#جريدة_الآن - سلطان ابراهيم الخلف يكتب: رهف القنون.. إلى المجهول
زاوية الكتابسلطان الخلف يناير 17, 2019, 11:06 م 3206 مشاهدات 0
الأنباء:
لا أستطيع تصور بنت في الثامنة عشرة من عمرها تستطيع أن تتخذ قرار طلب اللجوء السياسي في دولة أجنبية مثل كندا مفارقة بذلك والديها وإخوانها وأخواتها وباقي أفراد أسرتها وصديقاتها الذين قضت معهم سنين عمرها والأرض التي عاشت عليها منذ طفولتها وهي التي لم تصل إلى مرحلة النضج العقلي وتحمل المسؤولية، ولعل تصرفها هو من قبيل التمرد الذي يغلب على سلوك المراهقين والمراهقات ناهيك عن عامل التحريض الذي لا يمكن تجاهله سواء كان من الداخل أو من الخارج.
وكيف لها أن تعيش بمفردها في مجتمع لا تعرف عنه شيئا وقد تصاب بصدمة ثقافية منذ اللحظة الأولى التي تطأ قدماها أرض كندا لتواجه حياة غريبة لم تألفها من قبل؟ ومن المستبعد أن تكون خلافاتها مع والديها سببا في اتخاذها مثل هذا القرار الحاسم دون النظر في خيارات أخرى أقل ضررا لها ولأسرتها.
لكن لا يغرنك قبول كندا طلب لجوء رهف إليها تحت ذريعة الدفاع عن حقوق الإنسان فالسبب واضح وهو سياسي بالدرجة الأولى ويرجع إلى قطع السعودية علاقاتها الديبلوماسية معها وكان لابد من لعب ورقة حقوق الإنسان للتغطية، فكثير من طالبي حق اللجوء السياسي الذين هربوا من جحيم الحروب أو تردي الأوضاع الاقتصادية ومن بينهم نساء لم تقبل طلباتهم رغم أن معاناتهم تتجاوز معاناة المراهقة رهف.
بل إن أستراليا التي كانت تنظر بعين العطف في قبول طلب لجوء رهف إليها قبل كندا معروفة بملفها الأسود فيما يخص اللاجئين وقد تعرضت لانتقادات دولية بعد أنباء عن سوء معاملتها لهم في جزيرتي ناورو وبابوا بالمحيط الهادي حيث قامت بفصل أفراد الأسر عن بعضهم بمن فيهم الأطفال دون مراعاة الحق الأساسي لوحدة الأسرة كما صرحت بذلك مفوضية الأمم المتحدة مما دفع آلاف المواطنين الأستراليين للتظاهر ضد حكومتهم والمطالبة بحسن معاملة اللاجئين في يوليو الماضي.
ما نخشاه أن يكون قبول كندا للجوء رهف إليها رسالة تشجيع للمراهقات على مناكفة أولياء أمورهم والخروج على تقاليد أسرهم المحافظة أو التشجيع على اتخاذ الإلحاد مبررا للهروب إلى الخارج كما يشاع عن رهف.
لكن كيف تثبت السلطات الكندية بأن رهف ملحدة؟ وهل ستقوم بإجراء اختبارات لها كي تثبت ذلك ليكون مبررا كافيا لقبول لجوئها؟ وهل ستتعرض رهف لغسيل دماغ حتى تتوهم بأنها ملحدة لتتخذ من انسلاخها من هويتها الإسلامية أسلوبا لحياتها الجديدة في كندا؟ سبقت رهف تسليمة نسرين البنغلاديشية والطفلة ملالا يوسف زاي الباكستانية وغيرهما ممن استخدمن لإحراج المجتمعات الإسلامية تحت ذريعة الدفاع عن حقوق الإنسان لكنها في الحقيقة وسائل غربية ذكية ذات مقاصد خبيثة للانتقاص من الإسلام.
لا يخفى النفاق السياسي الغربي وقد كتب فيه الكثيرون من الكتاب والمفكرون وعلى رأسهم نعوم شومسكي الذي فضح الكثير من انتهاكاتهم لحقوق الإنسان في دول العالم الثالث بما فيه العالم الإسلامي.
***
توفي منذ أيام 15 طفلا سوريا في مخيم الركبان أغلبهم رضع من البرد القارس وقد سبقهم عشرات الآلاف ممن قتلوا بالبراميل المتفجرة والغازات الكيماوية من قبل نظام الأقلية الطائفية البعثي خلال السنوات الماضية.
ومع ذلك يحاول المجتمع الدولي إعادة تأهيل ذلك النظام رغم أنه مجرم حرب فاقد الشرعية، تقديرا لما قام به من دور كبير في تدمير سورية وتشريد شعبها وخدمة مصالح الصهاينة في المنطقة العربية. وهذا من أكبر تجليات النفاق السياسي الغربي في منطقتنا العربية.
تعليقات