خالد الطراح يكتب عن الغرق التنفيذي

زاوية الكتاب

كتب خالد الطراح 521 مشاهدات 0


القبس

بصرف النظر عن طبيعة الأسباب التي عصفت في شوارع الدولة بسبب أمطار كانت متوقعة وليست مفاجئة أو من الكوارث الطبيعية، فثمة مسؤولية سياسية تقع على الوزير المعني، ومن ثم مسؤولية مهنية ينبغي ان يتحملها الجهاز التنفيذي من قياديين ومهندسين الى آخر عضو في طاقم وزارة الأشغال، وكذلك هيئة الطرق، بما في ذلك الشركات المتعاقدة مع الحكومة إن كانت هناك أي علاقة لأي شركة كانت.
مع الساعات الأولى من غرق ضواحي المدينة، خرج قرار إحالة إلى التقاعد رئيس هيئة الطرق نتيجة غرق المدينة وفيضانات في شبكة تصريف الامطار كنوع من العقاب، وهو قرار صائب طالما ثمة أدلة وبراهين تؤكد تقاعس هيئة الطرق، ولكن لا يجب التوقف عند هذا الحد، وانما هناك مسؤولية سياسية ينبغي ان يتحملها وزير الاشغال وزير الدولة للبلدية السيد حسام الرومي شخصياً، باعتباره الوزير المعني بسياسات التنفيذ والاعتماد للعقود، واعتماد أيضاً خطط واستعدادات وزارة الأشغال وهيئة الطرق أيضاً لفصل الشتاء والامطار والتغيّر المناخي ككل.
طلب الوزير الإعفاء كان قراراً ينم عن إدراك حجم وطبيعة المسؤولية السياسية، حتى لو كان الوزير حديثاً على الوزارة وتوليه الحقيبة الوزارية، وإحالة من تراه لجنة التحقيق الى النيابة العامة، في حال وجود شبهات جنائية وتعمد في «غرق» البلد في سيول من الامطار المتوقعة وتضرر المواطنين وأي جهات أخرى.
كما ينبغي على الحكومة ادراك ان ثمة خللا هيكليا في اختصاص وزارة الاشغال وهيئة الطرق، التي تم استحداثها مؤخراً دون تقليص جهاز وزارة الأشغال بما يتناسب مع مرئيات انشاء هيئة الطرق، او إلغاء الوزارة، وإحالة اختصاصاتها الى هيئة الطرق، او في ظل الظروف الحالية إعادة النظر في مدى الحاجة الى هيئة طرق!
التشابك في اختصاصات اجهزة حديثة ووزارات قائمة ليست ظاهرة جديدة، والحلول في فك التشابك عملياً يتم من خلال اتخاذ قرارات ناجعة تستفيد منها الدولة اليوم ومستقبلا.
مع التقدير لشخص الوزير الرومي ان اعفاءه لا يعني الطعن في الذمم او التقليل من شأنه المهني، وانما تأكيد لمبدأ المساءلة والمحاسبة السياسية والتنفيذية ايضا، في حكومة تكثر فيها الاقوال وتغيب عنها الافعال وتتعاظم معها الاوهام!
يجب على الحكومة الاستفادة من الدرس «المطري» في اعادة النظر في مهام وزارة الاشغال وهيئة الطرق، وعدم الاكتفاء بإحالة الى التقاعد لبعض القياديين، بينما تبقى الحال كما هي عليه.
كان المفترض تطبيق هذا المبدأ على وزير التربية والتعليم العالي حين تفجرت حقيقة عدم وجود استعدادات مدرسية للعام الدراسي الجديد حتى يسود في الحكومة مبدأ المساءلة السياسية قبل التنفيذية، ولكن في ظل وجود الحياء الحكومي والمجاملة، وربما المحاباة للبعض، او قوى متنفذة هنا وهناك، لن تنصلح الحال العامة في البلد.
وحين تكون هناك ازمة سياسية مختلقة او غير مختلقة او غرق سياسي اعمق مما حصل تربويا «ومطريا»، فالمسؤولية يتحملها ايضا رئيس الحكومة إذا كانت الحكومة جادة نحو معالجة الازمات من جذورها وليس بقشورها!

تعليقات

اكتب تعليقك