د. محمد الرميجي يكتب: الخوف من النساء

زاوية الكتاب

779 مشاهدات 0


أصبح الخوف من النساء مرضا يصاحب معظم الرجال فى عصرنا الحالى تقريبا فى معظم دول العالم، فأنت لا تستطيع اليوم أن ترفع نظرك فى امرأة لأنها إن بلغت عن تلك النظرة، أنك تتحرش بها فمصيرك السجن.

اختلاف الثقافات مشكلة حقيقية فى الفضاء المسمى تحرش، فإن ذهبت الى الغرب وطلبت من النادلة فى المقهى مشروبا، ونظرت اليها نظرة لا تعجبها او أبديت أقل ملاحظة إعجاب بفستانها فذلك أمام القانون فعل تحرش.

ولعل قصة ذلك الفتى الخليجى الذى طارد احدى الفتيات فى سيارتها فى إحدى مدن الولايات المتحدة، واعتقدت انه يريد بها شرا، فاتصلت بالشرطة، ولما قبض على الفتى قال إنه معجب بها وطاردها فقط كى يعطيها رقم تليفونه (فى الخليج ظاهرة اسمها ظاهرة الترقيم) طبعا لم يستمع اليه احد، وبقى فى السجن لأشهر ثم رحل الى بلده.

المعارك بسبب فعل التحرش فى الآونة الاخيرة أصبحت كثيرة وعالمية. فقد انشغل العالم منذ أسابيع قليلة فى متابعة مرشح الرئيس ترامب لقاض فى المحكمة الامريكية العليا، وتعرض المرشح بريت كافانو لعواصف من النقد القاسى وأمام العالم أجمع.

وشهادة بعد أخرى تسمر العالم لمعرفة اى وجهة سوف يتخذها رجال ونساء مجلس الشيوخ فى الامر، بسب اتهامه بالتحرش، وكان الفارق صوتا واحدا فقط فى تأييد ترشيحه، الامر الذى لم يحدث تاريخيا, بعد أن حبست امريكا كلها أنفاسها بسبب تلك المشكلة التى حدثت قبل ثلاثين عاما عندما كان القاضى المرشح طالبا فى مدرسة ثانوية وادعت عليه تلك السيدة انه قام بفعل فاضح معها دون موافقتها!، أما الطامة الكبرى أن يذهب رجل مسن فاق الثمانين من عمره وهو أفضل كوميديان وممثل فى عالم الترفيه فى الولايات المتحدة لسنين طويلة، وليم كوزبى قيد الى السجن بسبب تحرش قام به قبل ربع قرن، وخرجت النسوة اللاتى ادعين عليه فخورات بعد الحكم، يتحدثن عن راحتهن، وهو يقاد مغلول اليدين الى سجن، ربما يلفظ انفاسه الاخيرة فيه.

كما أن جائزة نوبل للأدب قد حجبت هذا العام والسبب أن عضواً من لجنة الجائزة هو جان كلود ارنو الفرنسى وعمره اثنان وسبعون عاما، اتهم بالتحرش بامرأة قبل سبع سنوات، وهى زميلته فى اللجنة، وخوفا على سمعة الجائزة حجبت لأول مرة هذا العام، حتى لا يصلها رذاذ ما عرف بالفضيحة الكبرى فى أوساط تلك الجائزة العالمية.

النساء فى الغرب وربما ايضا فى الشرق أصبح لهن طريق واضح للدفاع عن أنفسهن، منذ ان خرجت حملة «وأنا أيضا» التى انتشرت من مدن أمريكا إلى فرنسا إلى بقية دول العالم, وشجعت النساء على طرح الخوف من الفضيحة جانبا والحديث العلنى عن التحرش بهن حتى لو كان ذلك قبل سنوات طويلة.

حتى التحرش على وسائل التواصل الاجتماعى طالته العقوبات، وأصبح محرما، فما على المرأة إلا أن تقدم نصا فاضحا جاءها من أحدهم على تليفونها النقال، فيكون العقاب السجن المغلظ لذلك الرجل!.

أصبح علماء الاجتماع فى حيرة، كيف يمكن أن يتعارف الرجال والنساء فى سن الزواج، اذا كان ممنوعا منعا باتا إظهار الإعجاب بواحدة، أثارت إعجاب شاب، فإن قال لها كلمة هو معرض للملاحقة وأن كتب لها هو ايضا معرض للسجن.

هل نتوقع ان تزداد نسبة العازبات فى المجتمعات بسبب مفهوم غامض اسمه التحرش، وهل أصبح مرضا أم هو موضة يطيب للمجتمع الغربى أن يصدرها للعالم بين فترة وأخرى.

واحد من أكبر الكيميائيين فى العالم اضطر الى تقديم استقالته لأنه ذكر فى محاضرة ان الرجال اكثر دقة فى متابعة العمليات الكيميائية فى المختبر من النساء! وقبل أشهر ثارت ضجة فى مؤسسة الاذاعة والتليفزيون البريطانية، حيث اكتشف أن الرجال فى العموم يحصلون على مكافآت مالية أكثر من النساء، وهم فى نفس المستوى الوظيفى وقد صححت الهيئة المسئولة عن الجهاز ذلك الفارق وبسرعة شديدة بعد ان تناولته وسائل الإعلام.

مازال المجتمع الشرقى النسائى يتردد فى الإعلان عن المضايقات التى يتلقاها من زملاء العمل أو الرؤساء ولكن الوقت لن يطول حتى يتراجع ذلك التردد ويستبدل بشجاعة الإعلان خاصة ان الاعلام أصبح جاهزا للمساعدة!.

تعليقات

اكتب تعليقك