صالح الشايجي يكتب عن بلايا العصر ورزاياه
زاوية الكتابكتب صالح الشايجي ديسمبر 2, 2018, 11:12 م 3138 مشاهدات 0
الأنباء:
كانت الأغنية فيما مضى تصل إلى الناس من خلال الإذاعة الرسمية للدولة، وكذلك التمثيلية والحديث الأدبي أو الديني أو التهذيبي وما إلى ذلك.
وكذلك كان هناك طريق لايصال الرأي والمعلومة والخبر إلى الناس وهو طريق الصحافة إلى جانب الإذاعة ومن بعد صار التلفزيون.
وكان كل ذلك يتم تحت سيطرة جهات مسؤولة أمام المجتمع ولم تكن أبوابا مشرعة بلا حراس، فكان السمين يسود والغث ينصرف أو لا وجود له أساسا. لذلك كان الناس في ذلك العصر يتلقون النافع والمفيد من الفن والمعلومة والحديث والصحيح من الأخبار، وكان العاملون في تلك الحقول من أهل الكفاءة والموهبة الفذة ولم يكونوا من الطارئين على مهنهم.
وأسوق مثلا على ذلك سمعته حين عملي في الإذاعة وهو أن أحد المذيعين المصريين الكبار زمن عز الإذاعة المصرية كان يبدو من تصرفه وسلوكه مع محرري الأخبار على درجة من التعالي أو الغرور أو هم أحسوا ذلك، فحاولوا في إحدى المرات توريطه والانتقام منه، فقاموا بإعطائه النشرة الإخبارية مكتوبة باللغة الإنجليزية بدل العربية، ولأنه كعادته لم يكن يراجع النشرة في قسم الأخبار فقد أخذها ومضى إلى الاستديو لقراءتها على الهواء وهناك فوجئ بأنها مكتوبة باللغة الانجليزية لا باللغة العربية، ولكنه تصرف باقتدار حيث قام بترجمة الأخبار ترجمة فورية وهو يقرؤها على الهواء.
أسوق ذلك كنموذج للقدرات التي كان يتمتع بها بعض العاملين في الحقول الإعلامية، ولن يتحقق ذلك الا بوجود جهة فاحصة ومسيطرة ومهيمنة.
أما الآن وبما حققته التكنولوجيا من فتح فضاءات عامة لكل الناس بمن فيهم الدهماء والغوغاء والسفلة والتافهون فقد استحالت الدنيا الإعلامية إلى فوضى، وساد الجاهلون وتسيّد التافهون وصاروا يتطاولون على الكبار وعلى أصحاب المقامات الرفيعة وعلى العلماء وأهل المعرفة والباحثين، جاهلين قواعد الاعلام وأسس مخاطبة الناس وحسن التعبير.
يتحدثون بجهل فاضح ويدارون على جهلهم بالسب والشتائم والتطاول، ظانين أنهم بذلك قد أصابوا من خاطبوه بسهم نافذ قاتل، وما علموا أن خطابهم التافه لم يتجاوز حدود جهلهم وضيق عقولهم.
إنه إسفاف من مسفين تافهين لا شأن لهم بعلم ولا معرفة، إنهم بلايا العصر ورزاياه، فأعنا اللهم.
تعليقات