتي كما هي كاملة وبتوقيعي على مقالته في الأخبار!، إنها فعلًا روح الأستاذية التي افتقدناها كثيرًا هذه الأيام.
ومن المفارقات الرائعة، والتي عرفتها من الدكتور مصطفى السيد - حينما التقينا في مصر بعد ذلك - أن جريدة الأهرام أيضًا كانت صاحبة الفضل عليه في التوجه لأمريكا للحصول على درجة الدكتوراه، بعد قراءته إعلانًا صغيرًا فيها لأستاذ في ولاية فلوريدا الأمريكية عن تقديمه منحة علمية لاثنين من الشباب المصريين للدراسة في فلوريدا!
واليوم أراني في حاجة إلى استعارة عنوان الكاتب الراحل مرة أخرى، لأن هناك خبرًا أقل ما يوصف به أنه "مُفرح"، والجميل أيضًا أن عالمًا مصريًا هو الدكتور أسامة حمدي أستاذ السكر والباطنة بجامعة هارفارد الأمريكية، هو من يزف البشرى إلى مرضى السكر، وينقلنا إلى إنجاز حقيقي وليس خياليًا من إنجازات طب المستقبل المرتقبة في زمن التكنولوجيا الرقمية، من خلال مقالة علمية نشرها في مجلة cell metabolism، وهى واحدة من أوسع المجلات الطبية قراءة في العالم وأكثرها تأثيرًا واحترامًا..
حيث يقول العالم المصري في رسالته، التي تهم نحو 10 ملايين مصري مصابين بالسكر، من بين نحو 450 مليون مريض في العالم:
"إن هذا المقال يفتح الأعين على ما سيكون عليه طب المستقبل في عصر التكنولوجيا الرقمية، خاصة في مجال علاج الأمراض المزمنة كالسكر، فالمقال يشرح كيف ستتغير العلاقة في المستقبل بين الطبيب ومريض السكر، وكيف ستُغَير التكنولوچيا الرقمية من طريقة علاج المرض للأفضل.
فالمريض سيرى مستقبلاً طبيبه من منزله أو محل عمله دون الانتظار بعيادته ساعات طوالاً، والطبيب ربما سيكون هو أيضًا في منزله أو على شاطئ البحر في رحلة استجمام وهو يرى مرضاه ويتابع حالاتهم، فمناظرة المريض عن بُعد فيما يُعرف بـ Telemedicine ربما ستحل بالكامل محل العيادة كمكان تقليدي لفحص المرضى، ليس هذا فحسب؛ بل إن قياسات المريض من ضغط دم ووزن وقياس للسكر في الدم ستُرسل إلكترونيًا للطبيب دون عناء وبصورة مستمرة، وسيقتصر الكشف بالعيادة على بعض الحالات الخاصة التي تحتاج فحص إكلينيكي وهو نادر في الأمراض المزمنة؛ فأجهزة قياس السكر الحديثة بها شريحة كالهاتف المحمول تنقل قياس السكر فورًا إلى الطبيب، بل وتخبره أيضًا إن كان مريضه لا يقيس سكره في الدم كما نُصح!
إن الذكاء الصناعي يحدد نماذج التغير في مستوى السكر وينبه المريض والطبيب معًا، والمواعيد مع الأطباء ستكون كلها إلكترونية وبلمسة واحدة من الطرفين ويمكن تغييرها وإلغاؤها في أي لحظة، وسيشارك الأبناء آباءهم إلكترونيًا عند زيارتهم الطبيب؛ حتى إن كانوا يعيشون بعيدًا عنهم بآلاف الكيلومترات!.
ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل سيتم فحص قاع العين لمريض السكر في مكان وسيقرأه طبيب عيون، ربما يعيش على بعد مئات الكيلومترات، وستُرسل جميع الفحوصات إلكترونيًا للطبيب المُعالج، وستُرسل روشتتك للصيدلية مباشرة، وسيتم يوميا تذكيرك إلكترونيًا بمواعيد تناول دوائك، وحين تحقن الأنسولين سيعرف البرنامج كم حقنت ومتى وأي نوع من الأنسولين استخدمت، وسيصور جهاز متصل بخلفية هاتفك بكاميرا ثلاثية الأبعاد مع إسبكتروسكوب وجبتك، ليصف لك بالتفصيل مكوناتها ويحسب لك كم النشويات بها، وينصحك بكمية الأنسولين التي يجب حقنها بدقة، وستصل كل معلوماتك الطبية إلكترونيًا لأي مستشفى ترغب فيه، ولسيارة الإسعاف إن نقلتك، وتصل معلومات تغذيتك إلى مطبخ شقتك، فالثلاجة ستظهر لك الوجبات وترسل معلوماتها لفرن البوتاجاز الذي سيضبط حرارته وفترة طهيه، والثلاجة ستصور لك ما بداخلها لتتواصل معك في السوبر ماركت!!.
وسينصحك البرنامج بما يمكن أن تختاره في المطعم من وجبات ليناسب مرضك، وسيصل برنامجك الرياضي وبرنامج خفض وزنك لصالة الجيمنيزيوم لتطبيقه، باختصار سيصبح مريض السكر، محاطًا بالتكنولوجيا الرقمية والذكاء الصناعي من كل جانب في ما يشبه مدينة متكاملة متصلة إلكترونيًا Echo City، حيث يتمكن بسهولة من رؤية طبيبه من خلال تليفونه أو جهاز الكمبيوتر عدة مرات يوميًا، كل منها لدقائق معدودة ولأسئلة محددة، وسيدفع أجر الكشف الزهيد نقدًا وخصمًا من كارت الائتمان أو عبر شركات التأمين إلكترونيًا.
ويختتم العالم المصري رسالته بالقول: "الآن ستعتقد أن كل ما ذكرت درب من دروب الخيال العلمي الذي لا يُصَدَّق، ولكنك ربما ستندهش إن عرفت أن كل ما ذكرته هو واقع نجربه حاليًا مع بعض المرضى بمعظم تفاصيله وبنجاح لم أتوقعه، وستنتهي التجربة في يوليو المقبل، لنعلن للعالم عصرًا جديدًا في طريقة ممارسة الطب الحديث في علاج الأمراض المزمنة مثل السكر!، وأنا أقود الآن بنفسي هذه التجربة الفريدة والمبتكرة واخترت لها أصعب الحالات وأكثرها احتياجًا وأسوأها ضبطًا للسكر والنتائج الأولية مذهلة!"
ألم أقل لكم إنه خبر مُفرح، وليتذكر كل مريض سكر في المستقبل القريب حين يعتمد على هذه التكنولوجيا الرقمية في متابعة حالته وعلاجه أن من بدأ الخطوة الرائدة في هذا الطريق الرقمي، هو العالم المصري الدكتور أسامة حمدي أستاذ السكر والباطنة بجامعة هارفارد الأمريكية، فله منا كل التحية .
تعليقات