'مراسيم الضرورة' :
محليات وبرلمانهل تكون أولى المواجهات بين المجلس والحكومة؟
مايو 7, 2009, منتصف الليل 2238 مشاهدات 0
تعتبر مراسيم الضرورة التي تصدرها الحكومة في غياب مجلس الامة أولى المعارك السياسية بين الحكومة والمجلس بعد انتخابه خاصة تلك المراسيم التي يرى النواب والمراقبون عدم الحاجة الى استعجالها والتي تريد الحكومة ان تستغل غياب المجلس لفرضها .
و'مراسيم الضرورة' مصطلح متعارف عليه يتردد بعد كل حل لمجلس الامة المقصود فيه اصدار مراسيم القوانين وفقا للمادة (71) من الدستور.
ودأبت الحكومة على اصدار تلك المراسيم في فترات حل مجلس الامة او انتهاء الفصل التشريعي قبيل اجراء الانتخابات اللاحقة وذلك وفقا لتقديراتها للضرورة لتسيير بعض الاجراءات في البلاد الى حين اجتماع مجلس الامة خاصة فيما يتعلق بمراسيم الميزانيات.
وتنص المادة (71) على انه (اذا حدث فيما بين أدوار انعقاد مجلس الأمة أو في فترة حله ما يوجب الاسراع في اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير جاز للأمير أن يصدر في شأنها مراسيم تكون لها قوة القانون على أن لا تكون مخالفة للدستور أو للتقديرات المالية الواردة في قانون الميزانية).
وتضيف نفس المادة ( ويجب عرض هذه المراسيم على مجلس الأمة خلال خمسة عشر يوما من تاريخ صدورها اذا كان المجلس قائما وفي أول اجتماع له في حالة الحل أو انتهاء الفصل التشريعي فاذا لم تعرض زال بأثر رجعي ما كان لها من قوة القانون بغير حاجة الى اصدار قرار بذلك أما اذا عرضت ولم يقرها المجلس زال بأثر رجعي ما كان لها من قوة القانون والا اذا رأى المجلس اعتماد نفاذها في الفترة السابقة أو تسوية ما ترتب من آثارها بوجه آخر).
وتوازن تلك المادة من الدستور بين حق الحكومة في اصدار القوانين وفقا لما تراه من ضرورة ووجوب عرض تلك القوانين على السلطة التشريعية للفصل فيها فيما تنظم اللائحة الداخلية للمجلس في موادها 111 و 112 و 113 و 114 الية تعامل المجلس مع تلك المراسيم بقوانين.
ومن بين عشرات المراسيم التي تصدرها الحكومة في فترات غياب المجلس هناك بعض المراسيم تبقى علامة بارزة وتثير جدلا وتواجه رفضا شعبيا ليس بسبب محتواها فقط وانما بسبب الاختلاف حول مدى ضرورتها واهمية التعجيل في اصدارها.
مرسوم المرأة
ولعل من ابرز المراسيم التي صدرت وفقا للمادة (71) هو المرسوم بقانون رقم 9 لسنة 1999 الذي يعطي المرأة الكويتية حق المشاركة السياسية والذي اصدره امير دولة الكويت الراحل الشيخ جابر الاحمد الجابر الصباح في ال25 من مايو 1999 بعد حل مجلس الامة (الفصل التشريعي الثامن 1996) في ال4 من مايو1999.
ويقضي المرسوم بتعديل المادة الاولى من القانون رقم 35 لسنة 1962 في شأن انتخابات أعضاء مجلس الامة بحيث يصبح النص كالتالي 'لكل كويتي يبلغ من العمر احدى وعشرين سنة ميلادية كاملة حق الانتخاب ويستثني من ذلك المتجنس الذي لم تمض على تجنيسه عشرون سنة ميلادية وفقا لحكم المادة 6 من المرسوم الاميري رقم 15 لسنة 1959 بقانون الجنسية الكويتية'.
واثار المرسوم وقتها جدلا كبيرا بين حماس مناصري المرأة لقبول المرسوم من جهة وتخوف رافضي تلك الحقوق ورغبتهم في رد المرسوم من جهة اخرى وكذلك الباحثين والمهتمين باستخدام الوسائل الدستورية السليمة بغض النظر عن مضمون المرسوم من جهة ثالثة.
ووفقا للمادة 114 من اللائحة الداخلية لمجلس الامة التي تنص على انه (يصوت المجلس على المراسيم بقوانين بالموافقة او الرفض ولايكون رفضها الا بأغلبية الاعضاء الذيت يتألف منهم المجلس وينشر الرفض في الجريدة الرسمية) فان المجلس الجديد رفض المرسوم بعد انعقاده بتاريخ 23 من نوفمبر 1999 بأغلبية 41 نائبا مقابل تأييد 21 نائبا من بينهم الوزراء.
وانتصر بذلك التوجه الثالث حيث لم يكن التصويت حينها يعكس العدد الحقيقي للرافضين للحقوق السياسية للمراة لان البعض صوت بعدم الموافقة بسبب صدوره على شكل مرسوم ضرورة والذي اعتبروا ان الضرورة لاتنطبق عليه في هذه الحالة ومن ابرزهم النائب احمد السعدون والذي صوت مع حقوق المرأة فيما بعد عندما عرضت على شكل مشروع قانون.
ويدل على ذلك الموقف انه في نفس الجلسة تقدمت الحكومة باقتراح لاستعجال مشروع قانون لاعطاء المرأة حقها السياسي وسقط الاقتراح بفارق صوتين فقط.
قانون التجمعات
اما مايعرف ب 'قانون التجمعات' الذي صدر عام 1979 اثناء فترة الحل غير الدستوري لمجلس الامة فهو الاكثر جدلا حيث استمر لما يقارب ثلاثة عقود شهد خلالها تجاذبات ومواجهات سياسية استخدمت خلالها الحكومة هذا المرسوم لمواجهة التحركات الشعبية التي انطلقت ضد حل مجلس 1986 وابرزها تجمعات الحركة الدستورية التي كان يرأسها رئيس مجلس الامة حينها احمد السعدون وماعرف بدواوين الاثنين.
وكان المرسوم بقانون 65 لسنة 1979 بشأن الاجتماعات العامة والتجمعات قد صدر في غياب الحياة النيابية بعد ان اصدر امير الكويت الراحل الشيخ صباح السالم الصباح مرسوما بحل مجلس الامة (الفصل التشريعي الرابع 1975) ووقف العمل بأحكام المواد 56 فقرة 3 و107 و174 و181 من الدستور.
واستمر العمل بهذا المرسوم الذي صدر بعهد الامير الراحل الشيخ جابر الاحمد الصباح في عام 1979 حتى مايو 2006 عندما اسدلت المحكمة الدستورية الستار على جدل طويل حول هذا المرسوم باصدارها حكم بعدم دستورية المادتين (1) و (4) من المرسوم بالقانون.
وتنص المادة الاولى من مرسوم التجمعات على انه (يعتبر اجتماعا عاما في تطبيق أحكام هذا القانون كل اجتماع يحضره أو يستطيع حضوره عشرين شخصا علي الأقل للكلام أو لمناقشة موضوعات عامة أو أمور أو مطالبات تتعلق بفئات معينة).
فيما تنص المادة رقم 4 منه على انه (لا يجوز عقد اجتماع عام أو تنظيمه إلا بعد الحصول علي ترخيص في ذلك من المحافظ الذي سيعقد الاجتماع في دائرة اختصاصه ويمنع كل عام عقد دون ترخيص ويحظر الدعوة الي أي اجتماع عام أو الاعلان عنه أو نشر أو اذاعة أنباء بشأنه قبل الحصول على هذا الترخيص).
وبعد حل مجلس الامة (الفصل التشريعي الحادي عشر 2006) بمرسوم اميري حمل رقم 82 لسنة 2008 في ال19 من مارس 2008 اقرت الحكومة مشروع مرسوم بقانون بشأن تنظيم الاجتماعات والمواكب العامة الا انها تراجعت عنه بعد اسبوع فقط نتيجة الضغوط الشعبية وتحرك مؤسسات المجتمع المدني التي استنكرت مثل هذا المرسوم واتبرته تعدي على حكم المحكمة الدستورية في 2006.
وبررت الحكومة سحب المرسوم بأنها تريد تقديمه الى مجلس الامة 'على شكل مشروع بقانون' وفقا لما صرح به نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء فيصل الحجي انذاك الا انها لم تتقدم بالمشروع للمجلس الماضي.
ومن ابرز ماجاء في المرسوم 'المسحوب' انه لايسمح بعقد أي اجتماع لاكثر من عشرين شخص بدون اخذ موافقة المحافظ.
ادعاءات الملكية
ومن حالات اصدار مراسيم الضرورة اثناء فترة 'عطلة' مجلس الامة وفيما بين ادوار الانعقاد هو مرسوم بقانون بشأن ادعاءات ملكية العقارات المملوكة للدولة الذي صدر في عام 2001 اثناء عطلة مجلس الامة (الفصل التشريعي التاسع 1999).
واسقط المجلس ذلك المرسوم الذي عرف ب'مرسوم ادعاءات الملكية' واثار جدلا كبيرا حول مضمونه وضرورته خاصة وانه صدر قبل بداية دور الانعقاد الجديد للمجلس ب11 يوما فقط مما اثار علامات استفهام حول الهدف منه وقد سقط المرسوم بسبب انقضاء الفترة القانونية لصدوره قبل عرضه على مجلس الامة وفقا لنص المادة 71 من الدستور.
الاستقرار الاقتصادي
اما مشروع 'الاستقرار الاقتصادي' الذي اصدرته الحكومة بمرسوم قانون رقم 2 لسنة 2009 في ال26 من مارس الماضي بعد صدور مرسوم اميري بحل مجلس الامة فربما سيكون اولى المواجهات بين المجلس والحكومة .
ولعل مايجعل ذلك المرسوم عرضة للرفض سببان الاول مضمونه وعدم اخذه بالتعديلات التي قدمها النواب وخاصة تعديلات كتلة العمل الشعبي التي تعترض على مايمنحه المشروع من تفويض مطلق من المجلس للحكومة اضافة الى ان المشروع لم يحدد الشركات التي تنطبق على الملاءة المالية حيث ترك تقديرها لمحافظ البنك المركزي.
فيما السبب الاخر لاحتمال رفض المرسوم هو اقراره بصيغة مرسوم ضرورة رغم ان المشروع كان يبحث في لجان المجلس ولم يقدم بصفة استعجال.
ووفقا للمادة (71) من الدستور التي صدر على اساسها هذا المرسوم بقانون فانه سيعرض على مجلس الامة المقبل في اول جلسة له للنظر في قبوله او رفضه ، فهل ستخدم مخرجات مجلس الامة المقبل اقرار المرسوم ام سيعود رافضوه الى المجلس؟؟
كانت تلك من ابرز مراسيم الضرورة التي تصدر بالعشرات بعد كل حل لمجلس والتي اثارت جدلا كبيرا ولقيت اعتراضات واسعة من المتابعين والمرشحين والنواب فيما هناك مراسيم اخرى كانت مفصلية ايضا مثل مرسوم تعديل الدوائر الانتخابية من 10 الى 25 دائرة تم العمل به بعد عودة الحياة النيابية عام 1981.
تعليقات