#جريدة_الآن - زايد الزيد يكتب: عجز الموازنة.. الأسطوانة المشروخة
زاوية الكتابكتب زايد الزيد يناير 24, 2019, 11:50 م 721 مشاهدات 0
النهار:
أعلن وزير المالية قبل أيام عن توقعاته بوجود عجز مالي في الموازنة السنوية الجديدة يقدر بـ7.7 مليارات دينار بعد استقطاع حصة الأجيال القادمة. وهذا الإعلان ليس بمستغرب أو مفاجئ لأننا نشهد منذ سنوات تذبذب أسعار النفط وهو مصدر الدخل الأوحد للبلاد تقريباً، لكن المفاجئ هو استمرار الحكومة بطرح نفس الأسباب كل عام لتبرير هذا العجز دون إيجاد حلول جذرية وواقعية تحفظ أموال الأجيال القادمة وتضمن لنا استمرار دولة الرفاهية والرخاء.
فالحديث عن كليشيهات جاهزة مثل «الحد من الهدر ومعالجة الاختلالات» لن يغني عن وضع خطة حكومية طويلة الأمد لمعالجة ملف تضخم الميزانية السنوية والاعتماد الكلي على النفط كمصدر دخل وحيد للبلاد رغم وجود مصادر أخرى لا يتم تضمينها الموازنة العامة مثل مداخيل الهيئة العامة للاستثمار والتي لا يعلم المواطنون عنها شيئاً.
ولم تفوّت الحكومة فرصتها لطرح ما يمكن لنا أن نسميه «الحل العاجز» وأسهل الحلول لمشكلة كبيرة على الإطلاق وهو إلقاء اللوم بشكل مباشر وغير مباشر على المواطنين عبر الإشارة إلى أن الرواتب والدعوم تلتهم 71% من الميزانية السنوية بواقع 12 مليار دينار.
لكن اللوم الحقيقي بعد كشف العجز في الميزانية يجب أن يوجه للحكومة بشكل مباشر، لأن المواطن ليس مسؤولاً عن عدم استحداث الحكومة لمصادر دخل جديدة بديلة عن النفط، كما فعلت دول نفطية مثل النرويج، ولأن المواطن ليس مسؤولاً عن الرواتب الضخمة والمكافآت الخيالية التي تمنح للوزراء والقياديين نظير رحلاتهم المكوكية التي لا تسمن ولا تغني من جوع حول العالم، أو نظير اجتماعاتهم الصورية في اللجان التي تشكل بين ليلة وضحاها ولا تدوم أكثر من دقائق قليلة.
كما أن المواطن ليس مسؤولاً عن النهب والسرقات التي تحدث في كثير من قطاعات الدولة على يد مسؤولين لا يخافون الله ويعلمون أن يد القانون لن تطالهم بسبب حماية بعض الفاسدين الكبار لهم، والمواطن ليس مسؤولاً عن الخسائر الضخمة التي تحققها الشركات المملوكة للدولة مفرطة بالمال العام على مستشارين من الخارج تم جلبهم لأغراض لا يعلمها إلا الله.
ختاماً، ضرر تحميل المواطن ما لا يحتمل وتهديده بلقمة عيشه دوماً وتصويره بأنه المتسبب بعجز الميزانية بسبب راتبه الضئيل الذي يتقاضاه وتنهشه القروض والأقساط هو أمر أخطر بكثير من العجز الاقتصادي نفسه، والدولة العاقلة هي من تزرع الثقة في قلب مواطنيها لا من تحاول تصويرهم كأعداء لها وكائنات طفيلية تمتص أموالها.
تعليقات