#جريدة_الآن خالد محمد بودي : التصدِّي للنصب العقاري
زاوية الكتابكتب الآن - القبس فبراير 23, 2019, 11:19 م 613 مشاهدات 0
القبس
عندما نتحدّث عن النصب العقاري، فهذا لا يعني أنه أصبح شائعا في التداولات العقارية، فهنالك الكثير من الشركات والأفراد الذين يعملون في مجال تجارة العقار في الكويت بموثوقية ومصداقية. إن عمليات النصب تتعلق بفئة قليلة من العاملين في مجال التداول العقاري، ولكن هذه الفئة يتضرر من ممارساتها آلاف المواطنين، ممن ضاعت مدخراتهم. وتجاوزت قيمة الأموال التي تم الاستيلاء عليها مليار دينار، وفقاً لمصادر عدة، علماً بأن بعض من فقدوا أموالهم كانوا قد اقترضوا من البنوك وتحمّلوا أقساطاً باهظة، يستمر استقطاعها من رواتبهم لسنوات طويلة.
إنها مأساة بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى، حيث إن أغلبية المتضررين يعولون أسراً تعاني معهم. والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا حدثت عمليات نصب عقارية بهذا الحجم؟
الإجابة واضحة، فالنصب حدث في ظل غياب شبه كامل للرقابة الحكومية لفترة طويلة من الوقت، قبل أن تنتبه وزارة التجارة وتتحرّك، بعد أن تقدم الكثير من المتضررين بشكاوى عدة عن تعرّضهم لعمليات نصب عقارية.
إن ما وضعته وزارة التجارة من ضوابط ضيّق على من يمارسون النصب، ولكنهم ما زالوا يستغلون بعض الثغرات التي ما زالت قائمة. ومن أكثر مجالات النصب العقاري بيع الوحدات العقارية على المخطط؛ إذ يتسلم البائع دفعات عدة وينجز جزءاً من المشروع للتمويه، ثم يتوقّف عن البناء ويختفي مع أموال الضحايا. يجب وضع ضوابط لعمليات البيع على المخططات، وإلزام البائع بتقديم كفالة مصرفية يتم تسييلها لإعادة الأموال للمشترين، عندما يتعثّر المشروع أو يختفي البائع. كما أن المخططات يجب أن تُفحص من الجهات الرسمية، مع مراجعة كيفية إصدار الوثائق للمشترين، وطبيعة هذه الوثائق وإمكانية التصرّف فيها بالبيع أو نقل الملكية، ومن يخالف تلك الضوابط يتعرّض لعقوبات رادعة. كما أن من المجالات الخصبة للنصب العقاري بيع عقارات في الخارج لا يعاينها المشتري. لذلك، يجب أن يمنح المشتري الفرصة لمعاينة العقار بنفسه، أو من خلال من يمثله، وأن تخضع وثائق العقار للفحص من قبل مكاتب قانونية مستقلة في الدولة التي يقع فيها العقار، ويختار تلك المكاتب مكتب المحاماة المحلي الذي يجب ألا يتم البيع إلا من خلاله.
إن كثيراً من المواطنين اشتروا عقارات تبيّن في ما بعد أنها وهمية، وغير موجودة أصلا، أو أنها في حالة مزرية بخلاف الصور التي عرضها البائع للعقار.
ومن الحالات التي تحدث فيها عمليات نصب عقارية عدم ملكية البائع للعقار، أو أنه يملك جزءاً منه، ولكنه غير مفوّض بالبيع، ومع ذلك يتسلم الأموال ثم يختفي. وهنا تصبح عملية البيع غير قانونية. لذلك؛ يجب التأكد من خلال المكتب القانوني أن البائع مفوّض بالبيع، وأن يقدم كل الوثائق القانونية التي تؤكد ذلك.
كما حدثت عمليات خداع من خلال بيع وحدات استثمارية والادعاء بأن عوائدها مرتفعة تتجاوز ١٠% أو ٢٠% أحيانا. إن هذا النوع من عمليات البيع قد تضرر منه الكثير من المواطنين الذين اكتشفوا أن هذه الادعاءات كانت غير صحيحة. إن هذا النوع من عمليات البيع يجب ألا يسمح به إلا في ظل ضوابط وقواعد وشروط محكمة.
ومن مجالات الخداع: إخفاء المعلومات الخاصة بالرسوم والضرائب التي يجب على المشتري دفعها عند نقل الملكية، وتلك التي يجب دفعها بصورة دورية، إضافة إلى إخفاء المعلومات المتعلّقة برسوم الصيانة ورسوم الخدمات الدورية. إن هذه المصاريف قد تجعل العقار مكلفاً للاستخدام الشخصي أو غير مجدٍ استثماريا. وهنا يأتي دور مكتب المحاماة المحلي في حصر جميع هذه المصاريف واطلاع المشتري عليها قبل الشراء، ما قد يجعله يتراجع عن عملية شراء العقار.
إن ما عرضناه آنفاً يمثل بعض الثغرات وطرق الخداع التي يستغلها من يقومون بعمليات النصب. إن وزارة التجارة مدعوّة الى إعداد دراسة شاملة عن مجالات النصب والاحتيال العقاري وحصرها، ومن ثم وضع القوانين واللوائح الكفيلة بمنع، أو على الأقل، الحد من عمليات النصب العقاري، إلى أدنى درجة ممكنة، حتى لا تضيع مدخرات المشترين، وحتى تزداد الثقة في عمليات تداول العقار.
وبالله التوفيق.
تعليقات