#جريدة_الآن الاحتجاب الجزئي ل "القبس والراي والأنباء والجريدة" ... اجحاف برغبة القراء أم خطوة مستحقه تأخرت كثيرا
محليات وبرلمانالآن - كونا يناير 5, 2019, 10:27 ص 603 مشاهدات 0
ترك الاحتجاب الجزئي لصحف كويتية ورقية الباب مشرعا أمام تكهنات بما إذا كان ذلك استراحة محارب لالتقاط الأنفاس قبل مواصلة صراع البقاء أم بداية الطريق للحاق بركب مطبوعات عالمية انسحبت أمام تألق غريمتها الإلكترونية.
فبينما قال معنيون بالشأن الإعلامي في تصريحات متفرقة لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) إن القرار الجماعي لصحف القبس والراي والأنباء والجريدة بالاحتجاب يوم السبت أسبوعيا هو إجحاف برغبة القراء المرتبطين بالنسخة الورقية وتهديد لما درجوا عليه من طقوس قرائية اعتبره إعلاميون آخرون خطوة مستحقة تأخرت كثيرا.
واستند أصحاب الرأي الأخير إلى تأثر صحف عالمية وعربية خلال العقد الماضي بالثورة الرقمية ومنها صحيفة كريستيان ساينس مونيتور التي أوقفت نسختها الورقية في 2009 بعد انخفاض توزيعها إلى 200 ألف نسخة مقابل أكثر من مليون مستخدم لموقعها الإلكتروني.
وفي مقابل ذلك أرجع المتحمسون للنسخة الورقية اهتمامهم بها إلى الدفاع عن النمط التقليدي للحياة بعيدا عن تغول وسائل الإعلام الجديد وتغييرها للأنساق الاجتماعية السائدة ناهيك عن سهولة تدارك الأخطاء الكارثية في النسخ الورقية بعكس نظيرتها الإلكترونية.
وللتعرف على باعث توجه الصحف نحو هذا الاحتجاب الجزئي قال رئيس تحرير جريدة (القبس) وليد النصف إن "الدافع اقتصادي مئة في المئة لترشيد التكاليف" مبينا أن "الصحف اتفقت على وجود صعوبات في منافسة الوسائل الإلكترونية" بالإضافة إلى "تأثرها بالإعلانات والوضع الاقتصادي" ولأجل ذلك "رأت أن تحتجب يوما" للتغلب عليها.
ورأى النصف أن قرار الاحتجاب "قد يعطي العاملين في الصحف فرصة للراحة وتاليا مزيدا من الإنتاج وفي الوقت نفسه يوفر نسبة من التكاليف وهذا إجراء معمول به في أمريكا وأوروبا وكل أنحاء العالم حيث تكون للصحف طبعة واحدة يومي السبت والأحد".
وعما إذا كان الاحتجاب مقدمة لموت الصحافة الورقية ذكر أن "هناك تقريرا أمريكيا يتوقع عدم وجود أي صحيفة ورقية في سنة 2032 وأنا أقول إنه ربما خلال تلك الفترة قد تظهر عوامل تحول دون ذلك".
وأضاف: "خطتنا الوحيدة الآن تقوية الجانب الإلكتروني في الجريدة ولدينا استثمارات كبيرة في هذا المجال وسنستقطب المزيد من القراء".
وعن سبل مواكبة المتطلبات العصرية للقراء قال "إن المحتوى يجب أن يكون عصريا مميزا فالقارئ تطور كثيرا واعتاد على السرعة والاختصار لذا علينا أن نلبي رغابته".
وذكر أن "هناك تجارب أمريكية وبريطانية وفرنسية في كيفية تطوير الموقع الإلكتروني للصحف الورقية ليجذب القراء الذين فقدتهم في النسخة الورقية وهذا يحتاج إلى استثمارات كبيرة جدا وبالنهاية نحن لن نترك المواقع الإلكترونية مجانا بل سنجعل القارئ يدفع ثمنا بسيطا".
وفي ما يخص خدمة بث نسخة من الجريدة بصيغة بي دي إف إلى القراء عبر (واتس آب) مجانا كشف النصف أن "هذا لن يستمر وإن استمر فسيقتصر على لقطات من الجريدة ومن يرد النسخة كاملة فعليه أن يدفع اشتراكا بسيطا".
وبسؤاله عن موعد تحصيل مقابل مادي لمثل هذه الخدمات الإلكترونية قال "عندنا دراسة نعدها ونعرضها على الصحف الأخرى فلا نستطيع فعل ذلك بمفردنا وهناك صحف رحبت بالدراسة التي نقوم بها" في هذا الشأن.
وفي تحليل لرئيس تحرير جريدة (الراي) ماجد العلي لقرار الاحتجاب الجزئي بين أن "الصحف كانت تحتجب يوم الجمعة سابقا واليوم عادت إلى هذه الآلية التي تعمل وفقها أيضا كبريات الصحف العالمية".
ورأى العلي أن "الاحتجاب لن يؤثر سلبا من ناحية عدد القراء خصوصا أن الصحف كافة لديها مواقع الكترونية وحسابات على مواقع التواصل وستستمر في تقديم الخبر للقارئ والمتابع على مدار الساعة".
وعلق على الصراع الورقي-الإلكتروني بالقول "إن الصحف الورقية تتماشى مع زيادة الانتشار الالكتروني والدليل أن مواقع التواصل تنقل أخبارا كثيرة عن الصحف التي ما زالت تتمتع بمصداقية وموثوقية لدى الجمهور".
وأفاد بأن "كل الدراسات العالمية في 2018 أكدت أن المنافسة في المصداقية بين الورقي والإلكتروني حسمت لمصلحة الورقي الذي يغربل الخبر ويتأكد منه قبل النشر بعكس الوسائل الأخرى التي تعتبر سرعة بث الخبر أهم من مضمونه أو مصداقيته ولكننا لا يمكن أن ندفن الرأس في الرمل أمام تقدم الواقع الالكتروني غير أن التكامل الذي تقدمه المؤسسات الإعلامية الكبرى مثل (الراي) يمكن أن يحقق الربط المطلوب بين مصداقية الخبر وسرعة بثه وجودة مضمونه".
وبالتطرق إلى التحديات التي تواجه الصحف الورقية قال "إنها أمام تحديات دائمة وليست جديدة ولهذا فإن الاستمرار موجود وقائم مادامت القيمة التي تقدمها هذه الصحف موجودة خصوصا لجهة الأخبار الحصرية والقيمة المضافة التي تقدمها للقارئ على الأخبار وتسليط الضوء على كل ما يهم الجمهور".
وأرجع العلي الاحتجاب في جانبه الأكبر إلى "أسباب مادية تتعلق بتراجع المدخول الإعلاني وزيادة النفقات" لافتا إلى أن "هذا التراجع موجود على المستويات كافة وليس في الصحف الورقية فقط فهو متعلق بالوضع الاقتصادي العام وهناك شركات كبرى تأثرت وتراجع أداؤها بسبب ذلك كما ان انخفاض الإعلانات يسري أيضا على المستوى الالكتروني".
وذكر أن "الصحف تعاني منذ سنوات لكنها استمرت رغم الخسائر والوقت حان لإعادة ترتيب الأمور وفق ما اتفق عليه أصحاب الصحف".
ونبه العلي إلى أن "الصحف الورقية لاتزال تحافظ على ريادتها الإعلانية لدى العلامات التجارية العالمية بسبب موثوقيتها وانتشارها في المجتمع الكويتي خصوصا" مدللا على ذلك ب"إعلانات في الصحف الورقية تتبع مواقع التواصل ما يبين إيمان هذه المواقع نفسها بتأثير الصحف لدى فئة كبيرة".
بدوره أكد رئيس تحرير جريدة (الأنباء) يوسف المرزوق أنه "لا تأثير في عدد القراء بالاحتجاب لأن أغلب جهات الدولة من حكومة وقطاع خاص ستكون في إجازة أيضا".
ونفى نفيا قاطعا أن يكون قرار الاحتجاب تمهيدا لإغلاق الصحف الورقية مشددا على أن "الهدف هو تقليل النفقات كون العالم بأكمله يمر بأزمة اقتصادية ملموسة من جميع الجهات".
وفي السياق ذاته ومع إقراره بأن الصحف الورقية بدأت تواجه أزمات مالية حادة في الآونة الأخيرة رأى مدير تحرير جريدة (الجريدة) ناصر العتيبي أن قرار الاحتجاب الجزئي لصحف الكويت لا يمثل إرهاصة بانتهاء عصر الصحافة الورقية قريبا معتبرا أنه "من السابق جدا لأوانه أن نتكلم عن إغلاق الصحف في الكويت لا سيما أنها تتخذ خطوات جريئة في محاولات جادة وحثيثة للحؤول دون ذلك".
ولفت العتيبي إلى أن (الجريدة) ستعمد خلال الفترة المقبلة إلى "تطوير نسختها الورقية لتضم إلى جانب الأخبار مزيدا من التحليلات والتقارير والمقابلات والتحقيقات" مواكبة للمنافسة الحادة الإلكترونية التي تواجهها فضلا عن التحديات الحالية والمستقبلية.
وعن تأثير قرار الاحتجاب في عدد قراء صحيفته أوضح أن ذلك من الصعب قياسه في المرحلة الحالية متوقعا عدم انصراف القراء أو تحولهم إلى جرائد أخرى "لأن قراء الجريدة يصعب تغييرهم خصوصا أن الجرائد الزميلة ستحتجب أيضا في التوقيت ذاته كما أننا سنعوض الاحتجاب بغزارة الأخبار على الموقع الإلكتروني ووسائل التواصل".
وذكر العتيبي أنه "مواكبة لتطلع القارئ إلى الحصول على المعلومة بمنتهى السرعة عقب الحدث مباشرة فإن (الجريدة) تحرص على تلبية هذا المطلب وهو ما يمكن أن يلاحظه القراء على موقعها الإلكتروني بما فيه من تحديث على مدار الساعة وعلى سبيل المثال فإننا ننشر مجريات جلسة مجلس الأمة كاملة على موقع الجريدة الإلكتروني وفي صفحتها في تويتر فور انتهائها".
وشدد على عدم وجود أي نية لتحصيل رسوم لقاء الخدمات الإلكترونية مبينا أن تلك الخدمات تمثل "عاملا مساعدا للجريدة الورقية والهدف منها خدمة القارئ لا التحصيل المادي".
وتعكس الزيادة الضخمة في عدد مستخدمي الإنترنت في العالم العربي الأثر المتعاظم للثورة الرقمية في خصائص شريحة القراء فوفق دراسة نشرها مركز الجزيرة للدراسات في 2016 عن الصحافة الورقية العربية للدكتور معز بن مسعود تضاعف عدد هؤلاء المستخدمين 5 مرات ما بين عامي 2007 و2015 فأصبح 140 مليونا مقابل 29 مليونا فقط في 2007.
وفي هذا السياق أكد الإعلامي وليد الهولان أن "الصحف الورقية تمثل لدى شريحة كبيرة وخصوصا كبار السن طقسا يوميا لا يمكن الحيود عنه" لافتا إلى ميزة تنافسية للصحف الورقية تتمثل في "سهولة تدارك الأخطاء الكارثية في مرحلة ما قبل النشر حيث يمر الخبر بكثير من المراحل لكشف أي عوار تحريري أو معلوماتي قبل وصوله إلى القراء".
وما اعتبره الهولان ميزة للصحف الورقية في مرحلة ما قبل النشر قوبل بذكر الإعلامية حنان الزايد ميزة مناظرة للصحف الإلكترونية في مرحلة ما بعد النشر إذ بينت "سهولة تدارك هذا النوع من الأخطاء بعد النشر في الصحف الإلكترونية بلا أي خسارة مادية بعكس النسخ الورقية التي يستحيل تصويب أي خطأ بعد الطبع إلا بخسارة مادية لا يستهان بها".
وذكرت الزايد أن "احتجاب الصحف الورقية سيسبب أزمة مجتمعية ولو على المستوى النفسي لعشاقها الذين يستمتعون بلمس صفحاتها وسماع صوت تقليبها" مشددة على قيمة الصحافة الورقية "وسط هذا الخضم من الشيوع الرقمي حتى أصبح الهاتف نافذة لكل نشاطاتنا اليومية الأمر الذي يمثل عزلا للفرد عن محيطه الاجتماعي".
ومؤيدا خطوة الاحتجاب رأى رئيس قسم الإعلام بكلية الآداب في جامعة الكويت الدكتور مناور الراجحي أن "حجب الصحف يوم السبت من كل أسبوع أتى متأخرا سنتين أو ثلاث" متوقعا أن "تزيد فترة الاحتجاب خلال عام أو عامين لتشمل يومي الجمعة والسبت".
وفي إشارة إلى الدوافع الاقتصادية وراء الاحتجاب لفت إلى أن "نحو 70 في المئة من النسخ الورقية للصحف يوزع على الهيئات والوزارات والبنوك عبر اشتراكات حكومية أو تجارية" كما أن "المعلن أصبح يحجم عن الإعلان أيام الإجازات" ولذلك كان على أصحاب الصحف "وقف الصدور خلالها توفيرا للنفقات بدلا مما شهدناه خلال السنوات الخمس الماضية من استغناء عن كفاءات كانت تضمن جودة المحتوى".
كما جاء رأي الإعلامي عبدالله بوفتين ضمن المعتقدين بتأخر خطوة الاحتجاب كثيرا معتبرا إياها "استسلاما من الصحف الورقية للأمر الواقع بما فيه من وسائل حديثة توفر محتوى متطورا ذا مزايا متعددة أهمها الجانب التفاعلي".
وبينما نبه بوفتين إلى دور القيادة الشابة في قراءة الواقع والمستقبل ومعرفة متطلبات شريحة القراء مدللا على ذلك بما تقدمه جريدة (القبس) الإلكترونية من إمكانية توصيل النسخة الورقية بصيغة ملف بي دي إف إلى القراء عبر واتس آب استشرف من خلال الاحتجاب الجزئي للصحف أن يكون ذلك "تمهيدا لإلغاء الصحف الورقية".
كما قرأ الإعلامي عبدالوهاب العيسى في احتجاب صحف كويتية "رسالة غير مباشرة مفادها: نعم تأثرنا نتيجة الثورة الإلكترونية ولم نعد نستطيع الصدور طوال أيام الأسبوع".
وقدر العيسى انخفاض عدد صفحات الصحف "بما يعادل 70 في المئة دون أن يشعر الجمهور" مستنتجا من ذلك "عدم اهتمام القراء بالصحف الورقية" مؤكدا أن "هذا هو الواقع الذي تفرضه المعطيات الحالية ويجب التعامل معه بشكل جيد لضمان أعلى قدر من الفاعلية في أداء الرسالة الإعلامية".
وعما إذا كان ذلك تمهيدا لإغلاق الصحف الورقية في المدى القريب لعدم جدواها الاقتصادية قال "إن الصحف الكويتية مظهر اجتماعي لمالكيها وتعتمد على دعمهم ولا تقوم على حساب الإيراد والدخل الدوري والمكسب والخسارة" متوقعا أن "تستمر الصحف الورقية فترة ليست قصيرة مع تغيير سياستها في الصدور لتصبح أسبوعية أو حتى شهرية.
وتأكيدا على أهمية الصحافة الإلكترونية مقابل المطبوعة قال الأديب والباحث السياسي الدكتور محمد البغيلي "إن الانتقال إلى الصحافة الالكترونية الآن يعزز مسيرة التطور الإنساني بشكل عام ويرفع من مستوى الوعي لدى الأفراد ويجعل المعرفة أكثر تكاملا والأخبار أكثر مصداقية من خلال تدعيمها بالوسائط المرئية والمسموعة".
وفي السياق ذاته لفت أمين سر اتحاد الإعلام الإلكتروني الكويتي محمد العرادة إلى أن "الاحتجاب سيؤثر سلبا على الصحافة الورقية من حيث عدد القراء" معتبرا إياه " توطئة لإلغاء الصحافة الورقية في المستقبل القريب" لا سيما مع "اهتمام أغلبها بدخول عالم الإعلام الإلكتروني بينما لم نر أي صحيفة إلكترونية تتخلى عن نسختها الرقمية لتدخل العالم الورقي".
كما اتفق قراء كثر ومنهم مدير مساعد بإحدى مدارس الأحمدي جعفر الصفار ومعلم التربية الإسلامية ثامر العازمي على عدم تأثر القراء باحتجاب الصحف جزئيا معولين على الصحف الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي لسد هذا الفراغ لا سيما أنها بديل عن الصحف الورقية في تداول الأخبار العاجلة أولا بأول لحظة وقوعها.
مما سبق تظهر صورة جلية لتحديات حقيقية تواجهها الصحافة الورقية تهدد وجودها إلا أن تاريخ وسائل الإعلام في العصر الحديث يذكرنا بما ظنه الكثيرون بعدما خرج التلفاز إلى حيز الوجود من أن ذلك هو بداية النهاية للمذياع الذي طالما صدح في سماء الإعلام ولكن سرعان ما تبين خطأ ذلك الظن بعدما تمالك المذياع نفسه وكسب الرهان بتطوير المحتوى وابتكار أساليب تفاعلية حافظت على رواده... فهل تعيد الصحافة الورقية الكرة أمام نظيرتها الإلكترونية؟.. لننتظر ونرتقب.
تعليقات