حمد الأنصاري يكتب عن تعديل ميزان القوى المختل حالياً لتطوير المنظومة السياسية والعملية الديموقراطية للنهوض بالكويت

زاوية الكتاب

كتب حمد الأنصاري 991 مشاهدات 0


الراي:

عقدت القوى المدنية والديموقراطية الكويتية مؤتمراً صحافياً قبل أيام عدة، أعلنت فيه عن وثيقة للعمل المشترك بينها... المتوافقة على خمسة منطلقات؛ أبرزها الدفاع عن الحريات التي كفلها الدستور والتمسك بالطابع المدني للدولة والاصلاح الديموقراطي، لتكون تلك الوثيقة نقطة انطلاق لعودة تلك القوى السياسية الحيّة لواجهة العمل السياسي في الكويت، فقد طال انتظار الخط الوطني العابر للطوائف والقبائل، خصوصاً بعد سيطرة قطبي السلطة والأحزاب الدينية على المشهد السياسي في السنوات الماضية، فأصبح من الضرورة تشكيل قطب ثالث؛ وهو القطب الوطني الديموقراطي المدني.
 لم تكن فكرة هذا القطب الثالث وليدة اللحظة، بل قد ذكرت في مقالات عدة ضرورة تحمل القوى الوطنية لمسؤوليتها في توعية الشارع السياسي والعودة لأخذ دورها التاريخي في الحياة السياسية، فالتاريخ يزخر بالأمثلة على إنجازات تلك القوى الحية، ودورها المهم في الدفاع عن قضايا وهموم الناس، خصوصاً عند اتفاقها، فمن منا ينكر دور القوى في إقرار دستور 62، أو دورها التاريخي في التصدي لتزوير انتخابات مجلس 1967، كذلك الدور التاريخي الذي لعبته تلك القوى الحية في منتصف السبعينات من القرن الماضي لرفض اتفاقية المشاركة النفطية المجحفة بحق البلد والدفع لتأميم النفط، وبالتأكيد لن ننسى دورها الكبير في خلق رأي عام رافض للتعديلات الدستورية التي قدمتها الحكومة عام 1981، فرفع حينها المرحوم جاسم القطامي والدكتور أحمد الخطيب - رغم عدم عضويتهما في البرلمان ذلك الحين- مذكرة لمجلس الأمة حول رفض تلك التعديلات التي وافق عليها المجلس في المداولة الأولى ذلك الحين، وكانت لتقر لولا تشكيل رأي عام قوي ضدها، فاضطرت الحكومة حينها لسحب المقترح.
تلك الانجازات الكبيرة وذلك الدور السياسي التاريخي الذي لعبته تلك القوى جاء على الرغم من عدم حصولها على عدد مؤثر داخل البرلمان منذ بداية العمل بالدستور وحتى يومنا هذا، لكنها في المقابل كانت تعمل كجبهة واحدة تمثل الخط الوطني الديموقراطي بشكل عام وتعتمد على رفع الوعي وتسعى لتثقيف الشعب بحقوقه، وصولاً إلى تشكيل الرأي العام الذي يعتبر أحد أهم وأقوى الأدوات السياسية.
 هذه الوثيقة التي أعلنت عنها القوى المدنية والديموقراطية قبل أيام تبعث الأمل بعودة الطرح الموضوعي، والنقد البنّاء الهادف لتصدر المشهد السياسي، واستعادة المعارضة الوطنية التاريخية لدورها المفترض، إلا أن تلك الآمال لن تتحق إلا بتعاضد هذه القوى بعضها البعض والعمل على ما يجمعها ونبذ ما يفرقها، والالتزام بما جاء في الوثيقة المشتركة، التي أعتز بكوني أحد المساهمين فيها؛ سواء عبر التنسيق بين القوى السياسية الوطنية أو من خلال المداولات والنقاشات المتبادلة حول مشروع الوثيقة.
في النهاية، نعم هذه الوثيقة مهمة جداً، لكنها ليست سوى خطوة واحدة على طريق عودة الحركة الوطنية للواجهة وتشكيل القطب الثالث، ويحب أن تليها العديد من الخطوات، كما أن هذه الوثيقة لا تعني إقصاء بقية القوى السياسية من المشهد، فالقوى المدنية والديموقراطية تؤمن بحرية التعبير عن الرأي والتنوع الفكري، ولم يحدث أبداً أن قامت القوى المدنية بإقصاء الآخر، بل إن أكثر من تم إقصاؤه في الفترات السابقة هي القوى المدنية والديموقراطية ذاتها، لكنها وثيقه لتنظيم العمل بين مجموعة من القوى السياسية المدنية التي يجمعها العديد من القضايا وأهمها الدفاع عن الحريات والحفاظ على الطابع المدني للدولة، حيث تهدف في نهاية المطاف إلى تعديل ميزان القوى المختل حالياً لما يؤدي إلى فتح المجال أمام تطوير المنظومة السياسية والعملية الديموقراطية للنهوض ببلدنا ومعالجة مشكلات مجتمعنا وبناء كويت جديدة، هي كويت الانفتاح والعدالة والمساواة.

تعليقات

اكتب تعليقك