إنه النفط يا غبي!
عربي و دوليهل تلقي عباءة بن لادن السوداء بظلالها على الخليج العربي؟
مايو 4, 2009, منتصف الليل 2817 مشاهدات 0
عندما تكون من المأخوذون بسحر اللحظة، لايمكن أن تنسى مواقف أو بضع كلمات غيرت مجرى التاريخ، ومن ذلك ماحدث في ضحى اليوم السادس من مفاوضات مؤتمر العقير في 2 ديسمبر1922م . فقد كان المندوب السامي البريطاني السير بيرسي كوكس Sir Percy Cox يستمع متململاً ولمدة خمسة أيام لمشاحنات طويلة بين سلطان نجد في حينه المغفور له عبد العزيز بن سعود وصبيح بك وزير الموصلات والأشغال العراقي و جون مور الوكيل السياسي البريطاني في الكويت ممثلا عنها . ثم قرر بيرسي كوكس حسم الأمر فاخذ قلم احمر وسار نحو الخريطة المنصوبة في خيمة المؤتمر ووضع خطوط حمراء اعتمدت من قبل الأطراف الثلاث كحدود بين السعودية والكويت والعراق ، وتقرر بناء عليها إنشاء منطقتين محايدتين الأولى بين الكويت والسعودية والثانية بين العراق والسعودية، عندها قفز مساعد لرئس احد الوفود المشاركة متسائلاًَ عن سبب وجود المنطقة المحايدة ،مضيفا إنها تحتوي على النفط ويجب حسم أمرها. وفي غضب عجز عن التحكم في كتمانه (ملك الخليج غير المتوج) كما كان يسمى رد عليه المندوب السامي البريطاني السير بيرسي كوكس Sir Percy Cox بكلمات اختزلت نوايا بريطانيا في المنطقة قائلا :
'نعم انه النفط ياغبي' 'It is the Oil, Stupid!' .
وعند تنحية المماحكة المرافقة للعملية الديمقراطية في الكويت جانبا ، والتغاضي لبرهة عن التدهور الدرامي المرافق لانتشار أنفلونزا الخنازير، يلاحظ المراقب الأمن الخليج العربي أسبوع مفعم بأخبار الإرهاب التي تحاول تصدر وسائل الإعلام الخليجية عنوة دون نجاح يذكر . رغم أن تجاوز الأخبار المتعلقة بالأنشطة الإرهابية لا يعني عدم أهميتها أو عدم حدوثها كما يحلوا لنا ان نتصور .
ففي 25ابريل 2009م قال المتحدث باسم وزارة الداخلية السعودية اللواء منصور التركي إن الهجمات من اليمن تمثل التهديد الأكبر على السعودية التي أمضت السنوات الست الأخيرة وهي تحارب المسلحين المرتبطين بتنظيم القاعدة. وفي سياق متصل كشفت السلطات البحرينية عن ضبط خلية كانت تستعد للقيام بأعمال إرهابية هناك ودول خليجية مجاورة. وبناء على هذه الأصداء وجهت وزارة الخارجية الأميركية قبل أيام إشارات واضحة إلى دولة الكويت حول وجود ثغرات أمنية في الكويت يمكن أن تستغل من قبَل الإرهاب.
ردة الفعل الخليجية تدعوا إلى التساؤل أو التهكم لوتجاوزنا حدود الوقار! فقد قال اللواء التركي إن الحكومة السعودية تعمل على بناء قوة أمنية قوامها 35 ألف عنصر لحماية المنشآت النفطية والمواقع الحساسة الأخرى وتم تجنيد وتدريب 35% من أصل هذه القوة حتى الآن . ونتذكر هنا ان التركي قد تحدث في 30 أغسطس 2007م عن قيام هذه القوة الأمنية ، وراح في حينه يضع مبررات قبل أوانها لبطئ خطوات بناء هذه القوة ، حيث قال قبل عامين ، أن مسألة الوصول إلى العدد المطلوب تخضع لإمكانيات التجنيد والتأهيل والتشغيل، وهذا ماحدث فعلا فما هي نسبة 35% كنجاح لمشروع حيوي مثل هذا الطموح الأمني الكبير ؟ بل انه رفض ربط استحداث هذه القوة الأمنية بتزايد مخاطر استهداف مصالح النفط السعودية!
أما السلطات البحرينية فقد كشفت أن الاختراق الكبير الذي قامت به ضد الخلايا الإرهابية كانت حصيلته رشاشي كلاشينكوف، وصندوقي ذخيرة خاصة بهما، ومسدس ماركة بريتا، وصندوق ذخيرة خاص به.وهنا نتساءل إن كانت هذه العملية برمتها لاتتعدى ذر الرماد في العيون لتجاوز إحراجات العملية التي تمت في 2008م وتم خلالها ربط المتهمين بمعسكرات تدريب في سوريا ولبنان، نقول ذلك استنادا إلى إن كل مواطن خليجي في مسقط والكويت والرياض يملك في بيته رشاش ومسدس بالإضافة إلى عدة بنادق قنص من نوع 'شوزن' ، فهل يلقى عليه القبض لتحقيق مكاسب إعلامية لرجال الأمن ؟ بل إن الكويت في دعمها خطة التعاون الأمني الخليجي المشترك قالت أنها ليست مستهدفة من قبل الشبكة البحرينية، ولم توضع ضمن البلدان المستهدفة، والتي كانوا ينوون القيام بأعمال إرهابية فيها. أليست الكويت من الدول الخليجية ؟
لماذا إذا قامت منظمة القاعدة الإرهابية بتغيير اسمها في المنطقة إلى 'القاعدة في شبه الجزيرة العربية' هل هي خطوة تهدف إلى استقطاب المتطرفين كما يسوق لذلك دافني رؤوسهم في الرمال ؟ أم أن هناك تغيير في يرمي إلى تركيز إستراتيجيتها في المنطقة؟ وماهي الأهداف الجديدة في قائمة خلايا بن لادن ؟
لايساور أي مراقب عسكري شك في أن ضابط تحديد الأهداف في تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية سيصل حتما إلى هدف واحد يحقق الهجوم عليه نجاحات سياسية وعسكرية وإستراتيجية في آن واحد وهو المنشآت النفطية الخليجية المنتشرة في الصحراء، حيث لايحرسها إلا ذرات الرمال .
إن خبر على قناة الجزيرة عن مهاجمة المنشآت النفطية الخليجية التي تمد الغرب بالطاقة هو دعوة تطوع للمتشددين خير واجدى مما يبث على ألف موقع إرهابي على الانترنت معرض للحجب عشرين مرة في اليوم .
وإذا كان هناك في معظم دول العالم حراس للأسواق وحراس لحماية مفاعلاتها النووية وحراس حتى للغابات فلماذا لايكون هناك من يحمي ثروتنا ؟ فحماية موارد الطاقة الخليجية من خلال حماية البنية الأساسية من خطر الإرهاب هي أولوية طال الأمد على تنفيذها ،وما هو موجود حاليا من هياكل أمنية لحماية المنشآت النفطية في الكويت أو بقية الدول الخليجية لايرقى لأهمية الثروة النفطية في حياتنا .ولن ندخل في تفاصيل تأهيل حراس النفط في الكويت مثلا ولا عملية اختيارهم ومعاهد تدريبهم وضياعهم بين الواجب الأمني العسكري ووضعهم القانوني كمدنيين لاتتعدى خبراتهم الامسكاك بعصى سوداء صغيرة كشرطي لندني في شارع أكسفور الآمن .
وإذا كنت مهمة الدفاع عن المنشآت النفطية ضد الغارات الجوية وهجمات الصواريخ البالستية من مهام القوة الجوية فإن حماية المنشآت النفطية وخطوط نقله وحقوله ليس بالتأكيد من مهام القوات البرية أو الحرس الوطني أو حتى وزارة الداخلية .بل من واجب قوة مهما تغيرت مسمياتها فهي قوة ' حراس النفط'. ففي العراق وهو البلد المهلهل أمنيا نجد قوة لحماية المنشآت النفطية'oil security force' قامت حال سقوط الطاغية في عام 2003 ويبلغ عدد رجالها 20 ألف رجل حيث يغطون حماية 80% من المنشآت النفطية في عموم العراق .إن قيام قوة حماية المنشآت النفطية يتطلب الكثير ، ويشمل تنفيذ مشروع للممرات الأمنية الآمنة لأنابيب النفط ووضع الكاميرات والمجسات والكشافات لحماية الأنابيب ليل نهار .
لقد انشغلنا في الخليج العربي خلال عقدين من الزمن بالخوف من الخطر على نفط الخليج وهو في مضيق هرمز فقط وتناسينا الانكشاف والثغرات الأمنية في كل شبر من صحراءنا .
بثقافة رجل القرن التاسع عشر ومطلع العشرين عرف كوكس ان النفط سوف يكون المحرك الأساسي للأمور الجسام في هذا الجزء من العالم، فهل تغيب أهمية النفط عن عباقرة العنف في القرن الحادي والعشرين ؟ ولمن غاب عنه سبب تغيير تنظيم القاعدة لأسمه في المنطقة إلى (القاعدة في شبه الجزيرة العربية) نقول انه ليس لاستقطاب المتطرفين في المنطقة بل للتحول نحو المنشآت النفطية كأهداف متوفرة بكثرة في الجزيرة العربية او كما قال المندوب السامي البريطاني الملقب بـ(ملك الخليج غير المتوج) السير بيرسي كوكس Sir Percy Cox قبل 87عاما 'It is the Oil, Stupid!' .
تعليقات