نتمنى وجود تقييم دقيق لعمل صندوق المشروعات الصغيرة ويكون متصلا ببرامج التنمية ومؤشراتها أو مراجعة شاملة لأهدافه - يكتب د. حسن جوهر

زاوية الكتاب

كتب د. حسن جوهر 1031 مشاهدات 0


الجريدة:

فكرة دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة تعكس رؤية تنموية رائدة ومهمة على أكثر من صعيد، فهي خطوة مهمة في اتجاه تنويع مصادر الدخل، كما أنها من أكبر الحوافز لتشجيع الشباب وغرس الثقة بقدراتهم وإمكاناتهم وطموحاتهم، وفي حال نجاح هذا المشروع فإنه يساهم في تخفيف العبء على الميزانية العامة، خصوصا في مجال التوظيف الحكومي.

فكرة الصندوق الوطني لرعاية وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة أبصرت النور في عام 2013 برأس مال ضخم بلغ ملياري دينار، أي ما يعادل سبعة مليارات دولار، وتم مضاعفة هذا الرصيد مؤخراً تحت شعار دعم الشباب ومحاربة البطالة، وتمكين القطاع الخاص من تحقيق النمو الاقتصادي في البلاد، وعلى الرغم من ضرورة مواكبة التقنية الحديثة، وخصوصا ما يتعلق بالثورة المعلوماتية وتنوع الاحتياجات البشرية، فإن لهذه الفكرة جذورها التاريخية المرتبطة بنشأة الكويت وتطورها الزمني وما واكب هذه المسيرة من ولادة العديد من المهن والحرف التي ارتبطت بأسماء العوائل التي تبنتها جيلاً بعد جيل، وكانت تلبي متطلبات المعيشة، وأصبحت روافد أساسية في الاقتصاد الكويتي كالنجارة والصرافة والحدادة والبناء والمفروشات والفلاحة والألبان إلى آخر قائمة طويلة أخفتها الثورة النفطية وضاعت معالمها بعد الاستقلال.

المشروعات الصغيرة والمتوسطة يفترض أن تنطلق من فلسفة الإنتاج والإبداع، وبالتأكيد فإن البلد يزخر بمواهب وطموحات شبابية كبيرة، ومن حق هذه الشريحة ترجمة أفكارهم ورؤاهم عبر الصندوق الوطني الملياري، ولكن مسيرة المشروع لا تعكس إلى الآن الأهداف الحقيقية التي أوجد من أجلها، وما زال الكثير من الشباب يواجهون العقبات والعراقيل والتطنيش والتطفيش، وغابت الشفافية والتقييم الموضوعي لمسيرة السنوات الخمس الماضية للبرامج التي احتضنها الصندوق، ومدى مساهمتها في تحقيق الأهداف المعلنة في هذا الشأن، وخصوصا ما يخص الإسهام في نمو الناتج الوطني الإجمالي.

الكثير من القصص والمعلومات تتناقلها وسائل التواصل الاجتماعي التي تدار من فئة الشباب أنفسهم، وتتسرب العديد من الفضائح في تحول الصندوق إلى شكل جديد من أشكال التنفيع والمحسوبيات التي تنخر في البلد، وبدلاً من تدشين الورش الحرفية أو المؤسسات الصناعية الصغيرة أو المشاريع المرتبطة بعشرات التخصصات المهنية التي تقدمها الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب لا نسمع سوى الأخبار والدعايات الإعلامية لأنشطة بعيدة عن الابتكار الوطني، والتي لا تتعدى كونها تجميعا أو جهود قص ولزق أو استيرادا من الخارج، لا تخرج عن نطاق ما يعرف بالفاشينيست أو العطور أو الكب كيك، رغم احترامنا لحق من يختار هذا النوع من العمل، في حين المشاريع والأفكار التي نحتاجها كدولة وتلك العقول الجاهزة لتفعيلها تبقى محاربة أو مغمورة أو تُكسّر مجاديفها.

نتمنى وجود تقييم دقيق وموضوعي لعمل الصندوق ويكون متصلا ببرامج التنمية ومؤشراتها أو مراجعة شاملة لأهدافه، وفي مقدمة ذلك الاحتضان الحقيقي لشابات وشباب الديرة!

تعليقات

اكتب تعليقك