د. حمد الأنصاري يكتب عن التعديل الوزاري بعد وأد استجواب رئيس الحكومة وتحويله للجنة التشريعية
زاوية الكتابكتب حمد الأنصاري ديسمبر 10, 2018, 11:38 م 601 مشاهدات 0
الراي:
كثر الحديث في الفترة القصيرة الماضية عن احتمال التعديل الوزاري، خصوصاً بعد تقديم وزير الأشغال استقالته التي لا تزال منظورة أمام مجلس الوزراء، والأنباء المتداولة عن احتمال تقديم وزراء آخرين لاستقالاتهم في الأيام القليلة المقبلة، كذلك بعد وأد استجواب رئيس الوزراء وتحويله للجنة التشريعية، مما ينهي أي أوهام لدى البعض حول قوة مجلس الأمة أو قدرته على المحاسبة الجدية.
وفي ظني أن احتمال التعديل الوزاري في الوقت الحالي هو الأكثر منطقية، خصوصاً للمتابع للشأن السياسي الكويتي والطريقة الحكومية التقليدية في التعامل مع الأوضاع السياسية، فالحكومة اعتادت عدم التصدي للمشكلات الكبيرة التي تواجهها؛ بل الالتفاف عليها من خلال الاستقالة أو التدوير الوزاري وأحياناً أخرى الدفع بحل مجلس الأمة، وهذه المرّة لا تختلف عما سبقها؛ فالحكومة وإن حاولت جاهدة «ترقيع» فضيحة الأمطار، إلا أن الواقع يقول بأن تلك الأمطار كشفت فساداً لا يمكن السكوت عنه ولا ينفع معه «الاستياء» فقط، وبالتأكيد لم يمض الكثير على الفضائح التي انتشرت الصيف الماضي كقضية الشهادات المزورة أو الحيازات الزراعية... الخ، ولا أعتقد أن الحكومة قادرة على إقناع الشارع السياسي ولا المجتمع بقدرتها على حل تلك الملفات، كما يبقى ملف الأزمة السياسية الممتدة منذ العام 2011 عالقاً حتى يومنا هذا، بسبب المماطلة في حلحلة ملف الجناسي المسحوبة وملف سجناء الرأي والتجمعات، لذلك فإن الحل المتوقع من هذه الحكومة هو تقطيع وكسب الوقت لأقصى حد ممكن، عبر تعديل وزاري يتم من خلاله تغيير وجوه بعض الوزراء المتوقع استجوابهم في المرحلة المقبلة، فالحكومة لا تملك أن تستخدم ورقة تحويل الاستجوابات للجنة التشريعية مجدداً، حيث ان هذا التصرف قد يؤدي لاستفزاز الرأي العام وتأجيجه بقوة ضدها، ولا أعتقد بأن الحكومة تريد ذلك في هذا الوقت.
المهم في الأمر هو ما سيحدث في حال تم التعديل الوزاري، فهل سيشكل ذلك التعديل المزعوم فارقاً في الحياة السياسية أو الحياة العامة؟ الحقيقة لا أعتقد بأن التعديل الوزاري سيشكل أي فارق إذا ما اعتمدت الحكومة النهج المتكرر نفسه، وأقصى ما يمكن تحقيقه هو كسب المزيد من الوقت وتفادي الاستجوابات والشحن الشعبي، لذلك فهذا هو المكسب الحكومي الوحيد من التعديل الوزاري، أما المشاكل العالقة فلن تتمكن الحكومة من حلها لسبب مهم، وهو أنها لا تمتلك خطة أو برنامجا وبالتأكيد، هي لا تعمل بروح الفريق الواحد، بدليل أنها عندما تقوم بتغيير وزير ما؛ يأتي الوزير الجديد بسياسات جديدة وقرارات مغايرة لقرارات الوزير الذي سبقه! لذلك نجد المشاكل العالقة ذاتها التي أدت للتعديل الوزاري تعود لتتفاقم لاحقاً، فالحكومة لم تأتِ بأي جديد بل هي كما يقال باللهجة المصرية «تلف وترجع تاني».
وفي النهاية فإن ما نشاهده ونسمع به هو مسلسل متكرر، يعاد في كل فصل تشريعي، ونعلم أسبابه جيداً مثلما نعرف حله وعلاجه، فالمشكلة في المنظومة السياسية لن تحل باللف والدوران والترقيع، وبالتأكيد لن تحل بتغيير الوجوه، إنما عبر وجود قرار سياسي وإرادة شعبية، بحيث يتم رد الاعتبار للدستور ومشروع دولة الكويت الحديثة، وإنهاء ما يحدث من عبث سياسي من خلال إشهار الهيئات السياسية التي تعمل وفق النظم الديموقراطية، وإقرار قانون انتخاب عادل تمثل مخرجاته الإرادة الشعبية التي تنتخب برامجاً سياسية وليس أفراداً بلا هوية فكرية ولا رؤية سياسية حقيقية... نحن اليوم بأمس الحاجة لانتشال الحياة السياسية مما وصلت إليه من تردٍ، وهذه المهمة الصعبة تحتاج لرجال ونساء يمتلكون الفكر والرؤية والإرادة، هؤلاء الذين يمتلكون المقومات اللازمة ليكونوا رجال أو نساء دولة، فهل في الحكومة أو مجلس الأمة من يمكننا أن نعطيه هذه الصفة؟
تعليقات