#رأينا_الآن أن الاوان لتبدأ القوى المجتمعية والمدنية والشبابية حرباً جديدة على الفساد لأنه سيقتل الوطن

محليات وبرلمان

الآن 774 مشاهدات 0


لو أننا سألنا سؤالًا وقلنا : ماهي كلمة السر في خراب الأوطان؟ لتعددت الإجابات ولشرّق بعض الناس وغرّب، لكن القاسم المشترك بين كل الأجوبة بلا شك سيكون هو الفساد.

ولو أننا نظرنا في تاريخ الأمم وانهيارها والدول وتضاؤل نفوذها وسطوتها لعلمنا أن القاسم المشترك بغض النظر عن الأسباب الأخرى هو الفساد.
ومع استشعار الجميع في الكويت القلق الكبير من تنامي عمليات الفساد في القطاع العام  بشكل خطير ما دعا مجلس الوزراء نفسه وفي اجتماعه الأخير إلى الإعلان عن استراتيجية وطنية لمحاربة الفساد ، تصبح الحرب على الفساد هي أسمى الحروب الوطنية، لأنها تحفظ هيبة الدولة وأموال مواطنيها العامة، وتؤكد على مبدأ لا تحيد عنه  أي أمة متقدمة عنه وهو أن الجهد والعمل والاجتهاد هو الضمانة للحصول على الثروة والمناصب، لا أن يكون المرء سليل عائلة معينة، أو خادماً أو صديقاً لمسؤول متنفذ كما يحصل في دول العالم الثالث التي تحتل المؤشرات الأخيرة في كل إحصائية لمحاربة الفساد أو القضاء عليه، ولا شيء أسمى من المحاربين ضد الفساد إلا أولئك الذين يحاربون ضد العدو ويحمون الحدود والوطن بأرواحهم.

لكن كيف يقتل الفساد الأوطان؟

أول ما يقتله الفساد في الوطن هو شعور المسؤولية عند المواطنين، فالمواطن الذي يشاهد النهب والسلب في مؤسسات الدولة، ويشاهد المسؤولين الذين قاموا بسرقة هذه المؤسسات أو قاموا بالتواطؤ مع سرّاقها يسرحون ويمرحون في الكويت وفي عواصم العالم، بل إن بعضهم لا يزال على رأس عمله، فإن شعور المواطن العادي المستقيم بأن هذا الوطن "له" ومن "حقه" سيتلاشى وسيصبح الوطن في نظره مجرد مؤسسة يديرها مجموعة أشخاص ، وما هو إلا موظف صغير فيها يتقاضى راتبه نهاية الشهر، ولن يهتم هذا المواطن بتقدم الوطن ورفعته بل ولن يعمل من أجله، ولا يلام في هذا لأنه لو عمل فأن الثمرة ستقطف من قبل المسؤولين الفاسدين ، وسيبقى هو يطارد الحياة ويكافح بكل مشقة ليحصل على سكن لائق أو ليضمن وظيفة جيدة لابنه في المستقبل.

وثاني ما يقتله الفساد في الوطن، هو روح المبادرة والتنافس بين المبادرين والشباب العامل والذين إذا رأوا أن نتيجة جهدهم وتعبهم ستكون هباء منثورًا بسبب تسلط الجيل القديم من المسؤولين وتمسكهم بكراسي المسؤولية في كافة قطاعات الدولة فإنهم سيذهبون في ثلاثة اتجاهات، نتيجة كل منها واحدة، وهي فقدان لجهودهم، أول هذه الاتجاهات أن ينصاعوا لمسؤولي الدولة الكبار، مما يعني أنهم صاروا نسخًا من غيرهم وفقدوا فرادتهم وتميزهم، وثانيها أن يختاروا العمل في شركات خاصة وبناء طموحهم الخاص في الخارج مما يعني أن الدولة لن تستفيد منهم، وثالثها وهو الأخطر أن يداهمهم اليأس فيصبحوا عالة على المجتمع بدلًامن أن يكونوا دعامة له.

وثالث ما يقتله الفساد في الوطن، هو ثروات الشعب وأملاكه نتيجة سوء تدبير الفاسدين وطمعهم في زيادة ثرواتهم الخاصة على حساب المال العام، فالثروات الهائلة التي حبانا الله إياها بعد اكتشاف النفط وتحولنا لبلد بترولي يجني ثروة لا يمكن تخيلها، هذه الثروات باتت اليوم مهددة بسبب سوء التدبير الاقتصادي والتعيينات غير المستحقة لأشخاص ليسوا بكفء في قطاعات الدولة الاقتصادية، مما جعلنا نشاهد الدولة تخسر ملايين الدنانير في الاستثمارات الخارجية والداخلية، وبعد أكثر من نصف قرن من اكتشاف النفط ونتيجة لسوء التدبير هذا لا يزال النفط هو مصدر دخلنا الأوحد ولا زلنا مهددين في حال انخفاض أسعار النفط كما حدث سابقاً بالعجز المالي وسن سياسة التقشف التي تستهدف المواطنين.

ثروات الشعب وأملاكه لم تُفقد بواسطة الإهمال وسوء التدبير فحسب، بل إن هناك قطاعات معينة من المسؤولين الفاسدين يقومون بعملية نهب ممنهجة لأملاك الدولة وتتقاضى شركاتهم التي لا تؤدي أي عمل ولا توظف أي مواطن مبالغ مالية ضخمة من الدولة نظير خدمات غير موجودة، كما يتقاضى تجار آخرون عمولات مليارية نظير صفقات فاسدة ومشبوهة لم يطلع عليها أحد.

لذلك كله  قررنا في "الآن" أن نكثف الدور المطلوب منَّا ومن كل الصحف الوطنية لتهيئة الأجواء لتتمكن مؤسسات الدولة ومؤسسات المجتمع المدني  والقوى المجتمعية والشبابية من شن الحرب ضد الفساد.

وسنقوم في هذا الصدد بتوضيح  في سلسلة مقالات قادمة بالأرقام والدلائل وجود شبهات فساد في كثير من قطاعات الدولة وفقاً لتقارير رسمية  ، استكمالاً لدورنا الوطني الذي قمنا به منذ بداية تأسيس ((الآن )) ولانزال وتحملنا في سبيل ذلك ما تحملنا من أثمان باهظة الكلفة .

ولم تكن هذه المقدمة سوى جرس تنبيه وصرخة نذير للمواطنين من خطر الفساد وخطورة استسهاله وتصوير الكثير من المواطنين على أنه أمر عادي " بين الكبار" ، فما " بين الكبار" اليوم سيدفع ثمنه الصغار – وحاشا للمواطنين أن يكونوا صغارًا - في المستقبل القريب، فبعض التجار الذين نهبوا البلد سيذهبون إلى ممتلكاتها في الخارج إذا ما حدثت هزة اقتصادية لا سمح الله، بينما سيبقى المواطن عالقًا يندب حظه على سكوته عن الفساد.

تعليقات

اكتب تعليقك