موسى بهبهاني يتساءل: التقاعد المبكر... اختيار أم إجبار؟
زاوية الكتابكتب موسى بهبهاني ديسمبر 21, 2018, 11:04 م 586 مشاهدات 0
الجريدة:
موضوع يهم شريحة كبيرة في المجتمع، ومطلب شعبي أساسي، مما دفع السلطة التشريعية والتنفيذية إلى تبني تلك المطالب، وهناك طرفان متضادان، الأول يرى خفض عدد سنوات الخدمة، بعدم التقيد بسقف العمر، مما يترتب عليه عدم تكليف الدولة مبالغ كبيرة، مع توفيره للقرض الحسن، وجعل قرار الإحالة إلى التقاعد من صلاحية الوزير المختص، معتبراً أن هذا المشروع في صالح الموظف.
والطرف الآخر يرى زيادة مدة الخدمة، والالتزام بشرط العمر، وأن ذلك المشروع سيحمل الدولة عبئاً مالياً، مع عدم جعل قرار الإحالة من صلاحية الوزير، لأن هناك من يرتاب من التعسف، والانتقام والمحسوبية، خوفاً من إحلال المحسوب على أحد الأطراف.
وبحسب رؤيته وتفسيره، يدافع كل فريق عن وجهة نظره وقراره ويرى أنه محق في تفنيده للقانون المطروح بما فيه مصلحة الموظف، أما الموظف فحار: من منهما على حق؟ وفي أيهما تكمن المصلحة العامة؟ ولمن ستكون الغلبة؟ ولكنني سأتناول الموضوع من جانب آخر.
الأصل التريث في الموضوع وبحثه ودراسته والاستماع إلى المختصين بشأنه والاستفادة من تجارب الآخرين قبل الإقدام على أي خطوة، ثم طرح وإعلان ما تم التوافق عليه أمام الرأي العام، ليناقش بعد ذلك ويتم إقراره، فالهدف المصلحة العامة أولاً، ومصلحة أبناء الوطن ثانياً.
وإذا كان التقاعد اختيارا، فصاحب الشأن وحده من يتخذ قراره بعد دراسة وقناعة ورضا، أما إذا كان إجباراً، فعلى جهة العمل أن تتحمل تبعات القرار من خلال توفير التعويض المادي المناسب.
التقاعد عموماً أمر طبيعي، وللأسف فإن ما يدور في أذهان أبنائنا هو التخرج من الجامعة والمعهد والمدرسة ثم سوق العمل لبناء المستقبل، ونادراً ما يجول في فكرهم التقاعد، اعتقاداً أن ذلك بعيد، وبعد مرور السنين عندما يحين التقاعد يصطدمون بالواقع، وتقاضيهم راتباً أقل، فتنخفض قدرتهم مادياً، وإذا لم يكن كل منهم وفر لنفسه مصدراً مالياً إضافياً آخر وفق تدبير مسبق، فلن يستطيع المحافظة على مستواه المعيشي الذي كان يتمتع به قبل التقاعد، ومواجهة تكاليف المعيشة.
للأسف هناك نقص في الثقافة والفكر والتدبير، فالموظف لا يتبع سياسة الادخار، خلال فترة عمله، للاستفادة منه عندما يترك العمل، والبعض يؤجل البت في التقاعد اعتقاداً أن الوقت لم يحن.
الخبرة المتراكمة للموظف مهمة في جميع مجالات العمل، الفنية والإدارية، ولذلك يجب الاستفادة من تلك الخبرة في تدريب الكوادر الشابة لرفع مستوى العاملين، ثم يتم الإحلال تدريجياً لتتواصل مسيرة القطاعات المختلفة.
وعلى من يقرر التقاعد مراعاة أمور رئيسية، منها ألا يكون مديونا، مع اتباعه قاعدة "ادخر أكثر وأنفق أقل"، مع امتلاكه مدخرات مالية على الأقل ١٠ في المئة من راتبه طوال فترة خدمته، فالكثير يتمنى التقاعد المبكر، والتمتع براتب معقول دون مواجهة هموم مالية، فضلاً عن تجربة التقاعد وهو بالخدمة، وذلك اختبار مفيد بأن يجرب المعيشة على قدر الراتب التقاعدي أثناء الخدمة فترة عامين، لتتكيف مع الواقع الجديد، وادخار الفائض للاستفادة منه لاحقاً.
وفي الختام فالكثير يتمنى التقاعد المبكر ليكون بصحة جيدة، ويقضي فترة بالقرب من أسرته، والبعد عن ضغوطات العمل وسلبياته، والتمتع براتب معقول دون مواجهة هموم مالية، ولذلك فالخدمات المقدمة للمتقاعد يجب أن تفي بما يضمن عيشه الكريم، ولتحقيق ذلك لابد من تطوير النظم المعمول بها للأمثل، كإنشاء صندوق ادخار لموظفي الدولة، مثلما هو قائم في النفط والشرطة ليستفيد منه بنهاية الخدمة بقسط مالي شهري يعوض ما استقطع من راتبه.
ورغم الاختلاف فهدف الجميع نبيل، وهو الوصول إلى قانون يخدم الوطن والمواطن، وإذا اختلفت الاجتهادات فالحوار هو الأمثل، للوصول إلى التوافق، فجميعنا نهدف إلى المصلحة العامة.
حفظ الله الكويت وشعبها من كل مكروه.
تعليقات