ليس في تعدد المذاهب الإسلامية أي خطورة على العقيدة.. لكن الخطر في التعصب المذهبي - يكتب مصطفى الصراف
زاوية الكتابمصطفي الصراف أكتوبر 6, 2018, 12:04 ص 740 مشاهدات 0
القبس:
ليس في تعدد المذاهب الإسلامية أي خطورة على العقيدة، لأن ذلك التعدد إنما ناتج عن تعدد في آراء أئمة الفقه في بعض القضايا التي لا ترقى إلى التشكيك في كتاب الله وسنة نبيه الكريم، وهي مجرد خلافات نظرية واجتهادات هدفها تفسير العقيدة وتبسيطها للناس.
ولكن في جو التعصب المذهبي يمكن أن يؤدي ذلك الخلاف النظري إلى اختلاف الأمة الإسلامية وتمزقها، ولا ريب أن التعصب هو وليد الجهل ومحدودية الإدراك لأبعاد العقيدة الإسلامية الشمولية التي نزلت للناس كافة، حيث دخلها سلمان الفارسي، وبلال الحبشي، وصلاح الدين الأيوبي، والأفغاني.. الخ
ومتى وجد التعصب العنصري، وجدت معه بذرة التمزق، وأصبح من اليسير على من يريد شرا بالأمة الإسلامية أن يرويها لتكبر وتتفرع.
ولكن التعددية في الرأي مع الوعي والبعد عن التعصب ستؤدي إلى إثراء الفقه واستيعاب العقيدة وانتشارها ووحدة الأمة الإسلامية لا تفرقها، ومن علامات الجهل الذي نعيشه اليوم، التعصب القبلي والتعصب المذهبي والعنصري وبروز الطائفية على سطح الحياة السياسية في الدولة الحديثة.
إن أكبر خطر يهدد وحدة الدولة السياسية هو تمثيل الشعب في السلطات على أساس مذهبي أو قبلي، وأقرب مثال على ذلك هو ما حدث في الجمهورية اللبنانية، وجمهورية العراق كمثل عربي وما يحدث في دول أخرى في التاريخ الحديث.
والخطر يكمن بصورة أعظم إذا كان التمثيل في السلطات على أساس المحاصصة وليس الكفاءة والإخلاص للوطن، لأن الخلاف النظري سيرتفع من كونه في دائرة الحوار والاجتهاد بين المفكرين فتتردى حالة الدولة في حومة الصراع واستغلال النفوذ لإذكاء روح التمزق والعداوة في القاعدة، وتنتشر الفرقة كما تنتشر النار في الهشيم، بسبب الصراع على الحصص، ولذا يجب أن يبتعد الشعب عن اختيار ممثلين لمجلس الأمة على أساس تعصب مذهبي، أو تعصب قبلي، ولقد أدى هذا النهج في السلطة التنفيذية إلى أننا صرنا ضحية ذلك الاختيار، وما الفساد الإداري وتردي أداء معظم المؤسسات الحكومية إلا نتيجة للمحاصصة الفئوية، وما نحن فيه من ترد اجتماعي وتعليمي إلا مرده نفس الداء، رغم أننا بلد صغير نسبيا، وغني ماديا، ولكن التعصب المذهبي والقبلي ونظام المحاصصة؛ قد أجريا فينا دماء التفرقة والتنافر لدى كل شرائح المجتمع، وقد طفحت صحافتنا المحلية، وبكل أسف ببعض الكتاب ممن يدعون العلم، وهم مسربلون بثياب العنصرية والقبلية والمذهبية، مدفوعون بعواطفهم لا بتحكيم عقولهم، للرغبة في الخلاص من تلك الأمراض النفسية.
تعليقات