#جريدة_الآن الأمير بندر بن سلطان يروي ما لم يُروى من قبل عن أسرار علاقة السعودية بالرئيس السوري بشار الأسد

عربي و دولي

عبر حوار مطول قام به رئيس تحرير اندبندنت عربية عضوان الأحمري

الآن 1994 مشاهدات 0


تنشر  مقابلة مطولة قام بها رئيس تحرير صحيفة إندبندنت عربية عضوان الأحمري مع السفير السعودي السابق في واشنطن ورئيس الإستخبارات السعودية السابق الأمير بندر بن سلطان . 

ذكر الأمير بندر حديثاً خاصاً دار بين بشار وولي العهد السعودي وقتها، والملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، وكيف أن القلق على سوريا دفع الملك للمكوث أكثر في دمشق. قال الأمير: "التفت إلي الملك بعد أن أطلعني على ما جرى وأخبرته بما دار بيني وبين بشار قبل وصول طائرة الملك". وذكر الأمير أن الملك فجأة قرر تمديد إقامته في سوريا، وأنه أخبره أنه قال لبشار "اسمع، كنت أنوي العودة إلى المملكة الليلة، لكنني سأنام هنا الليلة. وسأرسل لمصطفى طلاس واللواء حكمت الشهابي - رئيس هيئة أركان الجيش السوري في عهد حافظ الأسد - ونائب الرئيس عبدالحليم خدام لأؤكد عليهم أننا نقف مع بشار الأسد، ولا نقبل بأن يلعب أحد بذيله معك، ولكي يقف رجال والدك كلهم إلى جانبك".

ويسرد الأمير بندر تفاصيل حديث الملك مع بشار، على لسان الملك عبدالله ويقول: "سألته هل أرسل الأميركيون وفداً، قال نعم مادلين أولبرايت - وزيرة الخارجية الأميركية في عهد الرئيس بيل كلينتون - ستصل غداً متأخرة وتغادر بعد التعزية. قال الملك نريدها أن تبقى، قال بشار: ولكنهم قالوا إنها ستغادر...أمرني الملك بالاتصال بالرئيس الأميركي بيل كلينتون، كي يطلب من أولبرايت البقاء في سوريا والاجتماع ببشار الأسد بعد مغادرة المعزين. قال كلينتون لي: هل هي ضرورية؟ قلت نعم. قال أخبرها، قلت له يا رئيس أنت تخبرها".

وسط هذا السرد، قال الأمير عبارة تبين حجم الشعور بالخيبة تجاه بشار الأسد وانقلابه على الجميل السعودي حسب وصفه وهي: "لم يبق شيء يمكن أن تفعله السعودية أو الملك عبدالله أو أنا لـ "الولد هذا" حتى نضمن بقاء سوريا قوية ونظامها قوياً إلا فعلناه".

يقول الأمير، إنه بعد شهرين من صعود بشار إلى سلم الحكم، واستقرار الأمور السياسية في سوريا، طلب منه الملك عبدالله الذهاب إلى دمشق ولقاء بشار، ويقول الأمير بندر: "ذهبت فعلاً، واستقبلني بشار بطلبات ... ترتيب زيارة له إلى فرنسا وطلب مقابلة الرئيس الفرنسي جاك شيراك، وقال إنه لا يعرف كيف يحصل على دعوة. سألته أين تريد أن تذهب؟ قال باريس ولندن. قلت له سأستأذن من الملك. عدت إلى السعودية وأخبرت الملك، فاتصل برئيس الحكومة اللبناني الراحل رفيق الحريري، الذي كان يتواجد صدفة في المملكة، جاء الحريري وكان لا يعطي اهتماماً لبشار الأسد في حياة حافظ، ويتجاهل الطلبات التي يرسلها إليه، ويقول "جيبوا موافقة من حافظ". ولم يكن رفيق الحريري يفعل هذا إهانة لبشار، بل احتراماً لحافظ الذي أرسل للحريري قائلاً: "إياكم وأن يأتيكم أحد ويقول لكم الرئيس أرسلني، أو يطلب مساعدة، لو كان هناك أي شيء أنا أكلمكم".

ويواصل الأمير حديثه عن بشار وطلباته وشخصيته: "واستطراداً، بشار عكس ذلك تماماً. فقد أرسل لي ابن خاله رامي مخلوف، رسالة عاجلة لوالدي الراحل الأمير سلطان بن عبدالعزيز، حين كان وزيراً للدفاع، يطلب فيها رؤية الأمير بندر، ثم الأمير سلطان، قلت له ما الموضوع؟ قال هناك مشروع في وزارة الدفاع السعودية وهناك شركة فرنسية مع عدة شركات في المشروع وأنا وعدتهم (أن ترسو عليهم المناقصة). قلت له توقعت وجود مشكلة كبيرة، قال هذا موضوع مهم لنا. قلت له أنصحك أن لا تذهب للأمير سلطان، الموضوع لا يستحق إخبار الأمير به. ذهبت للأمير سلطان في منزله وأخبرته بذلك، فاندهش من الطلب، واتصل بـ علي الخليفة مدير مكتبه، وسأله هل هناك شركة فرنسية قدمت على المشروع الفلاني... قال نعم، قال احذفوها، في غضب من الأمير سلطان على الطلب والتوسط في هذا المشروع".

وبعد هذه القصة يعود الأمير بندر لطلبات بشار في اللقاء الذي عُقد عقب وفاة حافظ، وما كلفه به الملك عبدالله: "وبالعودة إلى موضوع طلب لقاء شيراك ورئيس الوزراء البريطاني، توني بلير، وجّهني الملك بلقائهما، والقول إننا ننصح بلقاء بشار، رفيق الحريري قال إنه مضطر للعودة إلى بيروت ليومين ثم يذهب، فقال له الملك عبدالله لا داعي، بندر سيتولى الموضوع.  ذهب بشار إلى باريس واستقبل استقبالاً لائقاً، ثم انتقل إلى بريطانيا واستقبله رئيس الوزراء. وبعد هذه الزيارات بدأ يتغير، وبدأ يتسلل البرود فيه وفي تعامله معنا".

وبعد الحفاوة قبل أن يصبح بشار رئيساً، وبعد حصوله على ما يريد، تغير تعامله مع الأمير بندر شخصياً ومع السعودية بشكل عام، ويحكي الأمير قصة عن ذلك: "طلب مني الملك عبدالله من جديد الذهاب إلى دمشق، لإخبار بشار الأسد بأن الجانب الأميركي يلح على فتح موضوع محادثات السلام والجولان. ذهبت، وجعلني أنتظر يوماً، واستغربت من ذلك. في صباح اليوم الثاني، اتصلوا بي وقالوا الرئيس بانتظارك. جئت ووجدته منتظراً عند الباب. رحّب بي وسألني عن جلالة الملك والعائلة قلت له: خادم الحرمين يسأل بالنسبة للولايات المتحدة، هل قررت شيئاً، لأنهم يسألون، أو ما رأيك أو قرارك حتى نستطيع المساعدة، قال لي: "لا أحبّذ (ماني هاضم) - وهنا تحدث الأمير بلكنة سورية مقلداً بشار حين قال العبارة السابقة -  موضوع المباحثات كاملة". قلت له "خير". وكنت حريصاً على أن لا يكون هناك أي ضغط من السعودية عليه. وقلت "أودعك". وأصر علي كي أبقى، فأجبته "لا داعي للبقاء". فجأة قال لي: كيف أستطيع الاتصال بك؟ قلت له بأنني لا أحمل هاتفاً جوالاً، لكنني أعطيته رقم الضابط المرافق معي. وسألته: وأنت كيف أتصل بك مباشرة؟ قال هناك شخص أثق فيه ثقة تامة، هو محمد سليمان. وهذا رقم هاتفه - العميد محمد سليمان هو من كان له علاقة بكوريا الشمالية بشأن المفاعلات النووية وهو أيضاً حلقة الوصل بين بشار وبين أجهزة الدولة، والعميد سليمان قتل على يد قناص من البحرية الإسرائيلية أثناء استقباله لضيوف في منزله الكائن على الشاطئ الذهبي في طرطوس، وكان الرئيس بشار الأسد في حينها بزيارة إلى طهران-  عدت إلى السعودية وأخبرت الملك، فقال "نحن نريد مساعدته".

تدريجياً بدأ بشار يقوم بتصرفات غريبة، بدأ يزور إيران وبدأت تحصل تحركات غريبة لسوريا في لبنان، شعرنا أن هناك شيئاً ما، لكن الملك قال "أهل مكة أدرى بشعابها"، إذا كانت هذه العلاقات والتحركات تخدم بلاده فهو أدرى.

يبدو أن تجاهل الحريري قديماً لطلبات بشار الأسد واشتراطه وجود موافقة من والده حافظ الأسد، حملها بشار في صدره بعد وصوله لسدة الحكم. يقول الأمير بندر إن الرئيس رفيق الحريري بدأ يشتكي من تصرفات بشار، ويضيف الأمير: "جاءت قصة الرئيس اللبناني الأسبق إميل لحود والتمديد له. نجح الحريري في إقناع النائب  - في حينها -  وليد جنبلاط ونبيه بري وبعض المسيحيين بأنه لا ينبغي التمديد لإميل لحود. فذهب مدير الأمن العام اللبناني جميل السيد إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري (بإيعاز من بشار) ، ويبدو أن الزيارة كانت للتهديد، وبعد اللقاء بين جميل السيد ونبيه بري، أعيد التصويت ووافقوا على التمديد للحود. رفيق الحريري غضب واستقال، وعيّن سليم الحص رئيساً للوزراء، وجرت انتخابات بعد فترة، عمل فيها رفيق الحريري الغاضب، بجهد مع المسيحيين والدروز والسنة، وخرجت النتيجة بأغلبية لصالحه. الأحداث معروفة، جن جنون السوريين، ونقلوا رئيس شعبة المخابرات السورية في لبنان اللواء غازي كنعان، وأصبح وزير داخلية، وتم تعيين اللواء رستم غزالي كبديلٍ عنه. وتلقى رفيق الحريري تهديداً بالقتل، فاستقل طائرته وجاء إلى السعودية وأخبر الملك عبدالله بما حدث".

يقفز الأمير بندر أثناء الحوار إلى معلومة ثم يعود لأخرى، ويقول : "في العام 2002 عقدت القمة العربية في بيروت، ووصلتنا معلومات حول إمكانية تنفيذ عمل إرهابي يستهدف طائرة الملك عبدالله ولي العهد آنذاك، خاصة أن الضاحية الجنوبية، منطقة حزب الله تمتد حدودها حتى سور مطار رفيق الحريري الدولي. اقترحنا على الملك عبدالله - ولي العهد في ذلك الوقت-  الذهاب إلى دمشق، والتوجه بالسيارة إلى بيروت من هناك. سُعد بشار الأسد بهذه الخطوة، وتوجّه رفيق الحريري وإميل لحود إلى الحدود اللبنانية السورية لاستقبال الملك عبدالله.

خلال تلك القمة كان الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات سيلقي كلمة، ولم أعد أذكر هل كانت من رام الله أو من تونس، ومن منعه من حضور القمة في لبنان هم السوريون، وحين عرفوا أنه قد يلقي خطاباً عبر الأقمار الصناعية، أبلغوا إميل لحود بأن يقطع الإرسال عليه لمنع بث كلمته".

ويواصل الأمير سرد القصة : "في الطريق إلى لبنان بالسيارة، في ذلك التوقيت، تعرض الأمير نواف بن عبدالعزيز لجلطة، ولهذا استعجل الملك ولم يقض وقتاً طويلاً في بيروت أو دمشق بعد القمة، لكنه تحدث مع بشار الأسد بشكل شخصي وقال له: إسمع يا بشار أنت ورفيق الحريري واحد، وأنتما مثل أولادي، وأحمّلك مسؤولية أي شيء يحدث له، وقد أعذر من أنذر، وبعد مرور سنة ونصف استقال رفيق الحريري من منصبه".

ويكمل الأمير سرد القصة : "كان رفيق الحريري في إجازة، وأصيب في يده، جاءه رستم غزالي وقال له الرئيس بشار الأسد يريدك فوراً، فتشاور مع أكثر من شخص، وليد جنبلاط قال له لا تذهب للأسد، عد إلى السعودية لفترة، وقال له نبيه بري إن ذهبت وحدث لك شيئ فهم المسؤولون. واستقال الحريري وقرر الذهاب لدمشق، وقبل أن يذهب التقى بعبدالحليم خدام الذي طلب منه عدم التعليق على ما يقوله له الأسد وقال له بعد أن تلتقيه عد إلى بيروت ثم اذهب إلى المملكة، لأنني أرى تحركات واجتماعات مريبة. وكان خدام يقصد اجتماع بين بشار والأجهزة الأمنية وأطراف أخرى".

ويسرد بندر بن سلطان تفاصيل إضافية نشر بعضها سابقاً عن لقاء الحريري ببشار : "عند دخوله على بشار الأسد، لم يجد الحريري وزير الخارجية فاروق الشرع أو عبدالحليم خدام، بل وجد غازي كنعان - الذي انتحر بثلاث طلقات في رأسه لاحقاً ولأول مرة نعرف أن شخصاً ينتحر ثم يضع المسدس على المكتب . مات جميع الضباط لاحقاً، وتم إخفاء كل دليل مادي يوصلك إلى من قتل الحريري- قصة الأسد مع الحريري معروفة، بدأ الأسد بالشتم والهجوم وقال له نفّذ كل ما يطلبه منك لحود واذا كنت تعتقد بأن علاقتك مع الملك عبدالله والسعودية، وجاك شيراك ستحميك "والله لأطبق لبنان على رأسك أنت ووليد جنبلاط". ومن كثرة الشتم والتهجّم عليه نزف الحريري دماً من أنفه نتيجة للشحن والضغط الذي تعرض لهما بعد ما سمعه من كلام وتهديد. مر خدام بالحريري وقال له: ألم أقل لك؟ فرد الحريري، سأستقيل ولن أتحدث مع أحد، لكنني لن أخرج من لبنان. توجه الحريري إلى جنبلاط وأخبره بما حدث، وبعد هذه الحادثة بأسابيع وقع تفجير واغتيل الحريري، واتصل الملك عبدالله ببشار وأسمعه كلاماً قاسياً، وكان بشار يقسم بالله بأن لا دخل له، فجاء رد الملك: إن لم يكن لك علاقة بالموضوع إذاً سلّم من لهم علاقة، نعرف جميعاً أنه لا يمكن أن يحدث شيئ في لبنان دون تدخل منك. وطلب الملك تسليم المطلوبين".

بدأ المجتمع الدولي بالتحرك، والأسئلة تدور، ويقول الأمير عن الأيام الأولى بعد اغتيال الحريري : "جاء الرئيس الفرنسي شيراك وقدّم العزاء وتحركت الأمم المتحدة، وجرى الاتفاق على تشكيل لجنة مبدئية ترأسها إيرلندا، تذهب إلى بيروت وتعاين التفاصيل، وترى هل هناك جريمة أم لا، وتجمع الأدلّة وتتأكد إن كانت المحاكم اللبنانية قادرة على التنفيذ، أو أن هناك حاجة إلى محكمة دولية.

وظهرت النتيجة، وتوصلت اللجنة إلى أن ما حدث يعتبر جريمة وأن هذا الحجم الضخم من المتفجرات مستحيل أن يكون لشخص، ورأت بأن المحاكم اللبنانية غير قادرة على متابعة هذا الملف، إذ سبق أن اغتيل 4 قضاة قبل الحكم على قضايا مختلفة، وكان التحقيق جارياً بملفاتهم منذ 20 عاماً، فتم توجيه النصح بتشكيل محكمة دولية.

يواصل الأمير بندر سرد قصة ما بعد اغتيال الحريري: "طلب مني الملك عبدالله الذهاب إلى بشار الأسد، وهذه كانت المرة قبل الأخيرة التي أراه فيها تقريباً. فتوجهت إليه في دمشق، وقلت له تعاون مع المحكمة الدولية. فأجابني: "أخ بندر ما فيه دليل، شو الدليل". قلت له: هذا يعود للمحققين، لدينا علم بالزيارة الأخيرة لرفيق الحريري وماذا قلت له. فرد بشار: غير صحيح، جاء وقال إنه يريد أن يستقيل قلت له هذا أمر يعود لك واستقال. قلت له: غير صحيح، هو استقال ثم جاء إليك بعدها.

ونصحته خلال اللقاء بتفادي غضب الملك عبدالله. وأخبرت بشار بأن لجنة تحقيق دولية ستتشكل، وفي هذه الأثناء سيبدأ أيضاً تشكيل المحكمة وهذا سيأخذ وقتاً. وقلت له إن اللجنة ستذهب إلى بيروت وتبدأ التحقيق ويريدون عدة أسماء، لا بد من موافقتكم على التحقيق معهم. فسألني من هم؟ قلت له أخوك ماهر، ونسيبك آصف شوكت، واللواء جامع جامع وأسماء أخرى. صمت بشار لدقائق ثم قال: التحقيق أين سيكون؟ قلت في مقر اللجنة، اختير لها فندق في الجبل حتى يتم تأمينه، والشهود والمشتبه بهم يذهبون إليه ويعودون. رد بشار أنه لن يسمح لضباطه بالذهاب إلى لبنان للتحقيق معهم، فشرحت له بأن أفراد لجنة التحقيق الدولية وهم مختارون من الأمم المتحدة، هم من سيحققون، وليس اللبنانيين. رفض. فعرضت عليه أن نقترح عليهم المجيء إلى دمشق، فوافق على العرض. أقنعنا الأميركيين والفرنسيين بذلك، وجاء فريق فعلاً والتقى بفريق بشار الأسد وأخذ أقوالهم سراً".

لم يكن السعوديون وحدهم من يشعر بالمرواغات من قبل بشار الأسد، بل إن أحد أعضاء فريق التحقيق - ألماني الجنسية - قال بعد عودتهم من دمشق أنه يجب عليهم المغادرة. يقول الأمير بندر عن السبب : "حين وصل إلى مقر الأمم المتحدة أخبر المسؤولين عن التحقيق، بأن مترجم ضباط بشار الأسد، لم يكن يترجم الأسئلة والأجوبة بشكل صحيح، وبأنه جرى تفتيشهم قبل دخولهم ولم يتمكنوا من التسجيل. جاك شيراك اتصل بالملك عبدالله، واستنكر ما يحصل من خداع وتلاعب من قبل بشار وتحدث معه عن ضرورة الخروج بقرار من مجلس الأمن".

وهناك مصادفة غريبة متصلة بالموضوع، وهي أن العماد ميشال عون، الرئيس اللبناني الحالي، كان في الولايات المتحدة وقتها، يقوم بـ "لوبيينغ" حملات ضغط في الكونغرس لفرض عقوبات على بشار وسوريا ولطلب سحب قواتها من لبنان".

وعن الزيارة الأخيرة، حدث ما لم يحدث من قبل، فبعد الود الذي بدأ قبل أن يتولى بشار الرئاسة، حتى أصبح رئيساً، وقع حرج بين الرياض وباريس تسبب به رئيس النظام السوري… يقول الأمير بندر : "عُدت مرة أخرى إلى سوريا، وأطلعت بشار على جدية الموقف وقلت له إن الحبل بدأ يقصر، وأن خطوة واحدة تفصله عن أن يصبح وحيداً وأنه لن يجد من يرد عليه السلام. قال لي حينها: أنا فكرت في الموضوع، وأوافق على أن تستجوب اللجنة الضباط بشرط استثناء "ماهر وآصف". وثانياً أن يكون التحقيق في جنيف أو فيينا، وثالثاً بأن يكون هناك ضمانة بعودتهم إلى سوريا بعد التحقيق. قلت له هذا تقدم في العرض، لكنني سأتطوع وأقول لك شيئاً. تعرف ماذا كان والدك الراحل يقول عن والدي؟ وسردت له قصة بين الراحلين، وهي أن الأمير سلطان بن عبدالعزيز حين كان وزيرا للدفاع كان يتحدث مع حافظ الأسد وقال له: أقضي عيد الحج في تبوك والصيف أمضيه في الجنوب وفي الزيارتين أكون قريباً من القوات المسلحة وأزورهم. أعجب حافظ بفكرة الزيارات الدورية للقوات المسلحة، وقال إنه سيطبقها"، وأكمل الأمير بندر لبشار شرح القصة والهدف منها : "بعد فترة عدت أنا وزرت والدك حافظ وسألني عن صحة جلالة الملك فهد وعن سمو ولي العهد، ثم سألني عن والدي وقال: "هو لسى بيزور القوات في الأعياد؟". فقلت له نعم كيف عرفت؟ وقال لي: هو أخبرني، هذه حكمة، وقل له يقول لك حافظ بأن تبقى دائماً في الأعياد عند القوات المسلحة، سيشعرون أنك منهم وفيهم وبينهم، والآن يا أخ بشار ضباطك مطلوبون وستوافق على ذهابهم إلى فيينا باستثناء أخيك وزوج أختك، ولو كنت أنا ضابطاً في القوات المسلحة لن أدين لك بالولاء والطاعة، خصوصاً حين تضحي بهم وتمنع أخاك وزوج أختك من الذهاب. قال لم أفكر بهذه النقطة، ثم رد: أنا موافق".

بعد حديث بشار، نفذ الأمير بندر ما أمره به الملك عبدالله. الذهاب إلى باريس وإخبار جاك شيراك بالموافقة، وشيراك يخبر الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان.

لكن شيئاً ما حدث بعد زيارة الأمير لباريس، فبعد أن استقل الأمير طائرته وذهب إلى باريس، وأخبر شيراك بموافقة الأسد على تسليم المطلوبين، خرج الرئيس الفرنسي للإعلام وصرح بهذا التطور. وعندها غضب بشار، وأصدرت الخارجية السورية تصريحاً على لسان وزير الخارجية ينفي ما قاله شيراك، وأن دمشق لم تعِد بشيء، ولن تسلم أحداً، ليحرج بذلك الفرنسيين والسعوديين.

يتحدث بندر بن سلطان عن الحرج الذي أوقعه فيه الأسد، ويقول جاءه اتصال من الإليزيه ليكون الرد لشيراك "فخامة الرئيس أنا أخبرتك بما حدث، ما قاله وزير الخارجية أو بشار بعد أن خرجت، لا أعرف عنه شيئاً، ولكن دعني أتصل بالملك وأخبره، وسنرى. في هذه الأثناء، بدأت أغلي وشعرت بالخديعة، اتصلت بالملك من الطائرة وأخبرته، وقال نعم وصلتني الأخبار الآن، هذا لعب أطفال. وسألني الملك أين أنت؟ قلت له في الطريق إليكم، فطالبني بالتوجه إلى دمشق فوراً وبأن أخبر بشار الأسد بإصدار بيان متلفز منهم بأنهم وافقوا على الحل وإلا أصدر أنا تصريحاً للصحافة الأجنبية في دمشق، وأقول بأن السعودية رفعت يدها عن الموضوع ولا علاقة لها بالقضية إطلاقاً ونتصرف لاحقاً. وصلت إلى دمشق، واستقلبني وزير الخارجية وليد المعلم في المطار، وقال لي بهمس، ولم يكن يريد أن يسمعنا السائق: "دخيلك هالولد بيدخلنا في المشاكل". قلت له يا وليد لن يدخلكم في مشاكل، لأنكم الآن في وسط المشاكل. وأخبرني المعلم أننا سنتجه لتناول الغداء أولاً، قلت له لا وقت للغداء سأذهب للقاء الرئيس ثم أعود إلى المملكة. ثم أصرّ فقلت له أين؟ قال في مطعم جميل خارج دمشق، ووافقت. دخلنا إلى مطعم خال تماماً وكبير، رحب مديره بالوزير وبي واتجه بنا إلى طاولة، ولكننا اخترنا غيرها بعد إشارة لي من وليد المعلم، الذي يبدو أنه كان قلقاً من وجود جهاز تسجيل في الطاولة الأولى".

انتهى الغداء، وسأل الأمير بندر عن فاروق الشرع وعبدالحليم خدام، وقال وزير الخارجية المعلم إنهما ليسا متواجدين. ويكمل الأمير : "ذهبت إلى بشار بعد الغداء، وقلت له فخامة الرئيس هذا مختصر مفيد، أنت وعدتني بحدوث كذا وكذا، فقال صحيح، وتابعت قائلاً: وأنا أبلغت شيراك وسُعِد بذلك وبدأ يتصل بالعالم للتهدئة وفجأة يخرج منكم تصريح بعدم حدوث اتفاق. وكان رده بأن هذا سوء فهم، ولا تأخذ الموضوع بجدية. قلت له: لا الموضوع جاد وأنا مهموم، والملك متابع، والآن، إذا كنت لاتزال موافقاً أريد إحضار الصحافة السورية والتلفزيون السوري وأي مراسلين موجودين إلى المطار وسأدلي أنا ووليد المعلم بالتصريح نفسه، ويبث للعالم. قال لي: ضروري؟ قلت نعم ضروري. ثم قال: هلا قمت لي بخدمة؟ فقلت له تعبنا ونحن نخدمك. قال: لا أريدك فقط أن تقول في حديثك إن هذا قرار حكيم للشعب السوري ومصلحة سوريا والناس، قلت له لا مانع لدي، لكن تكون المبادرة منكم. وذهبنا للمطار فعلاً، وأعلنت أنا ووليد المعلم عن الأمر نفسه".

هذا الموقف، والخديعة، والحرج بين فرنسا والسعودية وتسبب الأسد بالإحراج للأمير بندر مع الرئيس الفرنسي وقتها جاك شيراك، دفع السعودية لأخذ موقف سلبي تجاه بشار، وعدم الترحيب به وتصديقه. ويذكر الأمير بندر قصة، أنه بعد الحادثة وبعد اغتيال رفيق الحريري، وقصة التعارض في التصريحات، طلب بشار زيارة السعودية، لكن الملك عبدالله لم يوافق، وأصر الأسد وطلب الوساطة للزيارة، ووافق الملك عبدالله.

يقول الأمير عن تفاصيل الزيارة: "وصل الأسد إلى السعودية، والتقى بالملك عبدالله، وجلسا على انفراد، ثم خرجا وكان ذلك بوجود الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية آنذاك وبوجود الملك سلمان - وكان حينها أميراً للرياض -، والأمير مقرن بن عبدالعزيز والأمير سعود الفيصل. وخرج الملك، وقال لنا اتفقت أنا والرئيس بشار، على أن يذهب رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري ويزور دمشق، وأن يستقبله بشار استقبالاً رسمياً، وأن يسكن في قصر ضيافة الرؤساء وعلى أن يعطي بشار توجيهات في لبنان، بعدم الاعتراض على أي قرار يتخذه رئيس الوزراء سعد الحريري، وجميعكم شهود الآن: هل هذا صحيح يا بشار؟ قال بشار باللهجة السورية: "اي نعم جلالة الملك". رد الملك، إذاً لعلها فاتحة خير، وهذا لا يمنع استكمال التحقيقات الجارية بشأن مقتل رفيق، ورد بشار الأسد بالتأكيد".

تواصلت السعودية، حسب الأمير بندر، مع سعد الحريري، وطلبت منه أن يذهب إلى بشار، وأن ذلك يعتبر هزيمة للأسد والمهم هو تغليب مصلحة لبنان. ويحكي الأمير بندر أن السعودية أقنعت سعداً بذلك، وبأن من مات هو رئيس وزراء لبنان وليس والده وأنه بإمكانه أخذ الدولة اللبنانية لأفق آخر، وإظهار قوته بفتح صفحة جديدة سياسياً. وافق الحريري، وذهب إلى دمشق، واستقبله الأسد وسكن سعد في القصر الرئاسي. لكن بعد ذلك بشهر تقريباً انقلب بشار على كل الوعود وأعلنت سوريا أن التحقيقات التي تمت مع الضباط بشأن اغتيال رفيق الحريري لن تعترف دمشق بها وأن سوريا دولة مستقلة وأن هناك دعاية بأنها تعرضت لضغوطات وهذا غير صحيح".

بعدها طلب بشار الأسد - حسب الأمير بندر - أن يأتي إلى السعودية مجدداً ويلتقي بالملك عبدالله، رفض الملك، وكان رئيس النظام السوري بشار الأسد يصر. سأل الملك إخوته ومستشاريه، ويذكر الأمير بندر قصة أن الملك سلمان - أمير الرياض آنذاك - قال للملك عبدالله أنه لا داعي للتفكير في الموضوع، بالإمكان إرسال الأمير بندر إلى دمشق لمعرفة سبب إصرار الأسد على الزيارة. التفت إلى الأمير سلمان آنذاك وقال حسب ما يروي الأمير: "قلت له  مبتسماً لا لا طال عمرك، ضحك الملك وطلب من المراسم الملكية دعوة بشار وقال الملك أن (في خاطره شيء يريد أن يقوله لبشار)...".

يروي الأمير بندر قصة الزيارة الأخيرة لبشار الأسد باستدعاء من الملك عبدالله ويقول: "وفي آخر زيارة له للسعودية، وبحضور الأمراء الراحلين سلطان ونايف وبحضور الملك سلمان – الذي كان أميراً في ذلك الوقت - أتى الأسد ومعه فاروق الشرع، وكانت الإشكالية لبنان، ومقتل رفيق الحريري وتسليم الضباط للأمم المتحدة. فقال بشار للملك عبدالله يا جلالة الملك، الحقيقة أنا لست عاتباً ولكن اللبنانيين سيئون ويقول صحفيوهم بأنك مستاء مني، وبأنك تقول عني أحياناً كلاماً "مش طيب"- الأمير يقلد مجددا كيف يتحدث بشار باللهجة السورية -. الأمير سلطان بن عبدالعزيز ابتسم، ولم يظهر الأمير نايف أي ملامح، وبدأنا جميعنا نلتفت إلى الملك منتظرين ما سيقوله. فقال له الملك عبدالله: بشار أنا أعرف عمك قبل والدك، ثم عرفت والدك، ولا تستطيع أن تقول عنه أي شيء غير أنه (حافظ) صادق، لم يكذب أبداً. أما أنت، فكاذب ثم كاذب ثم كاذب، كذبت على بندر وكذبت عليّ وأنا أسامح في كل شيء إلا من يكذبون عليّ… تفاجأ بشار برد فعل الملك ورده، وقال مرتبكاً: لكن يا جلالة الملك أنا رئيس العربية السورية ...أنا رئيس العربية السورية. فقال الملك منفعلاً وإن كنت رئيس سوريا؟ أنت كاذب وليس عندي ما أضيفه. ثم قام الملك وخرج".

يكمل الأمير سرد القصة أن غضب الملك كان من خديعة بشار ومرواغاته، رغم وقوف السعودية إلى جانبه منذ اليوم الأول لتوليه الحكم، وبعد وصف الملك عبدالله له بالكاذب، توجه الأمير سلطان نحو بشار ليقله إلى المطار فقال الملك سلمان والذي كان أميراً للرياض وقتها، احتراماً للأمير سلطان، أنه هو من سيوصل بشارإلى المطار. يقول الأمير بندر: "وبعد ذهابه، ظننا جميعاً أنه سيرد ولن يرضى بما قيل له. لكن الجميع استغرب كيف ظهر القلق عليه، وثنى قدميه تحت الكرسي من القلق حين كان الملك يقول له أنت كذاب كذاب كذاب".

يختتم الأمير بندر حديثه عن بشار الأسد وسبب حساسيته من الأمير بندر بقوله: "لأنني عرفته قبل أن يصبح شيئاً، ثم بعد ما ظن أنه أصبح شيئاً، وثالثاً، عنده قناعة في ذهنه بأنني لم أكن أوصل الحقيقة كاملة للملك عبدالله مثلما كنت أوصل الحقيقة للملك فهد، في أيام حافظ الأسد. والمهم أن بشار يعرف الحقيقة، وهو يعرف أنني أعرف الحقيقة".

تتهم دول عربية وغربية السعودية بالتسبب في دمار سوريا منذ اليوم الأول لخروج المتظاهرين في درعا، وذلك بدعمها لفصائل عدة، ويُتهم الأمير بندر بن سلطان بالمساهمة في نشوء تنظيمات إرهابية ومنها تنظيم "داعش" الإرهابي، وهو ما سيتحدث عنه في الحلقات القادمة. لكنه يرفض أي زج باسم السعودية في تدمير سوريا أو السعي لذلك، ويقول إنه في عام 1998 بدأ ولي العهد السعودي وقتها عبدالله بن عبدالعزيز - الملك الراحل - جولة عالمية بين الشرق والغرب، ووسط هذه الجولة توقف في نهاية صيف ذلك العام في جزيرة هاواي بعد أن أنهى زيارة رسمية للولايات المتحدة - كان الملك عبدالله وقتها يتولى إدارة شؤون الدولة بتكليف من الملك فهد – ووصله طلب استنجاد سوري بسبب حشود تركية عسكرية ضخمة على حدودها الشمالية. يقول الأمير بندر: "أزمة تركيا وسوريا في 1998 معروفة، حين وصل طلب الاستنجاد طلب الملك مني إرسال رسالة عاجلة لحكومة بيل كلينتون تحمل طلب التدخل الفوري لوقف "العربدة التركية" حسب وصف الأمير عبدالله آنذاك، وكان في الرسالة أن الرياض تقف مع دمشق في أي هجوم تتعرض له... كان التفكير يتركز على حماية سوريا والجيش العربي السوري الباسل، والذي وقف مع السعودية وأرسل قرابة 30 ألف جندي في حرب تحرير الكويت. وسألني الملك عبدالله - الأمير آنذاك - كيف يمكن أن تكون الرسالة أقوى وتؤخذ على محمل الجد ؟ وقلت له أن الحل هو إرسال سربين من طائرات F15 محملة بالذخيرة إلى تبوك شمال السعودية، لماذا الذخيرة ؟ والسبب أننا أرسلنا في رسالة طلب التدخل الأميركي لوقف الحشود التركية على الحدود السورية ما نصه أننا سنقف، ولهذا فتحريك الطائرات يعتبر رسالة جدية، وتحميلها بالذخيرة تأكيد كذلك، وفعلاً أرسلت واشنطن مندوباً رفيعاً وأتذكر أنه كان رئيس أركانها، إلى أنقرة وتم السعي لحل الإشكال وسحبت تركيا آلياتها فعلاً، ولهذا فلا يمكن للمملكة التفكير بتدمير أي دولة أو المساهمة بذلك، بل حماية شعبها وجيشها، ولهذا كان طلب التدخل لوقف العربدة التركية على حدود سوريا الشمالية في ذلك الوقت".

فجأة، يقول الأمير بندر عن شيء كان يفعله عمداً، وهو أنه يتحدث أمام جمع من المسؤولين من دول أخرى، أو مبعوثين، عن أشخاص أو أمور ، يريدها أن تصل دون عناء منه، وبعد هذا الحديث يبدأ بقصة له مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حين كان الأمير بندر رئيساً للاستخبارات، وتحديداً عام 2012. يقول الأمير إنه حين التقى ببوتين سأله الأخير عن سبب اهتمام السعودية ببشار الأسد، فرد بندر بن سلطان أن السعودية ليست مهتمة بل خائفة أن يكون بوتين هو المهتم ويضيف: "قلت له يا رئيس بوتين نحن لسنا مهتمين، نحن خائفون من أن تكون أنت مهتم. أنت اتركه وشعبه سيتعامل معه. ضحك بوتين ثم قال: أنت الآن مقتنع أنني مهتم بهذا؟ قلت نعم متخوفون من ذلك وقال لي بوتين بعدها: سيرغي لافروف – وزير الخارجية الروسية - سيأتيك لاحقاً وتجتمعون وعندنا اقتراحات وأعتقد أنها 4 اقتراحات، لكن أنتم السعوديين الآن تدفعون الثمن...ثمن تضخيم دور بشار، أنتم من كبّر رأس الأسد وذهبتم به إلى باريس ورتبتم له زيارة مع شيراك ثم إلى لندن، هل تعلم أنني دعوته أكثر من مرة لزيارة موسكو ولم يأتِ. لكن أنا باق هنا، وستأتي اللحظة التي يأتي فيها بيديه وقدميه حبواً إلينا، وفي تلك اللحظة سنرى".

جاء سيرغي لافروف فعلاً للأمير بندر وعرض عليه 4 نقاط، وهي أولاً موقف روسيا وطلباتها فيما يتعلق بالأزمة السورية وهي الموافقة على تنحي بشار الأسد، ثانياً تحديد الجهة التي من الممكن أن تستقبله هو وعائلته واقترحت موسكو الجزائر، وثالثاً أن لا تطاله المحكمة الدولية، ورابعاً الاطلاع على من سيتكفل بالمصاريف في مقر إقامته.

وقبل أن يتحدث الأمير بندر بن سلطان عما حدث بعد عرض النقاط الأربع، يسرد قصة حدثت بينه وبين لافروف أثناء حرب الخليج 1990 وكان لافروف سفيراً للاتحاد السوفيتي لدى الأمم المتحدة ويقول : "وكنت قد أتيت للتو من لقاء رئيس الاتحاد السوفييتي ميخائيل غورباتشوف واتفقنا على أن لا تصوت روسيا ضد مشروع قرار التدخل العسكري لتحرير الكويت، وقال له لافروف بأنه سيستخدم الفيتو. ويكمل الأمير بندر: "قلت له لن تفعل ذلك، وقال احفظ نفسك لأنك تتحدث مع دولة عظمى، قلت له أنت لست دولة عظمى، دولتك هي العظمى، ولن تصوت بفيتو، وبعد نصف ساعة وأنا أشاهد التلفزيون وكان قد اجتمع مجلس الأمن، صوتت روسيا بالامتناع لا الفيتو وهذه القصة لسرد المعرفة والعلاقة القديمة مع لافروف والخلافات والاتفاقات". ويواصل بندر بن سلطان استطراداته : "هناك معلومة جانبية، وهي بأن لافروف يتحدث الإنجليزية بطلاقة لكن في اجتماعات العمل أو الاجتماعات الرسمية يتحدث بلغته الروسية".

ينتقل الأمير بعد هذه المعلومة للعودة للحديث عن النقاط الأربع ورد السعودية عليها ويقول : "قلت له: لافروف، نتفق معك على النقطة الأولى في تنحي الأسد، الثانية لا علاقة لنا بها ولا يمكن أن نقترح على الجزائر أن تستضيفه،  النقطة الثالثة المحكمة الدولية تعود للأمم المتحدة ولا دخل لنا بتحديد المحاكمة من عدمها، النقطة الرابعة من يدفع تكاليف إقامته لو وافقت الجزائر مثلاً على اقتراحكم؟. رد لافروف علي بقوله عن من سيدفع التكاليف : أنتم ! ثم قلت له :لم يعجبك الحل رقم واحد؟ ثم قلت … : لا تضيع الفرصة، سأوافق على الأولى، الثانية نذهب سوياً للدولة التي ستستضيفه ونتحدث معهم. بالنسبة للمحكمة، هنا قاطعني لافروف وقال: لا يهمنا أن يحاكَم، لكن ليس فوراً. والنقطة الرابعة الدولة التي تستضيفه نذهب سوياً أنت بندر وأنا ونقترح على الجزائريين ذلك".

وقبل انتقال الأمير بندر للحديث عن بدايات التدخل الروسي في سوريا وكيف تراخى الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما عن وضع حد لتجاوزات بشار الأسد حين تمادى في استخدام الكيماوي ضد شعبه : "هذه الأحداث تعيد للذاكرة ما فعله صدام حسين من جرائم ضد الأكراد، لو أسفت على شيء حين كنت سفيراً في واشنطن هو أنني لم أفعل شيء ولم يقم العالم العربي بفعل شيء تجاه هذه الجريمة ووقف تجاوزات صدام تجاه إخواننا الأشقاء الأكراد".

تعليقات

اكتب تعليقك