#جريدة_الآن حسن العيسى يكتب: فوق خلافاتكم

زاوية الكتاب

كتب حسن العيسى 679 مشاهدات 0


الجريدة:

ليست هي خلافات بين أفراد أسرة الحكم، بل هي صراعات مخفية على السلطة، ظهرت في الأيام الماضية بالإعلام المكتوب ووسائل التواصل الاجتماعي، وتجلت هذه الصراعات أيضاً في ممارسة الردح من قبل نائب أو نواب في مجلس هزيل، لا يصح تحت أي حال أن يكون كمخلب القط للمتصارعين. اختلافات الرأي والاجتهادات المتعارضة لما فيه مصلحة الدولة ومستقبلها أمر مطلوب، لكن حين تتحرك رموز انتهازية مدعية أنها تبحث عن المصلحة العامة لضرب وجهة النظر المختلفة معها، بينما هي تريد في الواقع تحقيق أجندتها ومصالحها الخاصة الفاسدة بطبيعة الحال، فهذا ما يجب عدم الصمت عنه. 

الشيخ ناصر صباح الأحمد تبنى منذ زمن طويل مشروع مدينة الحرير، وتطوير المنطقة الشمالية كي تكون نافذة تجارية على دول الشمال، وحلقة وصل اقتصادية بين الصين وأوروبا،، وهي رؤية واجتهاد انطلق من واقع غياب الخيارات الأخرى الممكنة لإيجاد مصدر رديف للدخل العام الوحيد وهو النفط، الذي أخذت أسعاره تتهاوى في السنوات القليلة الماضية، وتصاعد مع هذا النزول تنامي مصادر أخرى للطاقة، ويرافق كل ذلك جيوش ضخمة من القادمين لسوق العمل، بما يتجاوز 400 ألف خريج خلال عشر أو خمس عشرة سنة قادمة، مما يستحيل على القطاع العام المتهالك أن يستوعب تلك الأعداد.

مشروع الانفتاح هذا تبنته "الحكومة" في رؤية الكويت لعام 2035، وهي، وللمفارقة، الحكومة ذاتها الغارقة في قضايا لا حد لها من التسيب واللامبالاة وهموم الفساد و"تمصلح" قوى نافذة فيها و"حولها" لابتلاع الأخضر واليابس لما تبقى من مقدرات البلد، في رؤية مفرطة بالنرجسية لا ترى في الوطن سوى أنه وضع مؤقت زائل، ولابد من اغتنام رياح الفرص بعد هبوبها عليهم وحدهم.

هذه الحكومة، التي تقف حائرة مترددة اليوم أمام مشروع الانفتاح، أو ربما بكلمات أكثر دقة تقف غير مكترثة وغير مهتمة له، إن لم تكن تحاربه وتسخر منه، رموزها وهم من أسرة الحكم يصورون مشروع الرؤية وكأنه مسألة خاصة بالنائب الأول يتلهى به، وليس مشروع دولة ومستقبلها تبناه سمو الأمير. ممكن تقبل – كما أسلفنا - الاجتهادات المختلفة في الحكومة وبيت الحكم – وفي مثل وضعنا هنا يصعب وضع الحدود بين الحكومة الحقيقية وبيت الحكم - لكن الأمر لم يعد وجهة نظر أو رؤية مختلفة، بل تبدو كأنها عملية "تصيد" والعمل لاستبعاد وتحييد الشيخ ناصر الصباح الذي تكفل بتبني المشروع.

إذا كانت هي قضية صراع شيوخ وتصفية حسابات، وهذا أيضاً ليس بالجديد في دول تضعف فيها، وتكاد تغيب، المؤسسات القانونية، فهذا شأنهم طالما لا ينعكس هذا الصراع على إدارة الدولة، فلا يبقى، عندها إذن، إلا مطالبة هؤلاء المتصيدين إما أن يقدموا "رؤيتهم" الخاصة المنقذة لمستقبل الوطن كي تكون البديل المعقول والمقبول لمستقبل مجهول تحف به المخاطر الاقتصادية والأمنية، وهم بالتأكيد مفلسون، ولا يملكون شيئاً غير ثرواتهم المليارية التي حصلوا عليها عبر أقنية صفقات الفساد... أو أن يصمتوا للأبد، فهذا أبرك لهم ولنا.

تعليقات

اكتب تعليقك