#جريدة_الآن محمد السدَّاني يكتب: عندما لا نملك مشروعاً حقيقياً
زاوية الكتابكتب محمد السداني فبراير 21, 2019, 11:22 م 3372 مشاهدات 0
الجريدة:
عندما كنت أقرأ التاريخ العربي ببطولاته وقصص العزة والإباء، كنت أستغرب من حالة التبعية التي عاشها الغساسنة والمناذرة مع الروم والفرس، وكنت أتساءل عن سبب تبعية هذه القبائل العربية لأنظمة تعتبر معادية للعرب ولمعتقداتهم قبل ظهور الإسلام بسنين طويلة.
ولعل هذا السؤال لم يجد له سبيلا للجواب إلا في السنوات الأخيرة التي عشناها ونحن نشاهد العواصم العربية تتساقط الواحدة تلو الأخرى في أحضان إيران والبعض الآخر في حضن التطبيع والخيانة التي يسوق لها الآن على أنها خطة لنشر السلام في المنطقة، وكأننا نحتاج في هذه الفترة أستاذا ليعلمنا معنى السلام ومفهومه بعد كل هذه السنوات من الاعتداء والاستيطان من قبل العدو الصهيوني.
يسألني أحد الأصدقاء مع من ستقف إذا تصادمت القوى العظمى مع إيران أو ما يسمى "إسرائيل" وكأننا في خيارين لا ثالث لهما؟ والحقيقة مع كل المعطيات التي عرضت علينا للأسف أننا ما زلنا نفكر بعقلية التبعية العربية للغساسنة والمناذرة التي افتقدت مشروع الدولة فصارت تبعا لدولة أخرى.
إن المشروع الإيراني أو التركي أو الصهيوني هي مشاريع دول تسعى إلى بسط نفوذها على مناطق إدارية كثيرة تساهم في توسيع رقعة النفوذ وتؤسس لمرحلة دولة عظمى لأي منها.
وهنا يبرز سؤال مهم: لماذا نتبع أيا من المشاريع السابقة، نحن في المنطقة العربية لا يمكن أن نصنف أنفسنا بأننا أقل من العقول والأفكار الأخرى التي أسست لهذه المدارس والمشاريع، والتي بدأت تؤتي أكلها في الأزمة الأخيرة مع اختلافنا معها بكل تأكيد.
إن غياب المشروع العربي الإسلامي هو ما جعلنا نتشعلق بأي مشروع قريب نستطيع من خلاله أن نحقق ذاتنا ونشفي غليلنا من أعدائنا الذين لا نستطيع مواجهتهم، فكل من يعادي إيران ويضعها في صف إسرائيل كعدو يشابه إيران فإنه يروج لفكرة متخلفة، فشتان بين المثالين، كيف نريد لإيران أن تصبح دولة محترمة ونحن نعزلها عن محيطها إقصاءً وعقوبات وحصارا اقتصاديا دمر ما بقي من حضارة قورش.
طالما كنّا لا نملك مشروعا حقيقيا نعمل فيه وفق ضوابط حقيقية فلن نكون أبدا أمة قوية ولا كتلة مُهابة من الجميع، وتجد أبناء مجتمعك جزءاً مرتمياً في أحضان تركيا وآخر في إيران وأسوأ الأحضان هي أحضان العدو المحتل الصهيوني الذي يعمل بشكل ممتاز لتسويق فكرة التطبيع مع دول العرب التي، والله أعلم، تميل إلى "الهافا نجيلا" أكثر من ميلها للهبان الإيراني أو الكباب التركي.
خارج النص:
• إصلاح الدولة لا يبدأ من المواطن الصغير، بل من الأعلى.
• شوارعنا تحتاج ثروة طائلة كي تعود شوارع دولة محترمة.
تعليقات