هل للكذب ألوان متعددة؟

محليات وبرلمان

812 مشاهدات 0


بعد أن كان الكذب ذو لون واحد بدأ يظهر بعدة ألوان وأشكال، وتدرج من اللونين الأسود و الأبيض الذي كان يقسم بهم سابقا، ليبرر أحدهم كذبته بأنها بيضاء ولم تضر أحدا ليجد عذرا له، معتقدا أن هناك كذب أسبابه وأهدافه ذو نوايا حسنة فأعطاه اللون الأبيض، أما الأسود فهو الذي يخلف وراءه الكثير من السلبيات وقد تجلب المصائب التي لايحمد عقباها، فنال هذا اللون المشؤوم.
والكذب بزمننا هذا أصبح يتشكل بعدة ألوان ويتخذ صورا كثيرة، حتى بات من الصعب اكتشافه إلا باعتراف صاحبه، وهي من المستحيلات التي تحدث أو قلة من يعترف بذلك، والسبب من جعل الكذب ذو ألوان، لأنه أصبح على مستويات مختلفة و درجات متفاوتة حسب الكذبة، وقد  أحيطت به ظروف وعوامل وأحيانا يسحب الإنسان لها مجبورا  بسبب موقف وضع به، وآخرون يلجئون له لأنه أقصر وأسهل الحلول لمشاكلهم حسب اعتقاداتهم، فتجد مثلا الزوج يكذب على زوجته لينال الراحة من  'حنتها ' المستمرة ،  والأبناء يلجئون للكذب خوفا من العقاب من أهلهم،  والموظف يكذب على مسئوله ليفلت من العقاب، على رغم أن هذا الأمر خاطئ ومخالف لشرع الله، والمرأة تكذب كي تستطيع قضاء أطول وقت مع صديقاتها خارج المنزل، وهكذا من الصور التي تدفع بالبعض للكذب.
ولكن ما الذي يدفع بالناس كي يكذبوا ويتجنوبوا قول الحقيقة، هل لأن الكذب يسهل للبعض  الطريق الذي يسيرون به في حياتهم  بينما قول الحقيقة عواقبها وخيمة؟  على الرغم من وجود راحة النفس التي يحظى بها الشخص كلما قال الحقيقة وصدق مع الناس ، و لماذا يستمع الناس للكذب الذي يقال لهم  ويقبلوا به كأنه تشجيع أكثر عليه؟ فتجد الفتاة تفرح لسماع من يمتدح جمالها الأخاذ  وذكائها اللامحدود وغيرها من الصفات التي لا تكون بها أصلا،  بينما اعتراف الشخص بحقيقة شخصيتها تجعلها تنفجر غضبا وقد يمتلأ قلبها حقدا نتيجة الصراحة التي نطقت لها حتى لو من أقرب الناس، كذلك الشاب يرفض أن ينبهه أحد على أخطائه أو ينبهه مثلا على تصرف خاطئ قام به، فتجده قد يتقبل الأمر ظاهريا وهو غير مقتنع به داخليا.
كثيرة هي الصور التي تكشف أننا نحن من نشجع على الكذب في سبيل راحتنا النفسية، فلا أحد يرغب بسماع الحقيقة لأنها مره وتظهر أخطائنا وتكشف حقائق كثيرة عنا حتى و إن قدمت بطريقة غير مباشرة، أو شرحت لنا بخصوصية لا يعلم بها أحد فهي غير مقبولة، فالأغلبية تصرح دوما أن الحقيقة والصراحة والصدق  هي ما يسعون له دوما ويعملون به، بعكس الكذب فهو منبوذ لديهم،  لكن لو جاء الكذب بألوان متعددة وأشكال جاذبة واتخذ صورا كثيرة ومسميات أخرى غير الكذب كما نسميه نحن في الكويت (ترقيع)، فبلا شك سيجده الناس أكثر قبولا من الحقيقة، ويبدؤون بتذوقه وتقبله كالحلوى، متناسين الأقوال التي يرددونها بأنهم يرفضونه، كما أن حياتنا اليومية مملوءة من مواقف تثبت أن فعلا للكذب ألوان وأشكال نحن صنعناها بأنفسنا.
الكذب كله حرام مهما تعددت ألوانه وأشكاله، ولا يلجأ اليه الا الانسان المخطئ، لأنه يعي تماما أن مافعله من أمر لايقبله الطرف الأخر، وهناك من يكون صادق بمقولته ولاكنه (يبهرها) لكي يضفى على الموضوع نكه لدى الآخرين، ولكن من كثرة كذبه قد يعيد الموضوع مرة أخرى وينسى ما أضافه بالمرة الأولى، لتجده يقع بموقف محرج جدا حين يصارحه أحدهم بكذبته، وللأسف أن هناك من يتباهى بكذبه لدى الناس، حتى قيل عنهم (فلان لاتعرفه صدقه من كذبه) فالمصارحة بقول الحقائق مهما كانت مؤلمة، أفضل كثيرا من كذب لايعود على صاحبه الا بالسيئات وتشويه صورته لدى العامة.

الآن - تقرير: نورا ناصر

تعليقات

اكتب تعليقك