#جريدة_الآن سالم إبراهيم صالح يكتب: المواطنون.. وحكومة الوافدين

زاوية الكتاب

كتب سالم إبراهيم صالح 482 مشاهدات 0


الأنباء:

لو بدأنا بعام 1911 افتتاح أول مدرسة نظامية متكاملة في الكويت، فقد كان أمل الحكومة، أن يتعلم «كل» الكويتيين ويحملون الشهادات العليا، اعتقادا منها أن ذلك الطموح سيرتقي بالكويت ويجعلها أفضل الدول، وأفضل الشعوب، عزز هذه الرغبة توافر المال بتدفق البترول، فأخذ الشعب يردد «بالعلم والمال يبني الناس ملكهم...»، فهجروا «حرفتهم» وصناعاتهم التي أتقنوها وبرعوا فيها، وكانت فيها البركة والرزق، وبمجرد أن تعلموا القراءة والكتابة تكالبوا على العمل المكتبي، وتنازلوا عن حرفتهم للوافدين، ظنا منهم أنهم ارتقوا، حتى أصبح كل الشعب الكويتي يحمل شهادات، وبوظائف إدارية، وطموحهم أن يصبحوا وزراء أو أعضاء بمجلس الأمة أو هيئات استشارية.

نحن البلد الوحيد الذي فيه القيادات أكثر من الرعية، والضباط أكثر من العساكر، اليوم تتعالى الأصوات احتجاجا على كثرة الوافدين، سؤال: من جلب الوافدين؟ غير هجركم لصناعتكم وعملكم الأصلي، وترككم الساحة فاضية لغيركم، حتى الوظائف الإدارية لم تخلصوا لها كآبائكم، بل دمرتموها تدميرا بالأعذار الطبية والروتين.

إن الوافدين لم يأتوا بمزاجهم، إنما نحن أتينا بهم ليسدوا النقص الذي صنعناه بتصرفاتنا وبسياسة وتشجيع الحكومة، إن كان الشعب يتحمل جزءا من الذنب، فقيادة البلد «ذات الكفاءة والإمكانيات، وصاحبة الدراسات، والخطط المستقبلية»، عليها الجزء الأكبر من هذا الوزر، حيث شجعت الشباب على الوظائف المكتبية وأكرمتهم، وأهانت الأعمال اليدوية، والشاقة، ولأثبت لكم «خمال» الحكومة، أتدرون ما هو آخر مجال حاربت الحكومة أبناء الوطن فيه وطشرتهم؟ إنها حرفة سيارات الأجرة، التي كانت مقتصرة على الكويتيين فقط، وأخيرا سمحت للوافدين بذلك، تحت حجة شركات لسيارات الأجرة، فأزاحوا أهل البلد، وزحموا الشوارع، وخسرت شركات النقل العام، الأمثلة كثيرة، ولكن،

فلو اشترطت الحكومة (وهنا بداية الحل) في كل المناقصات أن يكون سائقو التراكتورات والشاحنات كويتيين، وبراتب وكيل مساعد مثلا (في بداية الأمر لكسر الخجل) ثم تنطلق إلى المهن الأخرى، إن الدولة بيدها البلسم وكل العلاجات.

يا قوم: إنه «الدينار» هو الداء والدواء والوقود ومفتاح وسلاح كل سياسة ونظرية، ومحطم العادات والتقاليد والأعراف، اصرفوا في البداية، على التطبيق العملي مباشرة، لتصلوا أسرع للهدف، بدل الملايين الضائعة على الدراسات «ورق في ورق» ثم تقبر بالأدراج، لا بد من العودة للأعمال اليدوية، والفنية، شجعوا الشباب عليها (برواتب عالية) نريد أن نرى بنائين، ومساحين، ومعلمين صحيين، وكهربائيين، وصباغين، من الكويتيين، مهن تدر مالا، وعلما، وعافية جسدية، بدلا من أن يخسر الشباب أموالهم ووقتهم، بالنوادي الصحية، وأخذ الهرمونات، إن قيادة التراكتورات، والرافعات والونشات، خير من استهلاك البنزين في شارع الحب وغيره.

على الدولة أن تبدأ بالبحث عن الطريقة والأسلوب في حث الشباب على الانخراط في مجال العمل الشاق، وأعتقد أن مفتاح هذا المجال هو «الدينار» وابتداع مظهر «بريستيج» كبدلة مثل العسكرية، ومسمى يفتخر به الشاب، بذلك حتى المتقاعدون سيعودون للعمل..

انه عمل وطني بعيد المدى، بحسبة مالية، تغري الشباب، وتشجعهم كذلك على الزواج المبكر، وربما يساهم الشاب في بناء بيته بيده.

وأخيرا لا تلوموا الوافدين، فبلادنا خصبة، وسفينتنا كادت تميل وتنقلب حين تدافعنا، وتجمعنا بجانب واحد، فكان وجود الوافدين في الجانب الآخر خلق توازن لسفينتنا، وسارت نحو التنمية، عبر السنين.

يقول الشاعر:

نعيب زماننا والعيب فينا

وما لزماننا عيب سوانا

ونهجو ذا الزمان بغير ذنب

تعليقات

اكتب تعليقك