كيف تتكون حبات البردي ..؟
منوعاتالآن - وكالات نوفمبر 15, 2018, 6:41 ص 977 مشاهدات 0
مقالة للدكتور عبدالله المسند
الأستاذ بقسم الجغرافيا بجامعة القصيم
قدّر الخالق عز وجل أن تتشكل حبات البرد في قمم السحب الجبلية (سحب المزن الركامي Cumulonimbus) ذات الرطوبة العالية، والبرودة الشديدة، والمشهد المهيب، والتي وصفها الله تعالى بقوله: (وينزل من السماء من جبال فيها من برد)، وهي مخيفة المنظر إذا ظهرت للعيان، ولكن في أحيان كثيرة لا نشاهدها بسبب الغيوم المنخفضة.
:. وحتى تتكون (الجبال) التي فيها حبات برد تتطلب قوة رفع للهواء الرطب، متمثلة بالتقاء كتلتين هوائيتين حارة وباردة، أو رياح حملانية صاعدة بسبب حرارة سطح الأرض، فتنتفش السحابة بشكل سريع وبديع، بل تبلغ ارتفاعات شاهقة تصل قممها أحياناً إلى نحو 15كم، وقاعدتها منخفضة إلى أقل من 1 كلم أحياناً، شريطة أن يكون ارتفاع خط التجمد أقل من 3400م، وفي تلك السحب تتشكل وتُخلق حبات البرد في مستوى شديد البرودة ورطب، وطبعاً هذا يكون فوق خط التجمد (صفر مئوي)، والذي يختلف ارتفاعه وفقاً لعوامل جغرافية وجوية عدة.
:. وحبات البرد عبارة عن قطرة مطر تشكلت ثم هوت إلى أسفل السحابة، ثم رُفعت عبر التيارات الصاعدة القوية (حوالي 96كم في الساعة) إلى مستوى رطب وشديد البرودة ( من صفر إلى حوالي -40م) في الطبقات العليا من سحب المزن الركامي، فتجمدت ثم تهوي مرة ثانية، ثم لا يلبث التيار الصاعد أن يرفعها مجدداً إلى مستوى التجمد الشديد، فتصطدم بقطرات مطر في طريقها ثم تتجمد عليها، فتُكسى طبقات جديدة ، فيكبر حجمها، ويثقل وزنها عما كانت عليه في السابق، فتهوي إلى الأرض بسرعة عالية حوالي 160 كلم في الساعة، وفي طريقها إلى الأرض تخسر بعض وزنها وحجمها بسبب مرورها في طبقات أدفأ، وهذا رحمة من الله بعبادة.
:. وكبر حجم حبة البرد دلالة على طول حمل السحاب لها، بسبب قوة الرياح الصاعدة، والتي تُنميها كلما نزلت رُفعت، فيتعاظم سمكها وحجمها ووزنها حتى تتغلب على قوة الرفع فتنزل بشكل حبات غير اعتيادية، كما حصل في برد المدينة يوم السبت 24 فبراير 2018، ووفقاً للمشاهد المصورة من حالة برد المدينة أتوقع أن سرعة التيار الصاعد تتراوح من 90 إلى 110 كلم في الساعة حتى يشكل حبات برد بحجم البيض أو يزيد قليلاً.
:. وتسقط حبة البرد عندما تكون أثقل من التيار الصاعد والحامل لها، أو عندما يضعف التيار الصاعد الحامل لها، وحتى حبات البرد العظيمة التي سقطت في المدينة من رحمة الله أنها فقدت جزءاَ من وزنها وحجمها وهي في طريقها إلى الأرض، وحادثة المدينة توافرت فيها العوامل الجوية كاملة بإمتياز، ومنها توفر الرطوبة العالية في طبقات الجو العليا، وتصادم كتلة هوائية شمالية شرقية مع غربية فوق السطح وعلى علو 1.5كم
:. وعندما ينزل البرد يُخفض درجة الحرارة بشكل سريع جداً، بل ويتسبب بتشكل الضباب اللحظي؛ لكون الرطوبة النسبية عالية وتزامنت مع برودة عالية. وعند نزول حبات البرد الكبيرة قم بقطعها إلى نصفين بواسطة السكين، وستجد عدة طبقات (تمثل قطرات متجمدة) وهي تشبه حلقات البصل.
:. وتكون حبات البرد الكبيرة باتجاه الكتلة الدافئة (غالباً يكون في السعودية في اتجاه الشرق أو الجنوب الشرقي من السحابة)، وعندما تزداد حبات البرد عن حجمه الطبيعي فإنه يتسبب في أضرار بالغة في الممتلكات من مزروعات، وحيوانات، وسيارات، وغيرها، كيف لا وسرعة نزولها تبلغ أحياناً 160 كلم في الساعة. وأحياناً تنزل حبات البرد صغيرة، وفي طريقها إلى الأرض يذوب ويتحول إلى قطرة مطر.
:. ورادار دوبلر يستطيع كشف الخلايا الرعدية المحملة بالبرد إلى حد كبير، بل ويستطيع تحديد أحجامها وفقاً لحجم الطاقة المنعكسة من حبات البرد إلى الرادار، والتحذير من تكون حبات البرد في السحب مسألة ممكنة ولكنها معقدة ومضنية، وتحتاج إلى إمكانات تقنية، ومراقبة ساعية لتشكل السحب، ومع ذلك كان للهواة في السعودية جهود في تحذير الناس من البرد عبر متابعة صور رادار دوبلر، والتي تتيح لهم التحذير منها خلال وقت يقل عن 30 دقيقة، ولكن الآن حُرموا منها، وحُجبت المواقع من قبل هيئة الأرصاد لعلة تعرفونها!! وأحسب أن الأرصاد تتحمل أي كارثة جوية تقع جراء حجب الرادارات عن المواطنين الذين يتابعون التغيرات الجوية عبرها، بل ويحذرون الناس من الخطر في حين غفلة من الأرصاد.
:. وريثما تٌفتح الرادارات للمواطنين هناك علامات ميدانية (غير علمية أو دقيقة) ممكن أن نستدل بها على وجود البرد في سحب المزن الركامي، والعلامات كثيرة ومنها: ظهور لون أخضر فاتح في السماء، وسببه أن اللون الأخضر ـ في أشعة الشمس ـ ينعكس من حبات البرد.
:. وسحب المزن الركامي غالباً ما تشكل عدة مخاطر منها: سقوط البرد، الرياح الهابطة العنيفة والمثيرة للغبار، أمطار كثيفة وفي وقت قصير، قصف الرعد والصواعق، منطقة محظور على الطيران الدخول فيها، وهي (عادة) تتشكل في الأجواء الحارة في أول الموسم المطري أو في آخره. وتجدر الإشارة إلى أن خطوط الملاحة الجوية تتجنب الدخول في معمعة سحب المزن الركامية لخطورتها المركبة ... هذا والله أعلم.
تعليقات