#رأينا_الآن ... إسقاط القروض .. والبحث عن العدالة "المفقودة "

محليات وبرلمان

الآن 1566 مشاهدات 0


رأي

 
لا صوت يعلو هذه الأيام فوق صوت المطالبة بإسقاط القروض التي أثقلت كاهل المواطنين وجعلت موظفي دولة من أغنى دول العالم يكادون يصارعون خط الفقر نهاية كل شهر رغم استلامهم لرواتب مرتفعة نوعاً ما مقارنة بغيرهم من الدول المحيطة.


حملات المطالبة بإسقاط القروض ليست وليدة اليوم، بل هي استمرار لحملات سابقة داخل مجلس الأمة وخارجه، توجت بقوانين صوت عليها النواب من كافة الاتجاهات والطوائف والفئات والانتماءات السياسية، لكن صخرة الحكومة الصلبة وردها هذا القانون بشكل مستمر أدت إلى عدم تمريره وعدم حصول المواطنين المقترضين على حقهم في الدولة، وهو أن تحميهم من جشع وفحش البنوك الرأسمالية الكبرى التي تنهش الطبقة الوسطى في كل بقاع الأرض.

ومما ينبغي التذكير به، أن مطالبة المواطنين بإسقاط القروض لا تنطلق من مبدأ "الترف" كما يصور بعض الخبراء الاقتصاديين المزعومين، بل هي حاجة ضرورية وملحة للمواطنين، فكلنا يعلم أنه لا أحد في الكويت يستطيع بناء مسكنه الخاص دون الحصول على قرض إضافي من البنوك، وذلك بسبب تضخم السوق العقارية ووصولها إلى مستويات غير معقولة، وكلنا يعلم أيضًا أن المواطن لا يستطيع شراء سيارة مناسبة من النوع المتوسط الذي يليق به دون الحصول على قرض من البنك أو شرائها بنظام الأقساط، بل إن المواطن اليوم لا يستطيع تسيير أموره، والوفاء باحتياجاته المنزلية دون أن يقترض من البنك عبر بطاقات الفيزا والماستر كارد نتيجة التضخم المهول الذي أصاب اقتصاد الكويت مقارنة بعدم ارتفاع سقف الرواتب، حيث بلغ معدل التضخم سنوياً ٤٪ في الفترة بين عامي ٢٠٠٨ و ٢٠١٥ وهو المعدل الأعلى خليجياً رغم أن بعض الدول مثل الإمارات تعرضت لضربات اقتصادية نتيجة الأزمة العالمية.

وبماذا واجهت الحكومة مطالب المواطنين هذه؟ واجهتها بالتجاهل التام، وكأن المقترضين والذي وصل عددهم إلى نصف مليون مواطن يمثلون ٩٥٪ من القوى العاملة الكويتية، ليسوا بمواطنين، وليس لهم حق في هذا البلد، وتناست الحكومة ما فعلته في التسعينيات حينما قامت بشراء المديونيات الصعبة لبضعة آلاف من المواطنين رغم أنها وصلت إلى مليارات الدنانير ولا تقارن بفوائد ١٢ مليار دينار اقترضها المواطنون الكويتيون وفق أرقام رسمية صادرة من البنك المركزي.

وفور ابتداء الحملة شرعت صحف التجار والأقطاب السياسية بالهجوم عليها، وكال تجار الاقتصاد الطفيلي الذين يتغذون على الدولة ومناقصاتها بغير وجه حق التهم للمواطنين الكويتيين فقال بعضهم أن الاقتراحات "شعبوية" بينما قال آخر "سيدمر هؤلاء الاقتصاد الوطني"! وكأن الفساد السياسي الذي يلتهم مليارات الدنانير من أموال الدولة والشعب كل سنة لا يدمر الاقتصاد الوطني، أو أن التجار الذين غامروا بأموالهم وأموال مساهميهم في أسواق الأموال العالمية ثم ذهبوا للدولة يجرون أذيال الخيبة ويطالبونها بإنقاذ شركاتهم إبان الأزمة المالية عام ٢٠٠٨ لم يخربوا اقتصاد الدولة، أو كأن التجار الذين خزّنوا أموالهم في الخارج خائفون أصلًا على الاقتصاد الوطني.

ثم إذا أردنا أن نفتح الملفات المغلقة، وندقق في المتسبب في أزمة الاقتراض، فبلا شك سنوجه أصابع الاتهام أولًا إلى البنوك وشركات الإقراض التي احتالت على القوانين وسمحت للمواطنين بالاقتراض فوق حدود رواتبهم الدنيا، ولا ننسى "قروض البالون" التي دمرت الكثير من الأسر والعائلات بسبب فوائدها المتراكمة، حيث يقضي المواطن عمره يدفع أقساط القرض ثم يفاجئ أنه لم يصل لأصل الدين حتى الآن وأن كل ما يدفعه هو فوائد هذا الدين الربوي.

إننا في "الآن" نفهم حديث بعض التجار وعدائهم الأصيل للطبقة الوسطى من المواطنين كي تمر خدمات الدولة عبر التجار لهذه الطبقة ، لكن ما بال الخبراء الاقتصاديين المزعومين وهم يعرضون في كل قناة وجريدة رأيهم الاقتصادي حول مسألة إسقاط القروض وهم من سواد الشعب وعامته، فهل الصفقات المليارية وعمليات دمج البنوك المشبوهة التي سكت هؤلاء عنها في صالح الاقتصاد الوطني؟ أم أن المناقصات التي يعلم كلنا مدى الشبهات التي تحوم حولها والتفريط في أموال الشعب الكويتي لصالح حفنة من التجار عاملاً مشجعاً للاقتصاد الكويتي؟

هؤلاء الخبراء الذين يقولون إن رفع القروض عن المواطنين إضرار في الاقتصاد الوطني، هم أنفسهم الذين يطالبون بفرض ضرائب "سلع كمالية" على المواطنين بحجة تنويع موارد الدولة! وهم أنفسهم من يطالب في ذات الوقت بعدم فرض ضرائب تصاعدية على الشركات والمؤسسات والبنوك وكبار التجار بحجة إبقاء السيولة في السوق! غريب أمر هؤلاء، فرض ضريبة بقيمة دينار واحد على مواطن بسيط، تفيد الاقتصاد أكبر من فرض ضريبة بنسبة مئوية على تاجر ملياري لم يكن شيئاً مذكورًا قبل أن تكرمه الحكومة بمناقصاتها! من أي منهج اقتصادي درس هؤلاء؟ دعونا نقول لكم، إنه منهج الجشع والغل والحسد تجاه المواطنين.

نعم، قد يبدو التفسير سطحياً للبعض ، لكن في ظل لغة الأرقام والإحصائيات وتباين المواقف بين السابق واللاحق، لا نجد إلا هذا التفسير في بلد العجائب الاقتصادية، البلد الذي يخسر فيه التاجر بسبب مغامراته وطيشه فيجيّش اقتصاد البلد من أجله، وهو ذات البلد الذي يرزح فيه المواطن تحت وطأة الديون التي أخذها مضطرًا فتجيش الصحف ضده.

من أجل هذا كان لا بد "للآن" من كلمة.


الصورة :
- رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك
- وزير المالية دكتور نايف الحجرف ( على اليسار )
- محافظ البنك المركزي دكتور محمد الهاشل
- رئيس اتحاد مصارف  الكويت ماجد عيسى العجيل

تعليقات

اكتب تعليقك