#جريدة_الآن صلاح الساير يكتب: الحياة فوق خشبة!

زاوية الكتاب

كتب صلاح الساير 921 مشاهدات 0


الأنباء:

كثيرا ما يعثر المنقبون عن الآثار في الدول الخليجية على لقى ومعثورات تعود إلى آلاف السنوات وتنتمي إلى بلاد بعيدة مثل الصين والهند والسند واليونان وإيران وكذلك وادي الرافدين، مما يؤكد على عمق العلاقات التاريخية بين سكان الخليج وسكان تلك البلاد. ونظرا لأهمية البحار المطلة على الجزيرة العربية ومهارة أهلها في ركوب البحر شكلت السواحل الخليجية حاضنة كبيرة لهجرات متتالية من الهنود والفرس والبلوش والأفارقة الذين أصبحوا بمرور الوقت من السكان الأصليين لهذه السواحل العربية.

****

لم تنحصر تلك الأقليات داخل كونتونات خاصة معزولة، بل تمازجت بفاعلية مع الآخرين وضخت الدماء في الحياة العامة وساهمت بقوة لافتة في بناء وتعمير البلاد والدفاع عنها، بل والمساهمة الفاعلة في تحريرها من الاحتلال الأجنبي، مثلما حدث في القرن السابع عشر في الحروب ضد البرتغاليين التي شارك فيها أهلنا البلوش ببسالة معهودة فيهم. وقد أسهمت الخصائص الاجتماعية والطبيعة المنفتحة للمجتمعات الساحلية (قليلة السكان) بدمج الأعراق الأخرى وحثهم على المشاركة في المواطنة والولاء للوطن منذ الأزمنة القديمة.

****

لم تعرف المجتمعات الخليجية (القديمة) الطبقية الاجتماعية أو التعالي أو التنابز العرقي، فالجميع واحد بمن فيهم الحاكم (سليل بيت الحكم) الذي قد يتولى مسؤولية الطبخ لمن معه أثناء رحلة للقنص دونما غضاضة أو شعور بالحرج. وربما تشكلت تلك المفاهيم المتفتحة عبر سنوات طويلة من الكد والعذاب تشارك فيها الأجداد الحياة فوق متون سفن الغوص على اللؤلؤ (خشبة تطفو في عرض البحر يتلاصق فوقها رجال شبه عراة مدة أربعة أشهر) فالتعايش والانفتاح والقبول كان ولم يزل شرطا للحياة المجيدة.

تعليقات

اكتب تعليقك