التلوث يهدد لبنان ويقرع ناقوس الخطر والخبراء يؤكدون أن الحلول في متناول اليد

عربي و دولي

الآن - كونا 871 مشاهدات 0


يحتل لبنان مركزا متقدما في قائمة الدول الأكثر تلوثا بالعالم وجاء إدراج منظمة (غرين بيس) اخيرا مدينة جونية من بين المدن الأكثر تلوثا في العالم ليقرع ناقوس الخطر ويسلط الضوء على تلك الازمة التي يرى الخبراء ان حلولها في متناول اليد.

وكانت منظمة الصحة العالمية تحدثت في تقرير صادر عنها في شهر سبتمبر الماضي عن تصدر لبنان لائحة دول غرب آسيا في عدد الإصابات بمرض السرطان قياسا بعدد السكان حيث ان هناك أكثر من 17 ألف إصابة جديدة في العام الحالي مشيرة الى ان من بين كل 100 ألف لبناني هناك 242 شخصا مصابا بالسرطان.

ولعل أحدث فصول التلوث تلك هي تعرض (نهر الليطاني) اطول وأكبر الأنهار اللبنانية وطوله 170 كيلومترا والذي اقيمت عليه المشاريع والدراسات للاستفادة منه في انتاج الطاقة الكهرومائية وتأمين مياه الري والشرب للبقاع والجنوب والساحل بهدف تنمية القطاع الزراعي والكهربائي الى التلوث الشديد.

وفي هذا السياق قال اخصائي إدارة المياه والمناخ الزراعي الدكتور فادي كرم لوكالة الانباء الكويتية (كونا) اليوم الثلاثاء ان "هناك نوعين أساسيين من التلوث هما التلوث المائي والهوائي اللذان يصيبان العناصر الطبيعية من مياه وهواء وتربة وجميعها الان ملوثة".
واوضح انه على صعيد التلوث المائي فان منظمة (هيومن رايتس ووتش) اشارت الى وجود 940 مكب نفايات عشوائيا في لبنان تقع بالقرب من المجاري المائية وعند الاجزاء العليا للأحواض النهرية الساحلية ما يساعد في تسرب الملوثات مع مياه الامطار عبر الطبقات الجوفية الى أسفل الحوض المائي حيث تنتشر التجمعات السكانية الكبرى على الساحل وخطورة ضخ هذه المياه في الاستخدامات المنزلية.
واعتبر ان المحافظة على "المناعة المائية" للبنان تفترض المحافظة على المخزون الجوفي وحماية المخزون السطحي لافتا الى الصعوبة الكبيرة في تنقية تلوث المخزون الجوفي لتكلفتها الاقتصادية العالية.
وشدد كرم على ضرورة اتخاذ تدابير حازمة من قبل السلطات الرسمية والبلديات بإزالة التعديات على مجاري الأنهار فضلا عن الحاجة الملحة لوجود إدارة متكاملة للنفايات الصلبة التي تعد الملوث الأول للمياه الجوفية بالإضافة الى العمل للحد من انتشار المكبات العشوائية.
ولفت الى مخاطر التلوث الناتج بسبب النفايات السائلة الناجمة عن مخلفات النشاط الصناعي ومخلفات المستشفيات التي تسبب تلوث المياه السطحية والجوفية والتي تحمل مياها سامة تنقل الامراض لعدم وجود تكرير وغياب الرقابة على المخلفات الصناعية.
وقال ان (نهر الليطاني) يعاني من تلوث بيولوجي وكيميائي ناتج عن النشاطات الإنسانية (مياه الصرف الصحي) والصناعية (مياه الصرف الصناعي) وهي التي تحتاج الى تكرير مشيرا الى ان هذا التلوث يؤدي الى مخاطر مباشرة على صحة الانسان وتراجع البيئة المائية في لبنان.
وفيما يتعلق بالتلوث الهوائي قال كرم ان معدلات انبعاثات غازات الدفيئة في لبنان عالية وهي ليست بالضرورة سامة مشيرا الى ان غاز ثاني أكسيد الكربون يشكل نحو 55 في المئة من اجمالي الغازات المذكورة وغاز الميثان 30 في المئة وغاز أكسيد النيتروس نحو 5 في المئة.
وأشار الى ان 20 في المئة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون مصدرها القطاع الصناعي في حين ان 30 في المئة منها مصدرها قطاع المواصلات اي النقل العام في لبنان لذلك ترتفع معدلات هذا الغاز حيث تغيب وسائل النقل الصديقة للبيئة.
ولفت كرم الى ان غياب نظام نقل حديث في لبنان وعدم استعمال المصانع للمصافي الصحية التي تتلاءم مع المواصفات البيئية العالمية يرفعان نسب الانبعاثات. ورأى كرم ان الحلول العلمية تكمن في ادارة متكاملة للمياه وادارة مماثلة للنفايات الصلبة بوضع حد لانتشار المكبات العشوائية المسبب الأول لتلوث المياه الجوفية.
وشدد على أهمية إلزام المؤسسات الصناعية والمستشفيات إيجاد محطات تكرير وإعادة تدوير المياه لمنع انتقال الملوثات السائلة الى الأنهار ومجاري المياه الجوفية بالإضافة الى تفعيل محطات تكرير المياه المبتذلة الموجودة اذ ان الصرف الصحي يعد المسبب الأول للتلوث البيولوجي.
واضاف انه فيما يتعلق بالتلوث الهوائي فان علاجه يبدأ بالحد من انبعاث غازات الدفيئة الثلاثة المذكورة أعلاه وتركيب مصاف للهواء في معامل انتاج الطاقة الى جانب العامل الأهم وهو زيادة المساحات الخضراء لامتصاص أكبر قدر ممكن من ثاني أكسيد الكربون وتنقية الهواء.
من جانبها قالت خبيرة تلوث الهواء مديرة مركز حماية الطبيعة في الجامعة الامريكية ببيروت الدكتورة نجاة صليبا في حديث مماثل ل (كونا) ان مصادر تلوث الهواء في لبنان ثلاثة هي وسائل النقل القديمة ومولدات الكهرباء ومعامل انتاج الطاقة الكهربائية.
ولفتت الى ان معدل عمر السيارات في لبنان هو 19 سنة وبالتالي فان هذه السيارات القديمة الطراز تصدر انبعاثات أكثر من السيارات الجديدة خصوصا ان العاصمة بيروت تستقبل يوميا 400 ألف سيارة تسبب زحمة سير خانقة وترفع بدورها منسوب الانبعاثات مشيرة الى ان الإحصاءات سجلت وجود مليون ونصف المليون سيارة في عام 2016.
وذكرت صليبا ان الدراسة التي اجراها المركز أظهرت ان هناك مولد كهرباء لكل بنايتين لا تتوفر فيه المواصفات الفنية المطلوبة كما لا تخضع تلك المولدات للصيانة علاوة على اصدارها غازات سامة من جراء حرق الديزل الى جانب افتقار معامل انتاج الكهرباء للصيانة الفنية.
وقالت ان هذه الانبعاثات تتسبب في تكوين غيمة سوداء من ثاني أكسيد النيتروجين يمكن مشاهدتها بالعين المجردة فوق بيروت تسهم في رفع عدد حالات المصابين بالأنفلونزا الذين تستقبلهم المستشفيات لاسيما في فصلي الربيع والخريف.
يذكر ان لبنان الذي كان يتميز بالغطاء الأخضر يشهد منذ سنوات تراجع مساحة هذا الغطاء بسبب الحرائق التي تلتهم سنويا ما بين 1200 و1500 هكتار من المساحات الحرجية يضاف اليها التمدد العمراني والقطع الجائر للأشجار والنباتات.

تعليقات

اكتب تعليقك