#جريدة_الآن - شفيق إمام يكتب: «الدستورية» بين تحصين عضوية الطبطبائي والحربش وإعدامها بعد أسبوع
زاوية الكتابالجريدة:
يعتبر قرار مجلس الأمة رفض إسقاط عضوية النائبين الطبطبائي والحربش قراراً إدارياً، وإن انحسرت عنه الرقابة القضائية حتى الآن باعتباره عملا برلمانيا، وإن كان في رأينا لا يتصف بوصف العمل لأن الأعمال البرلمانية هو ما يتصل منها بشؤون الحكم، لا بشؤون أعضاء المجلس، التي تجوز رقابة القضاء عليها إذا صدر قانون بذلك.
نعم فقد حصنت المحكمة الدستورية في حكمها الصادر في 12/12 الماضي قرار مجلس الأمة رفض إسقاط عضوية النائبين د.وليد الطبطبائي ود.جمعان الحربش من رقابتها التي تمارسها على الطعون الانتخابية وعلى صحة العضوية، طبقا لاختصاصها المنصوص عليه في المادة الأولى من قانون إنشائها. وأعدمت القرار في قضائها في أسباب الطعن على دستورية المادة (16) من اللائحة الداخلية، عندما قضت بعدم دستورية هذه المادة في حكمها الصادر في 19 /12 الماضي.
وقد كان متوقعا أن تتصدى المحكمة لهذا القرار، في هذا الطعن بتكييفه، باعتباره ينطوي ضمنيا على امتناع المجلس عن إصدار قرار بخلو مقعدي النائبين المذكورين لصدور حكم جزائي بإدانتهما وعقابها بعقوية الجناية والذي يترتب عليه- في قضاء المحكمة بعدم دستورية المادة (16) من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة- سقوط العضوية كأثر حتمي لهذا الحكم.
وهو ما رجحته في مقدمة دراستي حول سقوط العضوية التي نشرت على صفحات "الجريدة" في عدديها الصادرين في 11 و21 نوفمبر الماضي، عندما نمى إلى علمي رفع دعوى بعدم دستورية المادة (16) من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة، والتي دللت على دستوريتها في هذه الدراسة، رغم التطبيق الخاطئ لأحكامها في القرار سالف الذكر، التي لا يمكن للمادة المذكورة أن تتحمل وزره.
إعدام المحكمة للقرار
يعتبر قرار مجلس الأمة رفض إسقاط عضوية النائبين المذكورين قراراً إدارياً، وإن انحسرت عنه الرقابة القضائية حتى الآن باعتباره عملا برلمانيا، وإن كان في رأينا لا يتصف بوصف العمل لأن الأعمال البرلمانية هو ما يتصل منها بشؤون الحكم، لا بشؤون أعضاء المجلس، التي تجوز رقابة القضاء عليها إذا صدر قانون بذلك.
ومن المستقر في فقه القضاء الإداري أن القرارات الصادرة من إحدى السلطات الثلاث في الدولة غصبا لاختصاص سلطة أخرى هي قرارات معدومة، حيث يعتبر الخطأ فيها خطيئة لمخالفتها للقانون ولمبدأ الفصل بين السلطات المنصوص عليه في الدستور، حيث يفقد القرار في مثل الحالة الأخيرة صفة وطبيعة القرار الإداري وينحدر إلى مجرد العمل المادي الذي لا يتمتع بأي حصانة، ولا يتقيد الطعن فيه بأي ميعاد. (المحكمة الإدارية العليا في مصر جلسة 2/ 1/ 1966- طعن 1520 لسنة 7ق).
ولا أعتقد أن هناك قراراً ينطبق عليه وصف القرار المنعدم أكثر من قرار مجلس الأمة برفض إسقاط عضوية النائبين المذكورين في حكم المحكمة الدستورية في 19 ديسمبر الماضي القاضي بعدم دستورية المادة (16) من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة فيما وصفت به المحكمة الدستورية في قضائها الضمني في أسباب حكمها القاضي بأن قرار المجلس سالف الذكر يعتبر تدخلا من السلطة التشريعية في أعمال السلطة القضائية وإخلالا بمبدأ الفصل بين السلطات، حيث اعتبرت نعي الطاعن على القرار بذلك سديداً، مقررة بأنه لا يجوز للسلطة الشريعية التدخل في أعمال أسندها الدستور إلى السلطة القضائية التي كفل استقلالها، وجعل هذا الاستقلال عاصما من التدخل في أعمالها أو التأثير على مجرياتها، أو المساس بالأحكام القضائية الصادرة عنها، وتقويض آثارها، أو إهدار حجيتها وإلا كان ذلك افتئاتا على حقوق السلطة القضائية واعتداء على ولاية واستقلال القضاء، وتعطيلا لدوره، وإخلالا بمبدأ فصل السلطات بالمخالفة للمادة (50) من الدستور.
وإن الأصل في الحصانة البرلمانية أنها لا تعد امتيازا لعضو البرلمان، إنما هي مقررة للمصلحة العامة، وليست لمصلحة عضو المجلس الشخصية، وأنه يتعين أن تبقى الحصانة في الحدود والقيود التي من شأنها كفالة استقلال البرلمان وحرية أعضائه في القيام بواجباتهم داخل المجلس، وهم في مأمن من كيد خصومهم وليست الحصانة مقررة لمواجهة الأحكام القضائية، كما أنه لا ينبغي أن يذهب البرلمان في استقلاله إلى حد التغول على اختصاصات باقي السلطات الأخرى في الدولة، أو تتحول الحصانة إلى وسيلة لعضو البرلمان لخرق القانون، وهو في مأمن من المحاكمة أو الحساب أو الإفلات من العقاب.
وكان لهذه المطاعن على القرار سالف الذكر الأثر الأكبر على قضاء المحكمة بعدم دستورية المادة (16) من اللائحة الداخلية باعتبار أنها أعطت الحق لمجلس الأمة في تقدير أمر إسقاط العضوية من عدمه، لانطوائه على تدخل سالف من السلطة التشريعية في أعمال السلطة القضائية، والمساس باستقلالها، وإهدار لحجية الأحكام القضائية والنيل من مكانتها والاحترام الواجب كفالته لها باعتبارها عنوانا للحقيقة، وتعطيلا لآثارها، مما يتنافى مع مبدأ فصل السلطات، ويمثل خرقا لأحكام الدستور لمخالفته المادتين (50) و(163) منه.
وهو قضاء حاسم وقاطع بانعدام قرار المجلس المطعون عليه في الطعن الانتخابي سالف الذكر، وما يترتب على ذلك من آثار لعل أهمها في هذا السياق عدم تحصينه من الطعن عليه لانقضاء ميعاد الطعن، فيجوز الطعن الانتخابي على القرار السلبي بالامتناع عن إعلان خلو مقعدي النائبين د.جمعان ود.وليد اللذين خلوا بسقوط عضويتهما ودون التقيد بأي ميعاد.
وللحديث بقية حول حكم المحكمة الدستورية في الطعن الانتخابي سالف الذكر، بتحصين عضوية النائبين لانقضاء ميعاد الطعن على الانتخابات التي جرت في عام 2016.
تعليقات