وليد الرجيب يكتب عن قوة الكويت الناعمة
زاوية الكتابوليد الرجيب ديسمبر 21, 2018, 11:57 م 1108 مشاهدات 0
الراي:
أثناء الغزو والاحتلال في العام 1990، وبعد أن أصبحت الصدمة أكثر حياداً، وبدأ ينقشع ضباب الغموض عن الواقع المؤلم، برزت على سطح اذهاننا أسئلة وتساؤلات ، بعضها عبثي وبعضها يشحذ المنطق في العقول.
هي تســــــاؤلات لا بد وأن تراود الشعوب التي تمر بأزمات مصيرية، وتختلف هذه التساؤلات من بلد إلى بلد، ومن زمن إلى آخر، لكن الظروف المتشابهة تفرض تساؤلات متشابهة، فقـــــد كانت تساؤلاتنــــا تحت نير الاحتلال، تخـــرج مــــن يقيــــن أن الكــــويت لا بـــــد وأن تتحرر، هكذا أفادنا التاريخ، لكن السؤال ليس متى تتحرر بلادنا، بل مــــاذا نفعــــل كـــي لا يتكرر مثل هذا الغزو الذي هدف لمحو هويتنـــا؟ فرقعة البلاد صغيرة، وعــــدد السكان قليل، والجيوش مهما بلغت من بأس وشجاعة، ستظل أضعف من الجيوش التي ظلت تستهدف الكويت بتحضرها وكيانها المتميز اجتماعـــياً في محيطها.
ماذا ميز الكويت عبر العصور، وأين تكمن قوتها؟ فالنحيل قد يعوض قوته الجسدية بقـــوة عقله وذكائه، والصراعات ليست جميعها صدامية بالأسلحة والنيران، بل لابد أن لكل مجتمع قوته الكامنة أو الناعمة، فماذا يميــــز الكــــويت عن محيطهـــا؟
في إحدى ليالي الاحتلال، كنت استمع للإذاعة التي لم نكن نملك وسيلة غيرها لمعرفة ما يدور في العالم، كان لقاء مع أحد مواطني دول أميركا اللاتينية، ويبدو أن أصوله عربية، كان يقول: لا أعرف ما المشكلة بين الكويت والعراق، ولا أعرف من المخطئ أو المعتدي فيهما، لكن بلداً يصدر مثل هذه الإصدارات الثقافية والمتميزة كماً و نوعاً، لا يمكن أن يكون بلداً معتدياً.
هكذا إذا، فالرجل ميز الكويت وموقفها من إصداراتها الثقافية، وهذا شكل لها قوة ناعمة يعرفها العالم، وبمراجعة القرن الماضي، أنارت شاشة العقــــل حقيقــــة غابت خلف دخان المدافع، وهي أن الكويت ارتفعـــت أسهم احترامهــا، بسبب اشعاعها الثقـــــافي والتنــــويري، وأن الثقـــافة والتنوير هما سلاحها الذي قاومـــت به، كل محاولات تغييرها وطمس هويتها ومشروعها الحضاري.
لكن أين قوة الكويت الناعمة الآن، بعدما استطاع التخلف الاجتماعي والثقافي والظلامي، اضعاف هذه القوة الناعمة، والمحاولات مستمرة حتى يتم القضاء عليها واستبدالها بهوية مسخ، لا تمت إلى تاريخ الشعب الكويتي.
فمن ينتبه إلى هذه الحقيقة المصيرية، ويفزع من أجل إعادة الاعتبار للثقافة، قوة الكويت الناعمة، التي حافظت عبر أكثر من قرن، على كياننا الذي ولدنا وعشنا به، واستعادة هويتنا التي احترمنا العالم بسببها؟
تعليقات