#راينا_الآن لماذا تحولت الاحتفالات بالأعياد الوطنية إلى مجرد قذف بالونات مياه , وإلى كرنفالات خالية من الروح ؟!
محليات وبرلمانمطلوب من الحكومة أن تجعل المناسبة فخراً بتضحيات الشعب الكويتي , وبإنجازاته الديمقراطية والفكرية
الآن مارس 3, 2019, 2 م 695 مشاهدات 0
رأينا الآن
انقضت الاحتفالات الوطنية بعيدي الاستقلال ,والتحرير يومي الخامس والعشرين والسادس والعشرين من فبراير ، ومرت من دون حوادث تعكر صفو هذه الاحتفالات إلا ما ندر وسط انتشار رائع لرجال الأمن وقدرة فائقة على السيطرة على الحشود التي تزاحمت في أماكن الاحتفالات.
لكن كانت هناك غصة تعصر قلوبنا ونحن نشاهد هذه الاحتفالات فضّلنا ألا نبوح بها ولا نكتب عنها حتى تنتهي الاحتفالات، حتى لا يُقال أن الصحافة لا ترى إلا السلبيات في هذا الوطن ولا تشجع إلا على نشر الإحباط، رغم أنها لا تريد إلا توضيح مواطن الخلل ولفت أنظار الجميع إليها كي يعمل المواطنون، بكافة تصنيفاتهم مسؤولين وأفراد عاديين ، على درئها ومحاربة الفساد وبناء الوطن.
في غمرة هذه الاحتفالات، نسينا ما الذي نحتفل من أجله؟! حتى باتت الاحتفالات في السنوات الأخيرة مجرد كرنفال شعبي، و مهرجان للماء في شارع الخليج العربي، ومجموعة أغنيات تتبارى شركات الدعاية والإعلان وبقية المؤسسات والشركات الخاصة على إذاعتها في القنوات والإذاعات وبقية وسائل الإعلام.
نسي المحتفلون الذين يتقاذفون الماء والألعاب النارية والأدوات الخطرة في المسيرات الوطنية أن هذه الاحتفالات جاءت بعد ابتلاء كبير ابتليت به الكويت في عام ١٩٩٠ حينما غدر الجار بجاره، ودخلت جحافل القوات العراقية الغازية أرض الكويت لتقتل أبناء الوطن وتطاردهم وتقيم حكماً ديكتاتورياً فاسداً، محاولة انتزاع الشرعية التي لم يفرط بها الكويتيون في يوم من الأيام.
نسي المحتفلون، أن هذه الاحتفالات لم تكن لتحدث لولا تضحيات أبناء الكويت ومقاومتهم واستبسالهم في وجه العدو، ولولا نجدة الأشقاء ومساعدة الأصدقاء في وجه هذا الغدر الآثم.
بل إننا نكاد نجزم أن الكثير من المحتفلين خصوصاً من صغار السن الذين لم يعاصروا فترة الاحتفالات الوطنية البسيطة البعيدة عن البهرجة ومحاولات التخريب والشغب، لا يعرفون سبب الاحتفال بيوم الخامس والعشرين من فبراير كيوم وطني رغم أن استقلال الكويت كان في التاسع عشر من يونيو، لكن قراراً أميرياً صدر عام ١٩٦٤ أدى لدمج اليوم الوطني بيوم ذكرى جلوس أبو الاستقلال وأبو الدستور المغفور له الشيخ عبد الله السالم في الخامس والعشرين من فبراير.
وللأسف وبدلاً من نشر قيم الاستقلال والتحرير، والتي تدور حول استقلال القرار الكويتي وحرية التعبير والافتخار بالدستور والمجالس النيابية وحريات الصحافة التي كانت الكويت تفوق بها أقرانها، نجد أن الشركات الإعلانية حولت هذه الاحتفالات إلى مهزلة دعائية تجلب فيها المطربين والممثلين من شتى أصقاع الأرض لتلحين وغناء ما يفترض أنها أغان وطنية، وهذا الضخ الإعلاني هو أمر متعمد وسلاح تستخدمه هذه الشركات الإعلانية لصناعة ما يسمى بـ" الموسم الإعلاني" وجلب المزيد من الأموال لخزائنها على حساب ذكرى التحرير والاستقلال.
ورغم أننا نرى أن الاحتفال حق مشروع وأصيل لكل أمة استقلت وتحررت، وأن الكرنفالات والمهرجانات الشعبية أمر اعتيادي في كل بقاع العالم، لكن علينا أن نذكر أنفسنا أننا لا نحتفل من أجل الاحتفال، إنما نحتفل لنتذكر تضحيات الآباء المؤسسين الذين كتبوا الدستور الكويتي وصاغوا إعلان الاستقلال في الستينيات، و نستذكر تضحيات الشعب الكويتي عام ١٩٩٠ حينما تمسك بشرعية الأسرة الحاكمة ووقف في وجه الاحتلال وقاوم المحتل الغازي.
ورغم ذلك، فإن كل هذا يهون، فالمواطنون هم أشخاص عاديون يبحثون عن الفرح ومن حقهم إقامة الكرنفالات والاحتفالات، والشركات الخاصة تقوم فلسفتها أصلاً على الربح السريع واستغلال أي حدث لترويج اسمها ومن حقها أن تفعل ذلك في الأيام الوطنية، لكن الغريب أن الحكومة تحتفل في كل عام وتقيم الأوبريتات وتنتج إداراتها الأغاني الوطنية بلا هدف أو غاية!
فالحكومة على عكس المواطنين أو المؤسسات الخاصة، يجب أن يكون احتفالها باستعراض إنجازاتها لا بمنافسة شركات الدعاية والإعلان على إنتاج الأغنيات والأوبريتات، لكننا وللأسف الشديد لم نشاهد في فترة الاحتفالات الوطنية أية عروض للإنجازات الحكومية لأنها للأسف الشديد لم تقم بإنجاز يذكر في السنوات الأخيرة.
وليس الأمر مقتصراً على فقر الإنجازات الذي تعاني منه الحكومة، فنحن لم نشاهد على الأقل مسؤولاً حكومياً يخرج في مؤتمر صحفي فترة الاحتفالات ليوضح لنا معدلات النمو والبناء والتنمية منذ تحرير البلاد من براثن الغزو العراقي حتى اليوم، كما أننا لم نشاهد أي عرض لخطط مستقبلية للحكومة توضح لنا خططها حول الإنسان والعمران والسياسات الخارجية والداخلية.
بل دعونا نقول أننا نطلب شيء بسيط من الحكومة – بالرغم من أن الميزانية الموضوعة تحت يدها تساوي ميزانية عشرات الدول الفقيرة والنامية حول العالم- فنحن لا نريد منها سوى أن تقول لنا في هذه الاحتفالات متى ستفتح المرافق الضخمة التي قامت بتشييدها وعلى رأسها مستشفى جابر وجامعة الكويت الجديدة، وماهي خططها لتشغيل هذه المرافق الضخمة خصوصاً وأننا نعلم علم اليقين أنها متورطة بسبب نقص الأيدي العاملة اللازمة لتشغيلها خصوصاً في وزارة الصحة وعلى صعيد الأطقم الطبية.
إن المبالغة في الاحتفال دون تذكّر قيم الاستقلال والتحرير ودون وجود إنجازات ملموسة على أرض الواقع، لهي إنكار حقيقي لما نعانيه من مشكلات كبيرة على صعيد انعدام التنمية والتقدم والتطور، والاحتفال هو مجرد مخدر كبير نحاول كلنا إغراق أنفسنا فيه لإنكار واقعنا المر.
ولكي لا نتحول إلى أمة تحتفل وتحتفل دون وجود إنجاز حقيقي، أو إلى أمة تعيش على أطلال ماضيها الجميل، يجب أن نبادر بالعمل، وأول عمل تقوم به الصحافة، هو ما نقوم به الآن، الإشارة إلى بواطن الخلل وطلب معالجتها.
تعليقات