حسن العيسى يكتب: أسطوانة سيفوه لا تنتهي
زاوية الكتابكتب حسن العيسى ديسمبر 24, 2018, 11 م 637 مشاهدات 0
الجريدة:
الميزانية ستفلس بحسب المآل، ليس بسبب الاقتراحات الشعبوية مثل إسقاط القروض، أو تقصير سن التقاعد وغيرها، فقط مثلما ذكرت افتتاحية "القبس" بالأمس، وإنما بسبب إدارة الخيبة السياسية لعقود ممتدة طويلة، وكم مرة أعطى التاريخ الفرص الكثيرة لهذه الإدارة كي تصلح من نفسها ومن أمور البلد، فتعود حليمة من جديد لعادتها القديمة، وتنسى اليوم درس الأمس، بعد التحرير كان يفترض أن تكون هناك ولادة جديدة للدولة، باقتصاد منتج غير ريعي لا يقوم على مصدر واحد (النفط)، بل على أساس العمل المنتج، لكن عادت الإدارة تعطي وتهب دون حساب، حتى ينسى الناس عمق الفساد والسرقات التي حدثت حتى وقت الاحتلال، مع أن الناس لم يطالبوها بشيء، ونعرف بقية الحكاية مثل هبة الصامدين وإسقاط فواتير الكهرباء، وغيرها مثل قانون شراء المديونيات وكرت السبحة.
وفي النصف الثاني من تسعينيات القرن الماضي أيضاً هوت أسعار النفط، ووعدت السلطة بإصلاح حالها، لكن من جديد ارتفعت أسعار النفط، وبلعت السلطة كل كلامها بالأمس عن ضبط أمورها السائبة، ومن جديد عادت حليمة لعادتها القديمة.
وأخذت أسعار النفط بالارتفاع، ونسيت السلطة كل كلامها عن الإصلاح الإداري والسياسي، وبدأت تهدي وتشتري الذمم وتسترضي الناس، حتى لا تسمع أصوات المعارضة ضد الفساد، فأعط الفم تستح العين، واستحت العين بحكم العادة.
لم تعد قضية الفساد وسوء التدبير من أولويات الناس، خذوا مثالاً ما كتبه الزميل د. ناجي الزيد أمس في "الجريدة" عن ارتفاع تكلفة جامعة الشدادية ست مرات، ووصلت تكلفتها – حتى الآن لم تفتتح – إلى أرقام فلكية في غضون سنوات بسيطة، من سأل، من حاسب، أين المسؤول والمسؤولون...؟ لا تجد جواباً... انسوا جامعة "بيض الصعو"، الذي نسمع عنه ولا نراه، ابحثوا في أي من "بلاوي" الهدر، من "الداو" إلى سرقات التأمينات الاجتماعية، وقبلها وبعدها دون عدد، لنقف ونتساءل: هل وقف الهدر، هل انتهينا؟... الكل يعرف الجواب.
الآن، بالتأكيد أسعار النفط يستحيل عودتها إلى "أيامنا الحلوة"، بعد تسيد النفط الأميركي الصخري في الإنتاج العالمي، وأخذت الإدارة السياسية تفاصل وتعارض هنا وهناك، لكن ليس لديها الجرأة لتواجه الشعب بحقيقة الحال، لأنها لو فعلت فسيعود الزعيق من جديد بأن تكلفة الـ13 ملياراً لإسقاط القروض أقل من قيمة "هبشات" المتنفذين على مر الزمن، فكيف سترد السلطة عليهم؟ تغير وزراء، أو تحل المجلس، أو يتم إشغال الناس بأي حكاية، وتذهب وجوه وتأتي وجوه من نفس المكان ومن نفس القدر الذي تطبخ فيه، هو "جدر سيفوه" لا غير... فأي كلام عن احتمال إفلاس مالي لا معنى له الآن، هو إفلاس سياسي، بالدرجة الأولى، قادنا لإفلاس إداري وفوضى بالدولة وضياع الغد... كيف يمكن أن يتعلم سيفوه وهذه إمكاناته وقدراته؟... مسكين هو... ومساكين أولادنا وبناتنا الذين ابتلوا به.
تعليقات