#جريدة_الآن - يوسف عبدالرحمن يكتب: انتبه لابنك أو ابنتك الى أين «أرسلتهم» ليتعلموا؟
زاوية الكتابكتب يوسف عبد الرحمن يناير 2, 2019, 10:19 م 519 مشاهدات 0
الأنباء:
ما من حضارة إلا كانت تمهيدا لحضارة قادمة أخرى.
ضاعت الأمم والحضارات التي لم تحافظ على هويتها!
القضية التي أطرحها اليوم على «الآباء والأمهات» آخذها بعين الاعتبار لأن هذه الظاهرة خطيرة ولها دوافع أساسية واهداف قد لا تكون ظاهرة للعوام والبسطاء.
انتبه لابنك أو ابنتك الى أين «ارسلتهم» ليتعلموا؟ مهم جدا ان تختار «مكان» الشهادة.
الاغتراب الحضاري يجتاحنا يوميا ويعصف بأجيالنا من خلال أجهزته وشبكاته العنكبوتية!
كنا أمة لها تاريخ ودين وكيان وامتداد واليوم نعاني التخلف والتمزق والتمحور والاختلاف!
اليوم بكل صراحة ما عادت «هويتنا» نقية وإنما «ملوثة» بما هب وجاء الينا من «ثقافات» كثير منها لا يصلح لخصوصية مجتمعاتنا العربية والاسلامية.
بريق «الثقافة الاستعمارية» اجتاحنا في «حصوننا» التي يفترض ان تكون محمية!
لقد صرنا «سلعة رفاهية» استهلاكية لغيرنا والذي يناظر المناسبات يعي ويعرف ما أقول، ضيعنا قيمنا وشريعتنا وتاريخنا المجيد وصرنا «عالة» على الإنسانية ولولا لطف الله بنا وظهور «الثروات» في أوطاننا لكنا حثالات الشعوب «ما حد درى عنا» أو تذكرنا.
إننا «أُمة متبوعة» بعد أن كنا قادة الشعوب!
نحن في مأزق حقيقي شامل أوله تخلفنا وثانيا أحوالنا السياسية والاقتصادية والتعليمية لا بل عامل «التنمية» المفقود.
كيف نستطيع ان نواجه هذا الاغتراب الحضاري؟
نحن أمام «طفرة حضارية» تقودها التكنولوجيا.
نستطيع أن نشتري بالمال كل شيء لكن السؤال: ماذا عن الكوادر البشرية؟
كيف نتحرر اليوم ونتمرد على واقعنا؟
كيف ننهض بمجتمعاتنا التي «تملك الثروات» لكنها لا تملك أولويات البداية بدءاً من القرار إلى الاستراتيجية والتنمية الوطنية؟
هل نبقى ضمن شعوب العالم الثالث أم نتقدم؟
لماذا نظل «أمة استهلاكية»؟
كيف نحرر عقولنا ثم بلداننا ثم اقتصادنا؟
كل هذا مرهون «بإرادتنا» لكن السؤال: أين إرادتنا؟
قال الشاعر:
حسن الحضارة مجلوب بتطرية
وفي البداوة حسن غير مجلوب
ومضة: إذا أردنا أن نبدأ بطريقة صحيحة لمعالجة الاغتراب الحضاري فلنبدأ بالتحصيل العلمي والتعليم والتدريب ثم الاتصال بثقافة الشعوب التي «تُعلمنا» لا تستنزفنا وترمينا!
نعم نريد طلاباً يبتعثون الى الخارج لا ليعودوا للمكاتب، فهناك «كثرة»، وانما الى المصانع والانتاج!
نريد قفزة حضارية تنقلنا من ثقافة الاستهلاك الى ثقافة الانتاج!
السؤال الذي يطرح نفسه الآن: ما الأسباب التي جعلتنا «أمة متخلفة متبوعة»؟!
كيف يمكن الاستفادة من الاتصال الحضاري بين الشعوب والأمم والحضارات؟
من يوضح لنا القوانين والمعادلات وكل الآثار النفسية والاجتماعية التي عانينا منها طويلا دون إجابات؟
ضيّعنا اليوم النزاهة والصدق والشرف وهي من أرقى تعابير وأشكال الحضارة.
آخر الكلام: أتمنى ان اكون «غلطان» فيما طرحت لكنني الآن احدد أحوالنا في هذه المرحلة على امتداد الوطن العربي؟
امتنا تعيش بكل صراحة مرحلة:
٭ الانبهار بكل ما هو حضاري ولكننا أمة بلا تاريخ ولا حضارة!
٭ الصدمة الثقافية ونحن أمة الثقافة والارشيف «متروس»!
٭ نعيش التناقض، مرة نتكيف وأخرى ننكفئ!
قال أمير الشعراء أحمد شوقي: ان العبقرية هي التي تخلق الحضارة، وليست الحضارة هي التي تخلق العبقرية أي الشخصية المبدعة!
زبدة الحچي: مشكلتنا أننا حددنا دائما التكيف بمستوى اتقان اللغة الاجنبية؟
هذا وضع يجب أن يتغير «فلغتنا عالمية حضارية»!
نحن في عالم «يعج» بحضارات مختلفة وعلينا ان نختار ما يصلح لنا حتى نتكيف ثم «نتحول» بشرط الا نمس موروثنا العربي وعقيدتنا حتى لا تحدث الصدمة!
نحن أمة ننتمي للحضارة العربية والاسلامية ولنا تاريخ وهوية لم «تذب» مع اختلاطنا مع الحضارات الاخرى!
على الساسة والمنظرين ان يفهموا ان من المسلمات ان «البيت العربي والاسلامي» الذي ربى جيلا كاملا مخضرما موجودا الآن يقلل من قضايا التحصين العقائدي والفكري والحضاري لتداخل وتشابك الثقافات مما يجعل «المخرج الجديد» شبه ضائع الشخصية فإما ان يندمج حضاريا او يرتد.
النموذج الغربي الذي «يسوق» له في مجتمعاتنا ليس النموذج الأمثل.
المطلوب: ألا تعبثوا بهذا النموذج «العربي المسلم» المتميز بالاعتزاز بالهوية مع المرونة في التعامل والتعايش والمحاولة قدر الامكان للاستفادة منه انسانيا وعلميا وحضاريا.. وتذكروا: أن الحضارات والشعوب التي تفقد ارتباطها بالأرض لا تلبث ان تذوب وتزول! بواعث التفاؤل كثيرة.. تفاءلوا بالخير تجدوه، وتوقعوا الشر تدركوه! وفي الهمة نحو التغيير، وفي هذا فليتنافس المتنافسون!
تعليقات