#جريدة_الآن أ. د. فيصل الشريفي يكتب: المعارضة السياسية والإصلاح المنشود
زاوية الكتابكتب د. فيصل الشريفي فبراير 11, 2019, 11:19 م 884 مشاهدات 0
الجريدة:
قبل أكثر من تسع سنوات كتبت عن مفهوم "المعارضة السياسي" بأنه يمثل مجموعة أو أفرادا يختلفون مع الحكومة على أساس ثابت وطويل الأمد، ويكون أكثر وضوحاً في حالة وجود الأحزاب التي تختلف مع الحكومة وترغب في الحلول محلها، بحيث تمارس المعارضة دورها في الإطار الشرعي ضمن الحدود المسموح بها في القانون.
في الدول المتقدمة تمارس المعارضة نشاطها بملء حريتها، وقد يصل الخلاف بينها وبين والحكومة إلى مراحل يصعب معها التفاهم، لكن هذا الخلاف لا يخرج عن الإطار القانوني المتوافق عليه سلفاً في حالة وجوب التغيير، وعلى كلا الطرفين القبول بالنتائج، وخير دليل على ذلك الأحداث التي تزامنت مع خروج بريطانيا من اتفاق "بريكست" وما تبعه من إجراءات في حجب الثقة عن رئيسة الوزراء.
المحصلة مصطلح المعارضة السياسي قد يختلف من بلد إلى آخر ومن نظام سياسي إلى آخر بحسب شدة المعارضة ومرونة النظام البرلماني، وقد تكون المعارضة ممنوعة أو مرحباً بها في بعض البلدان، وخلاصة القول المعارضة بمفهومها السياسي هي الأشخاص والجماعات والأحزاب، الذين يكونون مناوئين، كليا أو جزئيا، لسياسة الحكومة.
بعد هذه المقدمة يتبين لنا أن المعارضة السياسية يمكنها العيش في ظل الأنظمة الديمقراطية، بل إنها تساهم وبشكل كبير في تحسين الظروف الحياتية للمواطنين من خلال لفت انتباه الحكومات لبعض مواقع الخلل ومعالجتها، وبما أننا في دولة الكويت فإن الدستور أتاح فيها للسلطة النيابية تميزاً على السلطة التنفيذية، فأعطاها حق المشاركة والتصويت على القوانين والتشريعات، ومكنها من حق المساءلة السياسية وطرح الثقة، بل إن الدستور أعطى الحق لنائب واحد أن يكون معارضا، وأتاح له استجواب الوزراء ورئيس الحكومة، كما أنه أعطى النواب حق التصويت على طلب طرح الثقة فقط.
في المقابل، ورغم القيمة النوعية التي أتاحها الدستور، فإن مفهوم المعارضة لم يصل إلى مرحلة النضج السياسي من خلال القدرة على المناوءة السياسية كعمل ثابت طويل الأمد؛ لذلك كانت المواقف السياسية مذبذبة تتحكم فيها الظروف، فتارة تراها تنجح مع وزير وتفشل مع غيره بحسب انتمائه الحزبي والعائلي والمذهبي، رغم أن معطيات مادة الاستجواب قد تكون متشابهة وعلى البنود نفسها.
هذا النوع من المعارضة السياسية قد لا يسمح بتطور العمل الديمقراطي، وقد يكون أداة هدم في معظم الأحيان، لذلك ترى أغلب الوزراء لا يكترثون كثيراً بتحسين الأداء بقدر حرصهم على إيجاد الوسائل التي تقيهم منصات المساءلة السياسية، والتي غالباً تكون على حساب الوطن والمواطن.
المشكلة أن الصراع الطبيعي بين المعارضة والحكومة قد تحول إلى تنمر بين النواب فيما بينهم رغم ما أتاحه الدستور من مساحة واسعة للمناورة السياسية، لكن وللأسف صار وبفضل سوء التصرف من بعض نواب المعارضة والموالاة بإصرارهم على استخدام لغة التخوين وتصفية الحسابات وعقد الصفقات، وسيلة لهدم كل مقومات الديمقراطية.
"خدمة الكويت شرف لا يناله سوى المخلصين"
ودمتم سالمين.
تعليقات