مبارك الدويلة يكتب عما أسماه ضعف منهجية ديوان المحاسبة

زاوية الكتاب

كتب مبارك فهد الدويلة 679 مشاهدات 0


يعتبر ديوان المحاسبة الذراع الرقابية لمجلس الأمة في الكويت، فمن خلاله يراقب المجلس أداء الحكومة في الجانب المالي، وتقاريره لا معقب عليها، لما يتميز به موظفوه من سمعة طيبة في الأداء والكفاءة، وتوصياته توجّه القرار تحت قبة البرلمان، لذلك جاءت أهمية هذه المؤسسة واعتبارها أهم مؤسسات الدولة، ورئيسها هو الوحيد الذي يعينه مجلس الأمة وليس الحكومة.
لكن..!


بعد وفاة رئيس الديوان ــــ المغفور له بإذن الله تعالى ــــ عبد العزيز العدساني، تراخى الديوان في أدائه الحازم، وبدأت البيروقراطية الكويتية تنتقل إلى هذا الجسم الشامخ، وبدأت الشكاوى من أسلوب التعيينات وطريقة الاختيار، وتأخّر اختيار رئيس جديد للديوان لأكثر من ثلاث سنوات، ما ساهم في ضعف نتائج الأداء، وكثرة الشكاوى من بعض قراراته، كما سنفصّل.


لأن رقابته سابقة على مشاريع الحكومة، عرضت على الديوان نتائج قرارات لجنة المناقصات ولجان الاختيار في وزارة الأشغال لعدد من مشاريع الطرق السريعة التي رست على عدد من المقاولين، ووافق الديوان عليها، بعد أن تأكد من وجود ميزانية لهذه المشاريع، ولكن بعد ما يقارب سنة ونصف السنة تقريباً صدر قرار مفاجئ وغريب من الديوان يطالب بإلغاء قرار الموافقة على بعض هذه المشاريع، واعتبار هذه المشاريع غير موافق عليها! والحمد لله أنه لم يتم البدء في تنفيذ المشروع وقتها؛ بسبب تأخر المقاول في استخراج الكفالات المطلوبة، وكان عذر الديوان أنه تبيّن له (بعد سنة ونصف السنة) عدم تأهل بعض شركات المقاولات بالطريقة السليمة، وهذا الكلام قد يكون صحيحاً، ولكن ليس مع الشركة التي رسا عليها المشروع، بل مع الشركة التي لم يرسُ عليها المشروع! وكانت هذه سابقة للديوان أن يوافق وبعد سنة ونصف السنة على تغيير رأيه!

قضية أخرى أكثر وضوحاً.. تلك هي قضية المكتب الصحي في ألمانيا، وتقرير ديوان المحاسبة بشأن مخالفاته.

أصدر ديوان المحاسبة تقريراً حول ما أسماه مخالفات المكتب الصحي الكويتي في ألمانيا، وللوهلة الأولى تشعر بوجود خلل مهني في صياغة التقرير، وتم تفنيد كل ما جاء على لسان رئيس المكتب بالحجة والمنطق. نعم، بالمنطق! فليس من المعقول أن يتهم المكتب بتبديد مئات ملايين اليورو، وهو رقم يفوق ما تم تحويله إلى المكتب في عهد ذلك الرئيس!


* يقول التقرير إن زوجة رئيس المكتب اشترت عقاراً أثناء عمل زوجها في رئاسة المكتب، وهذا ادعاء أبطله بيان كاتب العدل الألماني من أنه لا الزوجة ولا الزوج تملّكا عقاراً في تلك الفترة.

* الديوان في تقريره يطالب باسترداد بدل السكن المصروف لرئيس المكتب أثناء فترة عمله، ثم يتبيّن بالوثائق أن المذكور لم يتسلّم أي مبالغ كبدل سكن!

* الديوان يتهم رئيس المكتب بأنه أسس شركة تختص ببحث أسس التعاون مع سلوفينيا، وأن هذه الشركة تعاملت مع المكتب الصحي، ثم يتبيّن بعد ذلك أن تأسيس هذه الشركة جاء بعد أن ترك هذا الرئيس العمل في المكتب الصحي، وأنها لم تتعامل مع المكتب ولا مع سلوفينيا، ولا بدينار واحد!

هذه بعض الأمثلة على عدم دقة تقرير الديوان، الذي امتلأ بالمغالطات والتناقضات، وربما الشخصانية أحياناً، وقد رد عليها رئيس المكتب في مقابلته في جريدة «الجريدة» يوم ١٢/٦، وإن دلت على شيء فإنما تدل على الحالة التي يعيشها الديوان هذه الأيام، ويكفي أن تعرف أن رئيس فريق التحقيق الذي ذهب إلى فرانكفورت للبحث في هذه التجاوزات لم يكن يجيد غير اللغة العربية، حتى تعرف مستوى المهنية التي مورست في كتابة هذا التقرير!

اليوم يتطلع الكثير إلى التغيير القادم في ديوان المحاسبة، ونتمنى ألا يطول، فثلاث سنوات من دون رئيس أصيل وضع غير صحيح، ولا بد من تغيير المنهجية التي يعمل بها الديوان اليوم، صحيح أنه ما زال هناك من يحمل الكفاءة والخبرة من قيادات الديوان، لكن ضعف المنهجية وعيوب الإدارات الحكومية انتقلت إلى الديوان لتقتل آخر أمل لنا بالإصلاح في هذا البلد الطيب.

تعليقات

اكتب تعليقك